أقلام

ما روتْهُ الأوداجُ ولم يسمعْهُ النصلُ

أحمد اللويم

(في حادث (قريتي) قرية الشعبة الدامي الذي حدث في عصر الثلاثاء الموافق ١٥-٧-٢٠٢٠م والذي راح ضحيته أبرياء في عمر الزهور اصطلاما بشفرة الموت الذي تسلل من كوة قلب لم يقترف الرحمة)

موتٌ -أماط لثامه- مجنونُ
والشكُّ أفلَتَ من يديهِ يقينُ

كسرَتْ قواعدَها الحقيقةُ مذْ رَوَتْ
أسرارَها الأوداجُ والسكينُ

يا للبراءةِ في هدوءِ سنابلٍ
أخنى عليها المنجلُ الملعونُ

في ساعة الفرح المفَوَّف بالمنى
سادَ الوجومُ وأوجسَ التأبينُ

من لي بأطفالٍ كأنَّ عيونهم
تعصي بها حكمَ اليقين ظنونُ

من لي بأطفالٍ كأنَّ قلوبهم
فزعا يربِّتُ نبضَهنَّ وتينُ

حتى تسلَّلَ من قتامِ تأملٍ
نصلٌ قد ائتمنوه كيف يخونُ؟

خذني إلى حيثُ البراءةُ لم تكن
إلا نشيدًا لم تخنْهُ لحونُ

أسندتُ عقلي وهو ينزفُ حيرةً
وخشيتُ أن يلوي عليهِ جنونُ

سَيَّجْتُ وعيي أنْ يقارفَ فكرةً
فالوعيُ في فوضى الردى مغبونُ

يا عقلُ كفَّ عن امتشاقِ تساؤلٍ
إن المجيبَ على السؤالِ طعينُ

يا قريتي حزنًا لأمنكِ راعَهُ
ما ارتاعَ منه (التينُ والزيتونُ)

ما ارتاعَ منهُ الحقلُ إذ نخلاتُهُ
عقفٌ كأنَّ جذوعَهنَّ النونُ

وكأنَّ طودًا لم تغبْ ضحكاتُهُ
غابت، فلا فرحٌ وثمَّ منونُ

كانوا هنا يتهيبونَ شموخَهُ
أينَ الشموخُ وذلكَ العرنينُ

يا طودَ (كنزانَ) المهيبَ جنابُهُ
وعلى مواويلِ الأمانِ أمينُ

أَسَمِعْتَ إعوالَ المنونِ على المدى؟
أولم يُؤَرِّقْ مقلتيكَ أنينُ؟

يا قريتي الشهباءَ حسبكِ رتبةً
حزنٌ له في الخافقَين رنينُ

ما بالُ هذا الموتِ فيكِ معتقًا
بالهولِ تُخصبُ في صداهُ قرونُ

أو هل يظنُّ الروعُ أن تحني له
جيدًا ويسجدَ للهوانِ جبين

إني سمعتُ الموتَ يقرعُ حافرٌ
منه الصفاةَ ويستفزُّ طنينُ

والغدرُ يا للغدرِ جاء ملفعًا
بالودِّ حتى لم يشكَّ كمينُ

يا قريتي لمِّي شتاتَ مواجعٍ
فعليكِ من وجعِ (الطفوفِ) ديونُ

ناديتِ يا وجع (الطفوفِ) هلمَّ بي
فدمي بما يُوفي الفداءَ مدينُ

فلـ(كربلاءَ) لكِ انتماءٌ شفَّهُ
النخل الأشمُّ وظلُهُ والطينُ

ودمٌ تجودُ على النصالِ عروقُهُ
وجليلُ صبرٍ تبتليهِ شجونُ

أحمد اللويم

١٦-٧-٢٠٢٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى