أقلام

الشباب بين الحب والقناعة

السيد علي المسلم

عندي كلام كثير حول هاذا العنوان مما لا يمكن املاؤه كله بل ولا يمكن استقصاء جله لكن من باب ما لايدرك جله لا يترك كله أقول:
من المعلوم لدى البشر كلهم ممن أدرك سن الزواج إن هناك انجذاباً من الذكر تجاه الأنثى وكذا العكس.
وكل واحد منهم يدرك حاجة ملحة عنده للطرف الآخر ولا يرى حياته تكتمل ونفسه تطمئن إلا بذلك.
ويبذل كل إنسان جهده في تحصيل ذلك ويمكن ملاحظة اهتمام الإسلام بذلك من خلال القرآن الكريم والروايات الشريفة كما يمكن مراجعة خبراء علم النفس.

وبغض النظر عما تقدم فإن الناس تعبر عن هاذا بالحب وللناس فيه تلميحات وتصريحات وتعبيرات لايمكن استقصاؤها ولا نريد الخوض فيها.

إنما نريد الكلام عن واقع مايسمى حبا وشوقا هل يبقى كما هو من أول تلك العلاقة الزوجية إلى آخر العمر أو منتصفه أو دون ذلك أو أقل؟! أو ماذا يحصل؟ وكيف يتغير ويتبدل؟

الواقع الذي نرصده بين الناس أن علاقة الذكر بالأنثى يرتبط بحاجة كل منهما للآخر فما إن تنعدم الحاجة أو تضعف إلا وانعكس الأمر على تلك العلاقة فيبدأ البرود والفتور في العلاقة وتبدأ الأنثى ترصد ذلك وتسجله ضد الذكر بما لا يمكن تخيله من الرصد بسبب قوة جهاز الإستشعار الذي زودها رب العالمين به.
وأعتقد أن من الصعوبة البالغة التصديق بوجود علاقة لا يحصل فيها ذلك النوع من البرود والفتور أيا كانت درجته خفيفاً أو شديداً المهم يصعب استثناء أحد من هاذا الأمر
وبمجرد أن تصل المعاشرة بين الزوجين إلى شيءٍ من ذلك الفتور يبدأ عامل الخطر يتشكل ويدعمه ويقويه شيئان يغفل عنهما معظم الناس فيصلون إلى ما لا يطيقون من الهم والغم وتغير في صفو العيش.

أول ذينك الشيئين : هو النفس الأمارة بالسوء التي تحث الإنسان على القسوة وتنسيه الرأفة والرحمة ووجوب رد الإحسان لمن أحسن والتجاوز على من أخطأ كما تحثه على الجشع في طلب شهواتها وملذاتها بدون حدود.
وتلك النفس هي التي أمرنا بجهادها وجعل جهادها أفضل من الجهاد بالسيف.

وثانيهما: عدو البشر إبليس الذي يساعد النفس الأمارة على تزيين الفحش والفحشاء والسوء والقسوة وإلباس السوء لباس التقوى وإلباس السوء والأخلاق السيئة من التعصب والتكبر لباس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك.

وإذا سلم الإنسان زمامه لنفسه الأمارة بالسوء وأعانت إبليس عليه فسيكون عبدا لشهوة بطنه وفرجه وسائر مظاهر هاذه الدنيا وزخارفها وخلط بين حرامها وحلالها وحينئذ يموت قلبه فلا يشعر بذنب ولا يندم على سوء فعل.

فإن وصل لتلك هل يمكنه حفظ حق أحد زوجاً أو غيره؟’ وهل يمكن أن نعول عليه في إصدار حكم عادل؟! وهل ستبقى شعلة الحب المدعاة تجاه زوجه كما هي ؟

مصير الإنسان سيصل إلى هاذه الحاله مالم يكن مجاهدا لنفسه وملزما له بالأخلاق الحسنة ومذكرا لها بالعبودية لله سبحانه التي تفرض عليه أن تكون إرادته تبعا لإرادة مولاه فيما يحب ويبغض وما يريد أن يفعل ويترك في السر والعلن.

والخلاصة من كل ذلك مالم يوفق الإنسان لمراقبة نفسه وتهذيبها لم يقنع بما رزقه الله من وظيفة ولم يقنع بما أعطاه الله من زوجة وأولاد وسيضحي بهم من أجل نزواته وشهواته.

فالحب إن انتهى بعد الفتور إلى القناعة والرضا بما قسم الله والحمد والشكر على ما أعطى كان لله رضى وكان صاحبه محط العناية الالهية وبذلك يكون فائزا ومفلحا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا متى الله بقلب سليم ونعم القلب السليم الذي يرضى بما قسمه الله له وما أعطاه ويحمده ويشكره على ذلك.

ويساعد على ذلك تجاوز الإنسان من العمر ال٣٠ سنه حيث يتخلص من المناظر الخيالية للدنيا ومافيها ويبدأ في تصور الأمور على حقيقتها وأبعادها وتأثيراتها الخارجية الملموسه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى