بشائر الوطن

أكاديميون: الأحساء تعج بالعلماء والفقهاء والمحدثين

في ندوة متخصصة نظمها مهرجان واحة الأحساء ..

بشائر: الأحساء

أكد أكاديميون سعوديون “متخصصون” في التاريخ، أن الأحساء، كانت تعج بالعلماء والفقهاء والمحدثين، واحتلت علوم العربية والحديث مكان الصدارة بين العلوم، وشهدت الأحساء في الفترات التاريخية السابقة، نشاطاً علمياً وأدبياً واسعاً، وانتشار المدارس الشرعية في الأحساء، حيث بلغ عدد المدارس في منتصف القرن الرابع عشر 28 مدرسة شرعية موزعة بين مدينتي الهفوف والمبرز.

جاء ذلك، خلال ندوة علمية متخصصة، حملت عنوان: “رجالات الأحساء – رحلة توثيقية”، ضمن فعاليات مهرجان: “واحة الأحساء”، بتنظيم من هيئة التراث، ومحافظة الأحساء، وبالتعاون مع نادي الأحساء الأدبي، وذلك على خشبة مسرح الخيالة في متنزه عين نجم بمدينة المبرز التابعة للأحساء، بحضور رئيس نادي الأحساء الادبي الدكتور ظافر الشهري، وحشد من المثقفين والمثقفات من داخل وخارج الأحساء

بدوره، أشار عضو هيئة التدريس في جامعة الملك فيصل بالأحساء الدكتور عبدالرحيم آل الشيخ مبارك، في ورقته خلال الندوة، إلى أن الأحساء تعد من المناطق المهمة في جزيرة العرب قديماً وحديثاً، وقد حباها الله من خيرات ونعم، ومن أهمها وفرة المياه والينابيع التي كانت تنعم بها منذ القدم، ولاشك أن خصوبة الأرض ووفرة المياه كانتا من أهم العوامل التي جعلتها من أكبر الواحات الزراعية، وأشهرها، أما أهميتها في الوقت الحاضر فيكمن في أن في باطنها أكبر حقل نفط في العالم ألا وهو حقل “الغوار”، كذلك تميزت بموقع استراتيجي متميز، فهي قريبة من الخليج العربي، وفيها ميناء العقير “الشهير”، الذي كان يستقبل البضائع من الشرق وتنقل منه براً إلى مختلف المناطق في جزيرة العرب، علاوة على وقوعها على الطريق البري، الذي يربط دول الخليج بالمملكة العربية السعودية.

كما أوضح آل الشيخ مبارك الى أن بروز عدد كبير من رجالات الأحساء في كافة التخصصات، ليؤكد على ازدهار الحركة العلمية بها، وأن تاريخ الأحساء يرتبط ارتباطاً وثيقًا بتاريخها الفكري والاقتصادي، وأن ذلك لفت أنظار المناطق المجاورة اليها وخصوصا في الناحيتين الفكرية والاقتصادية، موضحًا أن الأحساء تمتاز بوفرة العلماء في كل الميادين في البلاغة والفصاحة والشعر والأدب والخطابة كأمثال: عمرو بن قميئة، وأوس بن حجر، وطرفة بن العبد البكري، وجرير بن عبد المسيح الملقب بالمتلمس، والمثقب العبدي، وزياد الأعجم، و الجارود بن بشر، وصعصعة بن صوحان، وصحار بن عياش العبدي، وكان للأحساء مواسم أدبية تعقد سنويًا على غرار سوقي عكاظ وذي المجنة، ومن أشهر الأسواق في الأحساء سوق هجر، وتسمى أحيانًا بالمشقر وكانت تنعقد في جمادى الآخرة من كل سنة هجرية.

قال آل الشيخ مبارك: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشرت دعوته الكريمة في أنحاء الجزيرة العربية، وجد هذا الدين الحنيف طريقه سريعاً إلى قلوب سكان هذه البلاد وتشبعت به أفكارهم من خلال جذور ثابته لدعوات الرسل، فأخذ الإسلام طريقه للقلوب فدانت له بغير حرب، وحديث وفد عبد القيس على الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة مشهور عند الإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم من المحدثين والمؤرخين وأصحاب السير، حتى أنه ليؤثر أن ثاني مسجد أقيمت فيه الجمعة في الإسلام بعد مسجد الرسول بالمدينة هو مسجد جواثى في الأحساء. أما في العهد العباسي الأول.

وأشار الى أن الأحساء شهدت في عهد الدولة العيونية نشاطاً علمياً و أدبياً و اسعاً، و على الرغم من ندرة المعلومات المتعلقة بهذه الفترة الاّ أن كثيراً من المؤشرات بينت المكانة التي وصلتها الأحساء في هذا العهد. حيث شجع أمراء الأسرة العيونية الأدباء والشعراء و أجزلوا لهم العطايا هذا في الوقت الذي كان يتردد فيه الكثير من شعراء العراق واليمامة على الأحساء. وفي أواخر القرن السادس الهجري نبغ في الأحساء شاعر عربي فحل، ذلك هو الأمير جمال الدين أبو عبدالله علي بن المقرب المتوفى سنة 629هـ ، صاحب الصيت الذائع و المواقف البطولية الرائعة، لافتاً إلى أن الدولة الجبرية، شجعت على استقطاب العلماء إلى الأحساء، مما ساعد على ازدهار الحياة العلمية بها، وخصوصًا في النواحي الدينية.

من جهته، تحدث عضو هيئة التدريس في كلية الآداب بجامعة الملك فيصل بالأحساء الدكتور علي البسام، في ورقته خلال الندوة، عن الشيخ الوجيه محمد بن عبدالعزيز العجاجي، وهو من مواليد عام ١٢٩٢هـ، ودرس على يد الكتاتيب القراءة والكتابة، وعمل في التجارة من والده، وبعد وفاة والده اكمل مشوار التجارة ونمت تجارته كثيرا، وقد كانت له علاقه مميزه مع الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ومحل ثقته والملك سعود والملك فيصل وأمراء الاحساء بدءاً من الأمير عبدالله بن جلوي والامير سعود بن جلوي والامير عبدالمحسن، كلفه الملك عبدالعزيز بالإشراف على أعمال ادارة بيت المال والجمارك، وترأس المجلس البلدي، ومتابعة أعمال البلدية وكانت له اسهامات مهمة في دعم الحياة العلمية بالمساهمة بشراء البستان المحيط بالمدرسة الاميرية وكانت له أعمال جليلة عادت على الاحساء والوطن بالنفع.

وتناول عضو هيئة التدريس في جامعة الملك فيصل بالأحساء الدكتور سطام الوهبي، خلال ورقته في الندوة، اثنين من رجالات الأحساء، وهما:
• الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن الملا، وكانت الأحساء في تلك الفترة بلد العلم، وتزخر بعدد من العلماء، وقد أثر ذلك في وجود نهضة علمية كبيرة في الأحساء، وظهر صداها بشكل كبير بعد دخول الملك عبدالعزيز، فازدهرت النهضة العلمية بشكل أكبر، وللشيخ جهود من النواحي العلمية والفكرية، واستمر في التدريس في مدرسة القبة الواقعة بجوار قصر إبراهيم، وهو في عمر الـ 19 سنة، وهذا يدل على تميزه ونبوغه بين أقرانه في المجال العلمي، وكان يزوره العديد من داخل الأحساء وخارجها من أجل أخذ العلم عنه، وتولى مهام القضاء والإفتاء في الأحساء.
• الشيخ محمد بن عبدالله آل عبدالقادر، تميز بأنه متعدد المواهب والإمكانيات، ويظهر ذلك من المهام الموكلة إليه وصفاته المتعددة، فقد كان إماماً وخطيباً وقاضياً ومدرساً وباحثاً وشاعراً ونسابة ورئيس أول مجلس للمعارف بالأحساء، ويعود ذلك إلى الجو العلمي السائد في الأحساء في تلك الفترة، وقد حضل على قدر وافر من العلم أهله لأن يقوم الملك عبدالعزيز، بتعيينه قاضياً في المبرز، فكان خلال عمله محل تقدير أمير الأحساء الأمير عبدالله بن جلوي آل سعود، وكان يقوم بالتدريس في مدرستي الجبري والعتبان، ويتفرغ للبحث.

أوضح رئيس نادي الأحساء الأدبي الدكتور ظافر الشهري، عشنا في الندوة مع ثلاثة من المتخصصين في التاريخ، ضمن برامج مهرجان واحة الأحساء الذي يقام برعاية كريمة من سمو محافظ الأحساء الأمير سعود بن طلال بن بدر آل سعود، وقد أفدنا كثيرا مما طرحه المشاركون في الندوة من معلومات جاءت ثرية ومنسقة عن رجالات الأحساء – هذا الجزء الغالي من وطننا الكبير- الذين عاشوا كراما علماء فيّ مجالات الفكر والشريعة والآداب والزراعة والحرف، فكانوا نماذج مشرفة صنعت مستقبل هذه الأجيال الحاضرة.
وذكر، أن فعاليات مسرح ” الخيّالة “، التي تقام بالشراكة والتعاون الوثيق بين هيئة التراث ونادي الأحساء الادبي قد روعي فيها أن تكون متماهية مع ذوق المجتمع الأحسائي وأن تغوص في عمق التراث الأحسائي وتستمر حتى ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٢م في تعاون غير مسبوق بين هيئة التراث والنادي الأدبي، وأقدم الشكر لهيئة التراث ممثلة برئيسها النشط الأستاذ محمد المطرودي الذي يقف خلف هذه النجاحات الكبيرة آملًا أن يستمر هذا التعاون بين الهيئة والنادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى