أقلام

إيحاءات قرآنية (١٣)

سيد أمير العلي

ميل الإنسان عن الموضوعية والإنصاف في النظر إلى الآخرين، واتّخاذه أساليب السخرية والاستهزاء في التعبير عن عدم قناعته بفكرهم وسلوكهم، إضافة إلى ما فيه من سقوط أخلاقيّ، فإنّه يؤدّي إلى مشكلة معرفية؛ حيث يعمي الإنسان عن رؤية الواقع والاعتراف بالحقيقة، أو يشغله عن الاعتناء بما تتطلّبه معرفة الحقّ، من لوازم عملية سلوكية في الحياة.

وتشتدّ هذه المشكلة حضوراً إذا كان الاستهزاء منصبّاً على تجارب إيمانية راقية، يعبّر فيها المؤمنون عن محبّتهم لله وإيمانهم به، ويعترفون له بتقصيرهم في طاعته، ويسألونه المغفرة والرحمة، فهم بذلك لا يمنعون المستهزئ من أن يمارس ما يريد من قناعات، وإن كانوا يقدّمون نموذجاً مختلفاً، يجذب إليه من يقرؤه باعتدال.

إنّ ضريبة السخرية والموقف غير الموضوعي وغير الأخلاقي ستكون باهظة هنا؛ حيث إنّها تنسي الإنسان ذكر الله تعالى، وتنسيه ذاته المجبولة بفطرتها على الانشداد إليه سبحانه، وهذا هو الخسران المبين الذي لا يعوّض بسهولة، وقد لا يلتفت إليه الإنسان إلا في وقت لا يمكنه حينه اللحاق بالفائزين!

(إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ، فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا؛حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي، وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ)سورة المؤمنون؛ ١١٠- ١١١.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى