أقلام

سامحوني

كلمة رائعة وجميلة لمن صدرت منه هذه الكلمة بحق أحبابه وأقربائه ومن له صلةٌ بهم، حيث إنها ليال معدودة وتأتي ليلة القدر المباركة وستكثر هذه الكلمة ومرادفاتها في وسائل التواصل، من قبيل: (أسألكم براءة الذمّة، المعذرة لو صدر منّا شيء، سامحوني … إلخ)، والأجمل من هذه الكلمة أن يكون صاحب الكلمة صادقاً مع نفسه ومن تُوجَّه وتُرسل له هذه الكلمة؛ لأن من يستقبل الكلمة قد يكون فؤاده تعرّض لجُرحٍ غزير من المُرسِل، نتيجة موقف ما، أو سوء فهم ونحو ذلك، ولم تتم معالجة الوضع، علماً أنه لا تخلو علاقة من وجود سوء فهم؛ لكن!! هل تمت معالجة الأمر؟ أم هل من يقول (سامحوني) له نيّة إصلاح ما صدر منه تجاه صديق أو زوجة أو قريب؟! أم أنها عادة تعوّدت أناملنا على كتابتها في وسائل التواصل لمعايشة أجواء ليلة القدر وفقط!!

لذا أقول: حريٌ بمن يتعاطى مع هذا المصطلح أن يعالج كل ما يتذكره، وما صدر منه بحق الآخرين من خدشٍ ما حصل في علاقةٍ من علاقاته، وأن يكون جريئاً وصريحاً مع نفسه فيما إذا كانت له نيّة في إجلاء الضبابيّة الجاثمة على تلك العلاقات، وإلا فلا داعي أن يُرسل عبارة (إبراء الذمّة) لكل الأسماء المضافة لديه في وسائل التواصل الاجتماعي، كي لا يغشَّ نفسه على حساب المجاملات.
وبما أننا في أوائل ليالي شهر رمضان المبارك – نسأل الله صيامه وقيامه – أن يبدأ الإنسان من الآن في معالجة تلك العلاقات التي غيّر الزمان معالمها من جيّد إلى سيء، أو من اتصال إلى انفصال دون أن يتلكأ أو يُكابر، كأن يقول في نفسه (هو من أخطأ/أخطأت فعليه أن يبادر) أو شيء شبيه لهذا التفكير، نعم .. هناك بعض المواقف التي يحصل فيها سوء فهم تكون أحداثها واضحة، ولا يستطيع المبادرة لظروف معقدة تحيط بالعلاقة المتوترة، لكن الحديث حول التواصل المتردد والعلاقة التي يشوبها شيء من الضبابية والتي بحاجة إلى مبادرة أحد الطرفين في إصلاح الوضع، فإن في ذلك تسديد إلهي فيمن يبادر وله نيّة الإصلاح (إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما).

قد لا يعلم الإنسان متى يرحل الطرف الآخر عن هذه الدنيا، لذا عليه أن تكون مبادرته في المعالجة صادقة قبل فوات الأوان، ويستعد لردود الفعل المختلفة، فكلما اتّسع زمان الخلاف زادت الظنون غير الصحيحة، وتراكمت الأحكام المتضاربة، بينما ذلك الخلاف لا يستحق كل هذه الجفوة الوهمية عند أحد الطرفين، ثم إن السعي في إصلاح ما شوّهته الأيام والليالي دلالة على عمق المحبة التي يحملها الطرف الأوّل للآخر والعكس. وحريٌ بأن تكون المبادرة ليس كإلقاء حُجّة وإدانة للطرف الآخر بقدر ما هو تقدير وإجلالٌ لمن شاركك مشاعره ووقته وشيئاً من حياته بكل تفاصيلها.
وختاماً أقول: أسألكم براءة الذمّة، ومن له حقٌ فليتواصل معي .. فربما صدرت منّي إساءة بحق شخص بغير قصدٍ، فأن أُحاسب في الدنيا خيرٌ لي من تأخري على الصراط يوم المحشر. أسأل الله عز وجل أن يصلح كل خلافٍ حاصل في علاقة مضطربة، وأن تمضي ليالي الشهر المبارك عامرةً بالدعاء والعبادة الخالصة لله عز وجل إنه سميع مجيب.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. أصبت ..يجب أن يكون صادقامع نفسه من تصدر منه هذه الكلمة و يجب عليه عقد العزم على عدم تكرار الاخطاء

  2. جميل جدآ ما تفضل به الكاتب .
    نحتاج ان نكون بميدان العمل والتطبيق لا فقط ميدان مجرد القول فقط .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى