أقلام

العقلانية والواقعية

أمير بوخمسين

كتاب «الصحوة الإسلامية في ميزان العقل» الصادر عن دار التنوير في بيروت في الثمانينات، خلص د. فؤاد زكريا مؤلف الكتاب إلى أن الصحوة المزعومة هي في واقعها وجوهرها ردة حضارية. ويستعرض انتقادها وعرضها أمام العقل لمعرفة واقعها وقيمتها الحقيقية. ولمعرفة المشاكل والعقبات التي لا يزال يتخبط فيها بعض العاملين في الحقل الإسلامي، كما يذكر الكاتب في الباب الأول إيقاع التاريخ والحضارة ويتناول بصورة رئيسة موقف الفكر الإسلامي من التاريخ وموقع أبعاد الزمن المختلفة من هذا الفكر، حيث يبدأ بالحديث عن إشكالات الصحوة الإسلامية والأخطاء التي وقع فيها بعض الإسلاميين، فيضرب بعض الأمثلة:
1- التركيز على الجوانب الشكلية لا المضمون. فبعض العاملين ركّزوا على قضايا الأمر والنهي وعلى ميدان الملابس وحلق اللحى وإطالتها.. إلخ
2- الافتقار إلى برنامج اجتماعي.. وذلك بالتركيز على العموميات وإغفال الأولويات، مثال: إصلاح الوسط الذي يعيش فيه أفراد تلك الجماعات بدلاً من وضع برنامج شامل يخرج المجتمع من أزمات التخلف والاستغلال والتبعية والانقياد.
3- مشكلة الدين والسياسة، حيث تضخيم هذه المشكلة من قبل بعض الإسلاميين، وجعلها الهاجس الأول والمهمة الأولى هل هناك علاقة بين الدين والسياسة. وهل أن الدين هو السياسة، مما أدى إلى صرف الطاقات والجهود في كيفية إيجاد الجواب على هذا السؤال.
يخلص الكاتب في هذا الفصل بتحديد هذه المشكلات التي تعد من أهم العوائق التي وقع فيها الإسلاميين. ثم ينتقل إلى الفصل الثاني للحديث عن التخلف الفكري وأبعاده الحضارية ويحدد أسبابه وأثاره:
1- عدم العقلانية والخرافية في الطرح في بعض كتب التراث.
2- الاستبداد واضطهاد الحريات حيث إقصاء الفكر يتم باسم الدين، بينما الإسلام يعطي الحرية لمن يريد أن يجتهد فكريا وثقافيا.
3- الجمود على الماضي، وعدم نبش الواقع المعاصر والاستفادة من الروايات وغيرها في الإطار الصحيح، أدى بنا إلى أخذ الأمور بصنمية وجمود. هذه العلل يذكرها المؤلف، ثم ينتقل إلى الفصل الثالث حول العقل العربي والتوجّه المستقبلي، إذ من المعروف أن هناك إرتباطاً وثيقاْ بين الفكر المستقبلي وبين النظرة العلمية، فالواقعية افتقدت عند إعطاء التوقّع في المستقبل وحلّ مكانها الخيالية في بعض الأحيان، ويعزو المؤلف أسباب هذه المشكلة إلى محدودية التفكير المستقبلي وضحالته عند كثير من كتاب أمتنا والأخذ بصنمية الأحاديث والروايات وعدم الانطلاق والانفتاح ضمن الحدود المشروعة.
في الفصل الرابع يستعرض الجدل حول “مفهوم الأصالة والمعاصرة” فيذكر المؤلف أن مجمل القول
” الأصالة الحقيقية تكمن في قلب المعاصرة”. ثم ينتقل في الباب الثاني من الكتاب عندما يستعرض الفكر الإسلامي وبعض المشكلات المعاصرة، ومن أهم مشكلاته كما بدأها في الفصل الخامس حول حقوق الإنسان في الإسلام، وفي الفصل السادس يؤكد على أهمية العلم وأن الكثير من الآيات القرآنية تدعو إلى البحث والتأمل وإعمال العقل وهذه وجهة نظر حضارية لأنها تفتح الباب أمام البحث العلمي دون تقييده. ينهي الباب الثاني بالتأكيد على قضية رئيسة هي حول التصنيع إلى جانب كونه ضرورة اقتصادية في عالمنا الإسلامي إلا أنه ضرورة أخلاقية من أجل تحقيق كرامتنا. أما في الباب الثالث تحدّث المؤلف عن المسلمين والفكر العالمي، وقسم ذلك في فصول ثلاثة. ركّز فيها المؤلف كتابه عن الأفكار المستوردة والدخيلة على أمتنا وكيفية مواجهتها.. ويختتم المؤلف كتابه بالحديث عن مصطفى محمود الذي تبنى الإسلام فكراً ومنهجاً بعد أن كان ماركسياً، فكتب الكثير من الكتب التي تعالج المشكلات التي تمّر فيها الأمة الإسلامية، والتي تدعو إلى العقلانية في الطرح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى