أقلام

ملخص الليلة الرابعة من سلسلة محاضرات الشيخ عبدالجليل البن سعد

محمد الجابر

عنوان المحاضرة: السنن الثابتة لا تلغي حرية الإنسان

مقدمة: هل نتج عن النظرية الحتمية من خلال الصياغة الفلسفية والتي تطرق الشيخ لبعض نتائجها المربكة اي حصيله؟ وان نتج مثل ماذا؟!

(ملاحظة توضيحية)

من آثار وهم الحتمية العامة والشاملة (مع الأخذ أن الشيخ ليس منكر للحتمية لكن لايرى الإطلاقية في وصف الحتمية فالخلاف في وصف الحتمية بين الشيخ والآخر) إرتباك مسألة حرية الإنسان.

(كيفية نشوء هذا الوهم)

نشأ الوهم من منطلق التسليم بكون القانون التاريخي مؤثر ومتحكم في حياة الإنسان.
(فأين هي الحرية وهناك قانون يتحكم ويدفع الإنسان؟!)

(حرية الإنسان)

يتمثل تكون حرية الإنسان في ثلاث أوجه وهما:-

أ- لا حرية للإنسان أمام تأثير السنن التاريخية.
ب- الإنسان يمتلك حرية التفكير والإرادة ولكن لو تواجهت مع السنن التاريخية في خلاف تلاشت إرادته وسيتم ما يريده القانون لا الإنسان.
ج- الإنسان يمتلك حرية في حال دون حال.

(إجابة عامة على السؤال المطروح)

لو ثبتت حتمية السنن التاريخية فإنها تستطيع ان تضع حداً لحرية الإنسان أو ان تتحكم بها لكن في حال دون حال.

(إيضاح الإجابة)

طرح الشيخ الجوع كمثال وهو عبارة عن قانون وسنة تاريخية (لأن له مدد وآثار إيجابية على الحياة وهذا ما يسمى بالتطور نتيجة للقانون التاريخي) والذي يفتح لك بابين:-

١- باب للملكوت/ وهو الحمد والشكر لله -عز وجل- بعد الأكل والشرب لسد الجوع.
٢- باب للملك/ جوعك يحتم عليك البحث عن عمل وبعملك شاركت في تطور الحياة.

(فهذا الجوع لم يسلب حرية الإنسان ولم يترك له الحرية المطلقة)
فالإنسان عندما يجوع ليس مجبر على الأكل فهنا يمتلك الحرية لكن حين يعمل في أي جهة كانت ليؤمن معيشته لا يمتلك الحرية في الإيجابيات الصادرة من عمله.

(خلاصة الإجابة العامة)

السنة التاريخية لا تسلب الحرية ولا تعطي الحرية المطلقة.

(إجابة مفصلة)

السنن تتشكل بشكلين على حسب تعبير السيد محمد باقر الصدر:-

١- سنة فوق رأس الإنسان (سنة كبرى)
٢- سنة تحت يد الإنسان

(السنة الكبرى)

هي سنة دائما ما يكون لها قواعد وأساسات تتكون من سنن صغرى تتشكل تحتها.

مثال/ الموت سنة تاريخية فوق رأس الإنسان (سنة كبرى) فله تأثير على التاريخ لإرتباطه بالنظام.
والموت حاله حال الجوع يفتح لك بابين:-

١- باب للملكوت/ من خلاله تعرف الله وإرادته وتعرف انه القاهر [وقهر عباده بالموت والفناء] الإمام علي -عليه السلام- في دعاء الصباح.
٢- باب للملك/ لولا الموت لما تمكن التغيير في الحياة (فالتغيير أو التطور سنة صغرى تابعة للسنة الكبرى) فهناك مجتمعات عصبية صعبة التغيير. والتاريخ يقول انه لم يحدث لها تغيير الا بعد فناء هذه المجتمعات وتفريق الموت فيها.

(أمثلة)
– الإمام علي -عليه السلام- صبر وانتظر ٢٠ سنة الى ان مسك الحكم وخلال هذه المدة الزمنية زال جيل الكبار بعصبيتهم فبدأ الإمام -عليه السلام- في إحداث التغييرات مع الجيل الجديد والذي لايملك الكثير من عصبية ما قبله.

– كذلك الإمام الحسين -عليه السلام- بعد مدة زمنية من تلاشي جزء كبير من العصبية المتبقية من الأجيال السابقة طالب بالتغيير لإحداث التطور.

– الباري -عز وجل- ذكر ذلك في محكم كتابه قال تعالى {مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} (54) سورة المائدة. اي ان من يرتد عن دينة -وذلك بحريته- سيأتي الله بقوم غيرهم -أيضاً عندهم حرية وإرادة للتغيير- وهذا عن طريق السنة الكبرى (الموت)

(إضاءة)

الكل يعجبه التغيير ويتمناه لكن لا نرى تغييرات في حياتنا لماذا؟!

– لأن هناك من يريد التغيير ولا يغير لانه يتعارض مع مصلحة الآخرة.
– وهناك من يرى التغيير ضد مصلحة الدنيا فلا يغير.

مثال تاريخي/ هارون العباسي كان عنده قراء للتاريخ. فقال لأحدهم وهو يقرأ عليه توقف! فقال له بما انك مؤرخ أريد ان أسألك سؤال. أعطني سياسة رسول الله -صلى الله عليه وآله- باختصار. فقال له القارىء أنه -صلى الله عليه وآله- كان (يأخذ بالحق ويفرق بالعدل).
فقال هارون وما سياسة ابن عمه علي -عليه السلام-. فقال له مثله مثل رسول الله -صلى الله عليه وآله (يأخذ بالحق ويفرق بالعدل).
ثم سكت برهة وقال له هارون وما سياسة معاوية. فقال له العكس (يأخذ بغير حق ويعطي متى وأين شاء).
ثم سكت هارون برهة وقال (أما والله أعجبتني سياسة معاوية)

وهنا يكمن السبب لان سياسة النبي وعلي -عليهم افضل الصلاة والتسليم- تعارض مصالح هارون بل لن يبقى له شي لو عمل بها.

(الدعاء ومقاس تاريخ الإنسان)

نجد ان الأئمة المعصومين -عليهم السلام- يطلبون في أدعيتهم المغفرة من الله -عز وجل- كيف وهم معصومين؟!!

فالسبب يكمن في صياغة الأدعية منهم -عليهم السلام- بمقاس (تاريخ الإنسان).

(لفته مع الإجابة التفصيلية)

الحرية التي تحدثنا عنها لها علاقة بالسنن. فجميع السنن (الكبرى والصغرى) لا تنفي هذه الحرية ولكن الحرية تكون في البداية ولا تمتلك الاستمرارية.

مثال/ عالم الذرة يمتلك الحرية في البداية بأن يجمع أو يقسم الذرة، لكن لو جمعها او قسمها لا يمتلك الحرية بآثارها. فالحرية في الابتداء وجبرية في الانتهاء.

ملاحظة/
هناك جبرية يتسبب بها الإنسان (كالمثال السابق). وهناك جبرية لا يسببها الإنسان (سيتطرق لها الشيخ مع أمثلة في الليالي القادمة).

(سنن تاريخية)

– الزواج وما يعمله من تغيير في حفظ النسل. ولذلك الله اباد قوم نبي الله لوط لأنهم كانوا بفعلهم يريدون إبادة النسل وتغيير السنة التاريخية.

– الدين وجوهره الفطرة (فهو خلق قبل ان يكون خُلُق). ولذلك نجد الذين إستطاعوا تغيير الدين الخُلُقي لم يستطيعوا تغيير الدين الخلقي وهذا باعتراف جُل فلاسفة الدين. والذين يقولون ان اي أمة تركت الدين (اي الله) ذهبت لدين آخر (آلهة أخرى).

(الدين خلق يفيض خُلُق)

بعد وفاة علي -عليه السلام- ذهب أحد اصحابه لمعاوية فقال له معاوية حدثني عن ابي تراب فحدثه إلى ان بكى معاوية.
هل تحسب هذه منقبه لمعاوية ام لعلي -عليه السلام-؟

بكى لأن حب علي -عليه السلام- فطرة. وهذه منقبه تعد للإمام علي -عليه السلام-.

(فلسفة الحرية عند مسلم ابن عقيل)

أقسمتُ لا أُقتل إلاّ حرّا *** وإنْ رأيتُ الموتَ شيئاً نُكرا
ويجعل الباردَ سُخناً مُرّا *** رُدَّ شُعاعُ الشمسِ فاسـتقرّا
كلُّ امرئ يوماً ملاق شرّا *** أخافُ أن أُكذَبَ أو أُغَرّا

(ترجمة ابا الأحرار للحرية)

الموت خير من ركوب العار * والعار أولى من دخول النار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى