أقلام

إيحاءات قرآنية (١٤)

سيد أمير العلي

تعدّد الكفاءات وتنوّع المواهب يكون عامل ثراء لأيّ مجتمع، أو أيّ فئة فيه، إذا آمن أفراده بهدف واحد، يسعون إليه بإخلاص. وحينها لن يجد أحدهم حرجاً في أن يشيد بإنجازات الآخر، وأن يشير إلى إيجابياته، بل سيعتبرها إنجازاً له، ما دامت تؤدّي إلى غرض مشترك.

إنّ هذه الصورة الرائعة تنطلق من ذات الإنسان، حين لا يترك لأنانيته أن تسيطر على نظرته إلى الآخرين؛ الأنانية التي ليست لا ترى شيئاً حسناً في الغير فحسب، بل تحاول تشويه حتى حسناته الواضحة. وإذا تسامى الإنسان في حسّ الإنصاف، فإنّه سوف يحاول تقديم من يراه أكفأ منه، وأقدر على أداء المسؤولية.

لا يحتاج ما أشرنا إليه مجرّد التواضع وكسر الأنانية، بل يحتاج أيضاً إلى نظرة واقعية تعطي كلّ مهمّة ما تحتاجها من أدوات؛ فالدعوة إلى أيّ فكر مثلاً، ونشر ثقافته بين الناس، تتطلّب قدرة بيانية، وكفاءة في أساليب التواصل، وإذا جعلنا المعرفة بالفكر وحدها ملاكاً ومعياراً لتقديم من يؤدّي هذه المهمّة، فقد نخسر الكثير. والأمثلة في هذا المجال عديدة.

إنّنا بحاجة ماسّة إلى تعزيز روح العمل الجمعي، الذي تتكامل فيه الجهود بدل أن تتضارب، وتتميّز فيه الإنجازات بدل أن تتكرّر، وفي هذا الجوّ يمكن لما تختزنه مجتمعاتنا من طاقات وكفاءات ومواهب أن تظهر، وتنمو، ويلمس الجميع بركاتها.

(وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا؛)
فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي،إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ)
سورة القصص؛ ٣٤.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى