أقلام

إنها بيئة العمل يا سادة!!

أمير بوخمسين

عندما التحقت بالقطاع البنكي للمرة الأولى في بداية الألفية الجديدة، كنت أشعر بالسعادة لأنني دخلت إلى عالم المال والاقتصاد، حيث بدأت أحلامي وطموحاتي تأخذني بعيداً في التفكير للمستقبل، وأنه لا بد من ترتيب أوضاعي وأموري المالية، وبالتالي بذل المزيد من الجهد في سبيل تحقيق المراتب العليا في العمل، ومن أجل الحصول على درجات عليا في الوظيفة التي أعمل بها. مما دفعني أكثر من أجل التفاني وبذل الجهد المضاعف في العمل، وهو ما كنت أسعى إليه بالرغم من كل الصعاب التي واجهتها، حيث بدايتي كانت في قسم المبيعات لبرامج التخطيط المالي الشخصي التي تخص الأفراد، ولم يكن المنتج معروفا أو مقبولا عند المجتمع، إذ كان المنتج يركز على التأمين على الحياة وبرامج الادخار بمختلف أنواعها، مما يؤّمن مستقبلاً للعائلة التي تشترك في هذا المنتج، وهي برامج كان من الصعب تسويقها وبيعها، لأن الناس كانوا غير مستعدين أو لديهم القابلية لهذا النوع من المنتجات، بسبب الثقافة البسيطة والسطحية التي لديهم عن التأمين، وغياب التشريع وعدم تشجيع بيع التأمين آنذاك في السوق المحلي، مما خلق الكثير من الصعوبات والعراقيل أمامي في تسويقه ولم يكن من السهل أن تحقق هدفك المطلوب منك تحقيقه للمؤسسة التي تعمل بها، ومع ذلك فقد كنت أتفانى في عملي وأبذل المستحيل من أجل الاستفادة القصوى للوقت واستغلال كل فرصة أجدها من أجل تسويق ذلك المنتج، والحمد لله على مدى ثلاث سنوات حققت الكثير من ناحية المراتب الوظيفية، إضافة إلى الجانب المادي، ساعد على ذلك عزوبيتي وسكني في العاصمة بعيداً عن أسرتي التي تركتها من أجل تحقيق أهدافي المهنية ورفع مستوى معيشيتي، إذ دفعني ذلك لتحمّل المسؤولية وبذل المزيد من الجهد في العمل، حتى لو أدى ذلك إلى العمل 16 ساعة في اليوم، تحوّلت زياراتي سواء للأصدقاء أو المعارف بشكل عام لتسويق المنتج إليهم. وكان لبيئة العمل آنذاك دوراً فعالاً، ومبادرات رئيس القسم في دعم الموظفين ومساندتهم على العمل والإبداع أثناء الدوام وخارجه. لذلك أمضيت ثلاث سنوات وأنا أعمل بجدية وجهد مضاعف، ولم أشعر بالملل أو الضجّر، بل الراحة النفسية والرغبة في تقديم المزيد من العطاء، وبعد الثلاث السنوات انتقلت إلى بنك آخر كان بمثابة نقّلة نوعية لي على صعيد العمل وطبيعته. حيث تغيّر التوجه من العمل في قسم الأفراد إلى العمل في قسم الشركات بإدارة المبيعات “خدمات النقد”، وتدرّجت تدريجيا في الوظيفة من نائب مدير مبيعات إلى مدير مبيعات إلى أن أصبحت مديراً للمنطقة ” مديراً إقليمياً لمبيعات منتجات الشركات”.. ولم يكن الأمر سهلاً أو جاء على طبق من ذهب، وإنما من خلال بذل الجهد المضاعف وتولّي مسؤولية كبيرة، وتحقيق هدف سنوي يضعه البنك لي وهو جزء لا يتجزأ من التقييم السنوي الذي يقوم به، ففي كل عام يتم التقييم والحمد لله يتم تحقيق الهدف المطلوب وأعلى مما هو مطلوب مني. وذلك بفضل عوامل متعددة ساهمت في نجاح وتحقيق الأهداف السنوية خلال خمسة عشر عاما الماضية، أولّها وعلى رأسها بيئة العمل، حيث البيئة الإيجابية والتعاون مع زملاء العمل والتفاني من قبل الجميع أدى إلى نجاح العمل، فالتعاون والتشجيع والعمل بروح الفريق الواحد هذا هو سبب نجاح المؤسسات والجماعات عندما تتظافر الجهود، وتتوحد الإمكانات المهنية نرى الإنتاج والإبداع. والجدير بالذكر أنه لا يمكن للمؤسسات تحقيق استمرار من النجاح على أكتاف وجهد الموظفين الذين ظلموا في تقييمهم أو علاواتهم، ويظل الموظف الخبير والمنتج من أغلى أصول نجاح الشركات. إنها بيئة العمل يا سادة وأثرها على الإنتاجية، فكلما كانت البيئة صحّية وسليمة كان الإنتاج والعطاء أكثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى