أقلام

إيحاءات قرآنية ٦

سيد أمير العلي

الصبر من أهمّ المفاهيم الحيوية التي أكّدها الإسلام، واعتبرها من الصفات المميّزة للمؤمنين.

وهو لا يعني الاستسلام أمام الأقدار، بل إذا أردنا أن نختصره في تعريف فسنرى أنّ الصبر هو التوازن النفسي، والتعامل مع ظروف ومتغيّرات الحياة بواقعية إيمانية، لا تلغي الالتفات والاهتمام التامّ بالقوانين المادّية، التي تحكم حركة الطبيعة والإنسان، لكنّها تجعل للغيب موقعاً راسخاً في معادلات الحياة.

النقطة الجديرة بالتأمّل هنا هي أنّ المدد الغيبي الإلهي له شروطه، والصبر أحدها؛ فالله سبحانه مع الصابرين، كما يؤكّد القرآن الكريم في آيات عديدة. ولأنّ الصبر هو الواقعية الإيمانية فله مستويات متفاوتة، متناسبة مع واقعية الإنسان والجماعة وإيمانهما؛ فكلّما ازداد انفتاح الإنسان على معرفة أسرار الكون والحياة في شتّى المجالات، وتنامى إعداده لأسباب القوّة في شخصيته وفي مجتمعه، وتزامن ذلك مع اشتداد قوّته الإيمانية، فإنّه يترقّى في درجات الصابرين، ويتأكّد استحقاقه للمعونة الإلهية.

ولا يصحّ للإنسان المؤمن أن يتوقّع استمرار التأييد والتسديد من الله تعالى بنفس الدرجة، إذا تراجع في اعتنائه بتنمية واقعه، أو انحسر حضور إيمانه بمدد الله وقدرته، التي لا تقف أمامها أيّ قدرة، مهما علت واستكبرت.

(الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا،فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ،وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ،بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)

سورة الأنفال؛ الآية٦٦.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى