بشائر المجتمع

الشيخ الموسى: الصهيونية تسخر بالإسلامِ لتزلزِل قناعاتِ المسلمينَ

مالك هادي – الاحساء

“فليسَ للإنسانِ أنْ يُسيءَ إلى أخيهِ الإنسانِ بقولِ كلماتٍ تُسي‏ءُ إلى كرامتِهِ أوْ تؤذِي مشاعرَهُ، سواءٌ كانَ ذلكَ مِنْ خلالِ مضمونِها، أوْ مِنْ خلالِ طريقةِ قولِها، أوِ استخدامِ الإشارةِ بأسلوبٍ يُوحِي بالإذلالِ والانتقاصِ”. بهذا التوجيه افتتح سماحة الشيخ عباس الموسى إمام مسجد الإمام الكاظم ببلدة العمران خطبة الجمعة لهذا الأسبوع.

وأكد الشيخ الموسى بأن الإسلامُ يتحركُ في اجتثاثِ جذورِ الشِّقاقِ الاجتماعيِّ بالنهيِ عنِ السخريةِ بالآخرينَ، التي يمارسُها بعضُ الناسِ ضدَّ بعضِهِمُ الآخرِ، لشعورِهِمْ بالتفوّقِ عليهِمْ في بعضِ الصفاتِ، أوْ في بعضِ الأفعالِ، أوْ في بعضِ المواقعِ العامةِ والخاصةِ، مما يتفاضلُ بهِ الناسُ في درجاتِهِمْ وأوضاعِهِمْ.

وأشار سماحته إلى أن القرآن الكريم يلفِتُ نظرَ الساخرِ إلى أنهُ إنْ كانَ يَفْضُلُ على الآخرِ بصفةٍ، فقدْ يكونُ أقلَّ مِنهُ درجةً بلحاظِ صفةٍ أُخرى، ولعل الشخصُ الذي يسخرُ منهُ يكون أرفع منه شأنا في الدنيا والآخرةِ، ويكونُ مقرَّبًا مِنَ اللّهِ، فيكونُ قدْ سخِرَ ممنْ هوَ خيرٌ منهُ. ووجه إلى ضرورة أن تكون النظرة شاملة، وقائمة على معايير صحيحة لتفضيل شخصٍ على آخر، أوْ جماعةٍ على أُخرى.

وفي بيان المرادُ من السُّخريةِ قال (الموسى): هو فِعلُ أوْ ذِكرُ ما يقتضِي امتهانَ الآخرِ وتحقيرَهُ والاستهزاءَ بِهِ.

وتعرض سماحته إلى مجموعة من الأمثلة الواقعية لظاهرة السخرية والاستهزاء، فشجب الاستهزاء بالمرضى النفسيين، والضحك عليهم، والسخرية بالمتدين الذين لا يقبَلُ بغيبةٍ، أوْ لا يقبلُ بموسيقَى أو غناءٍ، فيقالُ لهُ: صِرتَ متدينًا؟! أوْ أنتَ مِنْ جماعةِ فلانٍ؟!

ووضح الشيخ الموسى أن السخريةُ والاستهزاءُ بات الیومَ لا حدودَ له؛ فتارة يكون الاستهزاءٌ بالعقائدِ، وتارة بالعباداتِ، وتارة بالأشخاصِ وخصوصًا المؤمنينَ، في مختلفِ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ.

وحذر الموسى مما نواجهه اليومَ من حربًا عقائديةً وفكريةً وأخلاقيةً ومنهجيةً، لا يمكن إدراكها إلَّا بملاحظةِ ما يُحاكُ لنا مِنْ قبل الصهيونيةِ وغيرِها. واستشهد ببروتوكولاتِ صهيون، الذي جاء في أحدُ بنودِهِ: (قدْ عنِينا عنايةً عظيمةً بالحطِّ مِنْ كرامةِ رجالِ الدينِ مِنَ الأمميين (غيرِ اليهودِ) في أعينِ الناسِ، وبذلِكَ نجحْنَا في الإضرارِ برسالتِهِمُ، التي كانَ يمكنُ أنْ تكونَ عقبةً كئوداً في طريقنا، وإن نفوذ رجال الدين على الناس ليتضاءل يوماً فيوماً).

وعلق قائلا: “مِنْ هذا البروتوكول نلاحظُ أنَّ السّخريةَ واحدةٌ مِنْ أبرزِ الوسائلِ التي يعتمدُها المناوِئُونَ للإسلامِ، مِنْ أجلِ أنْ يَصنعُوا حاجزًا بينَ النَّاسِ وبين الدّخولِ في هذا الدّينِ. كما أنَّهُم يمارسونَ السّخريةَ بالإسلامِ وتشريعاتِهِ مِنْ أجلِ أنْ يُزلزِلوا قناعاتِ المسلمينَ بدينِهِمْ”.

ومنَ المؤسِفِ أنَّ هذِهِ الوسيلةَ ساهمَتْ في تخلِّي الكثيرِ مِنْ بسطاءِ المسلمينَ عنْ بعضِ معتقداتِهِمْ أو شعائرِهِمُ، التي أوصَى بِها الإسلامُ، وذلكَ حتَّى لا تَصْدُقَ عليهِمْ سخرياتُ الْمُناوِئِينَ للإسلامِ.

وفي حديثه عن تطور ظاهرة السخرية التي طالَتِ العلماءَ قال بأنها امتدَّتْ حتى للمعصومينَ (ع)، فيقولونَ: كيفَ لنا أنْ نصدِّقَ بأنْ الإمامُ المهديُّ يعيش ألفًا وأربعَمِائةِ سنةٍ، وأينَ هوَ؟ هلْ شُغْلُنا الشاغلُ انتظارُهُ وهو جالِسٌ متَّكِئٌ في غيبتِهِ؟!

ثمَّ تتطورُ المسألةُ لتصِلَ إلى بعض شعائِرِ الدينِ والمذهبِ، فيقولونَ: ما فائدةُ هذهِ الحركةِ المليونيةِ للإمامِ الحسينِ (ع)، إنْ هوَ إلَّا مشيٌ لا فائدَةَ فيهِ! هلَّا صنعتُمْ جهازًا إلكترونيًّا؟ هلَّا صنعتُمْ ما يخدِمُ البشريةَ؟

وبيّن (الموسى) أن هؤلاء لا يكتفون بالتشكيكِ والتوهينِ مِن عقائِدِنا وقِيَمِنا ومبادِئِنا، لكن يزيدون عليه التفَكُّهَ والتندُّرَ والضَحِكَ، وتسائل عن الدافع للسخريةِ بالأشخاص وبالدين؟
وأجاب قائلا: “هو من جهة ينظُرُ لنفسِهِ بأنَّهُ متميزٌ عنِ الآخرينَ، وينظرُ للمؤمنين بعينِ الاستعلاءِ والفوقيَّةِ، فيمتهِنُهُمْ ويَسخَرُ منهُمْ، ومن جهة أخرى يجدُ نقصًا في نفسِهِ، ويرى تفوقهم عليهِ في جهات أخرى، فتتحرك في داخلِهِ نوازِعُ الحقدِ والحسدِ فيبدأُ بنسب العيوبِ إليهم وإبرازها بالسخريةِ”.

وفي ختام حديثه أكد سماحته أن الوعي الحقيقي والوعيرالديني والوعي الإنساني يدعو إلى احترام الآخرينَ، مهما كانَتْ هُوةُ الاختلافِ بينَهُمْ، وحتَّى معَ فرضِ عدمِ الإيمانِ بعقيدتِهِ أوْ عبادتِهِ أو سلوكِهِ، وأن هذا الوعيُ بحدِّ ذاتِهِ يحرِّكُنا باتجاهِ الابتعادِ عنْ هذِهِ الظاهرةِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى