أقلام

الديون (القروض بفوائد): هل هي الحل؟

د. عبدالجليل الخليفة

الديون (القروض بفوائد): هل هي الحل؟ ظل الضائقة المالية الشديدة على الشركات و الأفراد، يراود البعض سؤال مهم و هو: هل الديون (القروض مقابل فوائد)، هي الحل المطلوب؟

الجواب:
لا، ليست هي الحل، بل هي الطريق الى المزيد من المشاكل مستقبلا.

و السؤال لماذا؟
الجواب:
عالميا: الفوائد على القروض تتراكم لأنها تعادل ضعف معدل النمو الاقتصادي. هذا مايفسر تضاعف الديون العالمية عاما بعد عام.

على مستوى الشركات: تتعرض الشركات الى سيل من القروض السخية في سنوات الرخاء باغراء النمو و التوسع و الكلفة المنخفضة للديون، هذا مايسيل لعاب إدارة الشركات فتقدم على الاقتراض بصور مختلفة كسندات او قروض لأجل محدد مقابل رهن المبيعات او مقابل تحويل السندات المستحقة مستقبلا الى اسهم يملك فيها الطرف المقرض جزءا من الشركة المقترضة. و في أغلب الأحيان، تقترض الشركة و توسع نشاطها في سنوات الرخاء، و لكن حين تدور عجلة الزمن و يتعرض الاقتصاد الى انكماش شديد و تقل السيولة المالية، و تنخفض قيمة الاصول المرهونة، تنخفض معها قيمة الشركة السوقية و تتعرض الشركة المقترضة الى خيارات الافلاس او تكون عرضة للاستحواذ من قبل المقرضين الاساسيين او الشركات الكبرى بأزهد الأثمان. و الخاسر الرئيسي هو المستثمرين الصغار الذين أعطوا ثقتهم بإدارة الشركة التي غلبها الجشع و الطمع بالنمو السريع فألقت نفسها في مخالب الديون.

أما على مستوى الأفراد: فيكفي أن نرى حال الأسر في بعض البلدان الغنية حاليا و هي في طوابير طويلة على موزعي الغذاء نتيجة البطالة التي بلغت عشرات الملايين خلال فترة تقل عن ثلاثة شهور. لقد بنى النظام الرأسمالي اقتصاد الأسر هناك على الاقتراض لشراء البيت و السيارة و التلفزيون مقابل أقساط شهرية مستحقة، لذا حين يتوقف الدخل الفردي كما هو حاليا، يصبح الشخص مفلسا أمام القروض البنكية المستحقة.

و لك أن تتساءل، كيف لأقتصاد الدول الغنية الرأسمالية ان يعرض حياة الأفراد الى خطر الديون و الإفلاس؟ و الجواب: أن الإستهلاك المفرط هو من يشغل عجلة الصناعة و التجارة و يدير الإقتصاد الرأسمالي لتجني الشركات و أصحاب الرساميل الأرباح الطائلة. لذا فإن الفرد هناك لايملك من الودائع و التوفير مايحميه من تقلبات الاقتصاد الرأسمالي القاسية كالتسريح من الأعمال و خسارة الدخل الشهري الوحيد. إن الاغراء بالاستهلاك تحت سيل الدعاية المستمر يجعل الفرد في لهث مستمر لشراء الجديد بشراهة و خاصة في ظل توفر فرص الإقراض الميسر من البنوك.

لذا فإن نصيحتي للجميع من أفراد و شركات ان يتجنبوا الديون (القروض مقابل فوائد) و أن لا ينساقوا خلف إغراءات المقرضين لأن الزمن يدور و الإقتصاد يتقلب و المقرضون لايقبلون بأنصاف الحلول.

الله الله في أنفسكم ارحموها و لاتعرضوها لوطأة الديون.

أما كيف تتوسع الشركات و ينمو الاقتصاد فهناك طرق آخرى أكثر أمنا و أقل خطرا، نناقشها مستقبلا بمشيئة الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى