بشائر المجتمع

المساجد تنعى سيد الشعائر من أحسائها حتى قطيفها

مالك هادي – الأحساء

في الجمعة الحزينة التي تعتبر الأولى منذ رحيل العلامة السيد محمد علي نجل السيد هاشم العلي السلمان صدح أئمة المساجد في مدن الأحساء والدمام والقطيف بتناول جنبات هذه الشخصية الربانية ومن زوايا متعددة.

ففي الأحساء نعى إمام جامع الإمام الحسين بحي الخرس سماحة الشيخ اسماعيل الهفوفي العلامة العلي وعبّر عنه بأنه مثل للعالم الرباني الذي ساهم في صيانة الدين في المجتمع.

وذكر جانبا من خصاله فقال: لقد خدم ونفع أبناء المجتمع، فكان له في كل واد سنبلة من سنابل الخير، كما أكد على أنه له لمسات طاهرة، فقد كان مخلصاً في عمله، ومتفانياً فيما يقدمه.

وفي حديثه عن الراحل أشار الهفوفي إلى أن العالم ليس هو الذي يراكم النظريات، ويطّلع على الأقوال، ويتفنن في استخراج المعارف منها، إنما العالم هو الذي إذا نظرت إليه ذكرك بالآخرة، فيكون طريقاً إلى الحق، كاشفاً عن الحقائق، وأن الفقيد تحقق فيه هذه المعنى.

وفي مسجد آل الرسول، نعى سماحة السيد هاشم السلمان الفقيد الراحل وقال: بفقده فقد الناس العالم الرباني الموالي العابد التقي الورع.

وتعرض السلمان إلى مآثر الراحل وأدواره من أربع زوايا:

الأولى- الزاوية العلمية: فوصفه بأنه فارس هذا الميدان، وأنه من الشخصيات المحبة للعلم، فبدأ الدراسة الحوزوية وله من العمر 11 سنة.

وذكر أن للراحل مجموعة مؤلفات في مجال الفقه والأخلاق والعقيدة، بالإضافة إلى عدة دواوين شعرية في أهل البيت عليهم السلام.

الثانية- الزاوية العبادية والروحية: فوصفه بأنه كان عابداً، فقال: لا تجده إلا ذاكراً لله، قارئا للدعاء والقرآن بكثرة، حريصا على الابتعاد عن الرياء، وأنه كان بكاء ليلاً، كما كان مواظبا على صلاة الليلة.

الثالثة- زاوية الولاية لأهل البيت عليهم السلام: وأنه كان متمسكاً بهم عليهم السلام قلباً وروحاً وعملا، وقال السلمان: لقد تفانى في حبه لهم، وعبر عن هذا الحب بأعماله التي قدمها.

الرابعة- كانت له رعاية خاصة بالفقراء والمحتاجين والأيتام.

وفي قرية الحليلة بالأحساء في جامع الإمام الحسين، عبر سماحة الشيخ عبدالجليل البن سعد عن هذه الحادثة المؤلمة بتجدد اليتم الروحي، فقال: إن المجتمع الذي يتعامل مع فقد علمائه بالأسى والألم، وكل التفاعلات الاجتماعية، التي من خلالها يظهرون ويبرزون مكانة العلماء هو المجتمع اليتيم حقاً.

وفي إشادة للتشييع المهيب للراحل السلمان وصف البن سعد هذا المشهد بأنه لوحة جميلة رسمها المجتمع، وهي لوحة وفاء للفقيد الراحل.

ووصف سماحته السيد العلي بأنه ممن يلفت الغير بجديته وحرصه واهتمامه بذكر الله، ومن خلال صبره وتحمله الكبير.

وأكد الشيخ البن سعد بأن مما يميز العلامة الراحل هو تقديسه للدعاء بشكل ملفت، حيث أسس للدعاء مجالس أسبوعية وموسمية، كإحياء ليالي القدر.

كما اهتم بإحياء بعض الأدعية كدعاء السمات، إذ كان يعقد له مجالس في بعض القرى، حتى أصبحت ظاهرة منتشرة في المجتمع. ودعاء الفرج للإمام الحجة عليه السلام، فكان يؤكد على الخطباء أن يختموا مجالسهم بهذا الدعاء ثلاث مرات متتالية.

ومن تفاعله مع ظاهرة الدعاء، ذكر الشيخ البن سعد بأن السيد الراحل كتب بقلمه كتاباً حول مجرباته مع حديث الكساء، في قضاء الحوائج وتفريج الكربات.

وواصل سماحته الحديث عن العلامة العلي وسجاياه، وأكد على أنه كان يعظّم الإطعام باسم أهل البيت (البركة)، ويهتم بنشر ثقافتها وترسيخها في المجتمع، كاهتمامه بمجالس الحسين، وقراءة مناقبهم (سلام الله عليهم)، وقضاء حوائج الناس لتحقيق ذلك.

وختم حديثه بتأكيده على أن السيد العلي كان يعتد بانتمائه للإسلام وللمذهب وللحوزة العلمية.

في المسجد الجنوبي بقرية أبي الحصى أشاد سماحة الشيخ أمجد الأحمد بالعلامة الراحل، كونه عنواناً وقدوة لتزكية النفس، ملفتاً النظر إلى أن الوظيفة الحقيقبة للعالم هي أن يعمل على تزكية النفوس، بعد أن يزكي نفسه، وهو ما كان يقدمه السيد العلي (قده) فقال: “كان يهذب نفسه قبل أن يهذب الآخرين، وربى نفسه قبل الآخرين”.

وتأكيدا على الأدوار التي قدمها سماحة السيد الراحل ذكر الشيخ الأحمد دوره في تأسيس الحوزة العلمية في الأحساء، وحرصه على إحياء مناسبات أهل البيت عليهم السلام، أفراحاً وأتراحاً، وكتابة الشعر في المناسبات الدينية.

وألفت الشيخ أمجد إلى أن ما يميز الفقد (قده) عاطفته الواعية تجاه أهل البيت عليهم السلام، إذ وقف في وجه بعض العادات الخاطئة، التي تمارس باسم الدين، كقراءة (حلال المشاكل).

وأسهب الشيخ الأحمد في حديثه عن الراحل، فذكر بأنه كان جريئاً في طرح رأيه، وفي الاختلاف والحوار كان عفيفاً في لسانه، مع من يتهمه وينال منه، واسشهد بأبيات نظمها (قده) ردا على بعض من اتهمه في عقيدته:

قد طهرنا وعفّ منا اللسان * وزكونا فطاب منا البيان

وبعدنا عن القبيح من القول * حمانا عن مثله الإيمان

ولنا بالهداة خير تأس * لا يُرى في قلوبها أضغان

ومن محافظة القطيف نعى سماحة الشيخ عبد الكريم الحبيل في مسجد الخضر بتاروت رحيل العلامة السيد محمد علي العلي، ووصف الحدث بالفاجعة بفقد علم من أعلام العلم والفضيلة، ومن أعلام الورع والتقوى.

وأشاد سماحته بأسرة سادة السلمان، ودورها في الإصلاح الاجتماعي والديني فقال: “أسرة أخذت على عاتقها تحصيل العلم، وتربية أبنائها عليه، وعلى الفضل والفضيلة، وأخرجت جمعا كبيرا من العلماء والفضلاء والأجلاء، الذين نفع الله بهم البلاد والعباد، وشيدوا كلمة الحق، وبلغّوا الدين الحنيف، وعلّموا الناس معالم دينهم.

وذكر الشيخ الحبيل أن الراحل كانت له يد في تأسيس الحوزة العلمية في الأحساء، وأنه رأسها لفترة من الزمن، وساهم في وضع البرامج والخطط الدرسية فيها، حتى أصبحت صرحا علميا ينهل منه طلبة العلم والفضلاء والعلماء.

وأخيرا في مسجد الإمام المرتضى بالأحساء في حي النزهة تقدم سماحة السيد محمد رضا بن السيد محمد علي العلي السلمان بكلمة للحشود التي شاركت في تشييع جثمان والده فقال: “هذه القلوب التي اندفعت بكل أحاسيسها، وبكل ما لديها من جميل وعرفان، إنها لتؤكد على صدق المحبة والإخاء، وعلى أبوة السيد الوالد. ولقد رسمت مشهدا للعاطفة التي تلاقت أيديها حول جثمانه، تودعه بحسرة وأسى.

وفي كلمات قلبية قال سماحته: إني أقرب إلى أحاسيس أبي، وأعرف نبعه الخلقي وفيضه المحمدي، فهو لا يستطع أن يسمع عن حسرة مسكين، ولطالما رأيته يتحسر على الفقراء، ويذوب عاطفة عليهم.

وبالشكر والعرفان تقدم السيد نجل الراحل للمؤمنين قائلا: أقدم كلمات الشكر والعرفان لكم، وأشكر هؤلاء الذين دفعتهم عواطفهم وذكرياتهم مع الفقيد للمساهمة بالحضور وبذل المال، وأشكر القائمين على تشكيل هذه اللجان بكل إخلاص، والعلماء الذين تحملوا العناء بالمشاركة في التشييع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى