بشائر المجتمع

الشيخ آل سيف يتساءل: هل تعاطف يزيد مع السبايا؟

بشائر: الدمام

في سياق حديثه عن الحوادث التاريخية الواقعة بدمشق أثناء وجود ركب الأسارى؛ نقل سماحة الشيخ فوزي آل سيف عن بعض المؤرخين كابن سعد صاحب الطبقات أن يزيد أمر بإقامة مأتم في قصره لثلاثة أيام، ذاكراً ذلك في الليلة ٢١ من شهر محرم.

وقد ذكر سماحته في أحاديث سابقة أن بعض المؤرخين يعمدون إلى التخفيف من بشاعة الجرائم التي ارتكبت بحق أسارى الركب الحسيني، في سعي منهم إلى تغييب القضية الحسينية عن ذهنية المسلمين.

وحول المأتم المزعوم في قصر يزيد، استبعد سماحته أن يظهِر يزيد التعاطف مع الحسين، واحتمل أن التعاطف كان من جانب النسوة، بداعي الفطرة السليمة، إذ ليس بالضرورة أن تكون نساء القصر مثل يزيد وقادته. ومثّل بِـ هند زوجة يزيد التي أبدت ألمها وتعاطفها مع السبايا.

وتطرق سماحته إلى شخصية السيدة رقية بنت الإمام الحسين (ع)، ومشهدها الموجود حاليًا في دمشق، ذاكرا رأيين حول نسبة هذا المشهد إليها، وتشكيك المؤرخين في وجودها، لكن المشهور بين المحدثين الشيعة وجود طفلة للحسين بهذا الاسم، وأنها قضت نحبها شهيدة في الخربة بدمشق، وقال: “نلاحظ أن الناس يشيدون المشاهد في أي مكان يشمون فيه رائحة لأهل بيت محمد (ص) ولو كانت طفلة صغيرة، و في بعلبك مقام عظيم لبنت أو حفيدة للإمام الحسين”.

وأضاف موضحاً بأن في هذا الأمر تحققا للوعد الإلهي بأن يجعل لهؤلاء مودة {.. سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا} وأكد: “يكفي أن ينسب قبر إلى أهل البيت (ع) لتراه يتحول إلى منارة من منارات الذكر، ومحل للعبادة، واجتماع الناس، ولو كان على رأس جبل!”.

وفصّل بأن المؤمنين يعبرون بهذه الطريقة عن مودتهم لقربى رسول الله، ومن ناحية أخرى إن بركة هؤلاء الأخيار ليست في أيام حياتهم فقط، بل ما تزال ممتدة لقرون، قائلاً: “هذه الأماكن كانت على مدى التاريخ مقصدا للجموع البشرية، يأتون إليها ويقرأون القرآن، يذكرون الله، ويصلون، يتذكرون المواقف فتعزز فيهم الإيمان والجهاد والتضحية، وكم من آلاف تأثروا بهذه المزارات، لذلك لا نرى مبرراً لمن يدأب نفسه في التشكيك في نسبة هذه المشاهد لأصحابها”.

وعلل قائلاً: “المجتمع المسلم يحتاج لتكثير هذه الأماكن، فوجود خمس حسينيات أفضل من وجود حسينية واحدة، ووجود عشرة مساجد أفضل من وجود مسجد واحد، إنما هي أماكن يجتمع فيها الناس لذكر الله وقد رفعوا راية التوحيد. لكن الطرف المعادي للدين والإيمان لديه الوسائل المختلفة والطرق المتعددة لإلهاء الناس وإغوائهم”.

وعن التساؤل حول الوقت الطويل الذي استغرقته عودة الأسارى من دمشق إلى كربلاء، وكيف يصلون في العشرين من صفر؟ يجيب سماحته أن البعض يظن بأن الركب رجع من الطريق نفسه الذي ذهب منه، والحال أنه ليس كذلك، حيث صعدوا شمالاً ووصلوا إلى الحدود التركية، ثم انعطفوا يساراً إلى لبنان، ثم إلى دمشق، وهي مسافة طويلة.

واعقب قائلاً: “وقد صرح بذلك المرحوم السيد محسن الأميني العاملي، صاحب كتاب أعيان الشيعة وهو من أبناء تلك المنطقة، يقول: حتى أيامنا هذه يسلك الأعراب من بني عقيل على الجمال الطريق نفسه، من دمشق إلى العراق”.

وأشار إلى خلاف وقع بين المؤلفين قديمًا وحديثاً، من بينهم السيد ابن طاووس، الذي استبعد رجوع الركب إلى كربلاء في يوم الأربعين ٢٠ صفر، ومثله المحدث النوري صاحب مستدرك الوسائل، والشهيد مرتضى مطهري، بينما العلامة المجلسي صاحب البحار استبعد أن يكونوا قد عادوا في ٢٠ صفر من السنة نفسها. لكن المحقق الكرباسي صاحب دائرة المعارف الحسينية تتبع الموضوع تاريخياً وجغرافيا وذهب وراء كل منزل على الطريق، وقاس المسافات بدقة عالية، وعرف مقدار ما تقطعه الإبل في اليوم، وأثبت صحة وصولهم في هذا التاريخ الذي نعرفه.

ووضح سماحته أنهم بقوا في الكوفة عشرين يوماً، معللاً -بحسب قولهم- إنهم ينتظرون أن يرسل عبيد الله بن زياد رسالة إلى يزيد، حيث يستغرق وصول الجواب عشرين يوما، لافتاً إلى أن عبيد الله بن زياد ما كان يرى نفسه الشخص الذي ينتظر الأوامر يزيد، وكان يتصرف كما يشاء في أحداث كربلاء بتفاصيلها، منبهاً أن ذلك لا يعني أن يزيد غير مسؤول، فهو رأس النظام، وهو من منح هذا الرجل الصلاحيات للقيام بتلك الأعمال، من رض لصدر الإمام الحسين ومنعه من الماء، فهو لم ينتظر الإذن من أحد لإصدار هذه الأوامر، فقد أخذ التفويض الكامل منذ البداية.

الأمر الثاني الذي جعل بعض علمائنا يستبعدون عودة الركب في ٢٠ صفر أنهم لم يتمكنوا من التحقق من قياس المسافات بشكل علمي، وإنما اكتفوا بالتخمين. أما القول بأن الركب مكثوا في بعض الأماكن يومين أو ثلاثة، فهذا لا يوجد دليل عليه، مؤكداً بأن نصف تلك البلدان رفضت استقبال الركب، معاندة منهم لبني أمية، فمن أصل ٣٨ قرية ومنزل تقريبا رفضت قرابة ١٩ منزل استقبالهم.

وقال: “من الأسباب التي أدت إلى الاشتباه، الرأي القائل بأنهم مكثوا في دمشق نحو ٢٠ إلى ٣٥ يوما، وهذا أبداً لا يصح. معللاً أن يزيد أتى بهم متأثرا بنشوة النصر، ولكن تفاجأ باعتراضات من صحابة رسول الله، ومن رسول ملك الروم، ومن داخل البيت الأموي، ومن عامة الناس، حيث تحول الأمر إلى فضيحة، فحاول التنصل من الموضوع، فأراد أن يتخلص منهم، ولهذا يُتفق على أن يزيد هو الذي عرض على الإمام السجاد الرحيل.

وأشار إلى إن مدة بقائهم في دمشق ٩ أيام لا أكثر.مؤيدا ما ذهب إليه بقول أبو الريحان البيروني المعاصر لشيخ الطائفة الطوسي، الذي صرح في كتابه أن يوم ٢٠ من صفر سنة ٦١ هـ رد رأس الإمام الحسين إلى جثته بيد ابنه السجاد (عليهما السلام) مؤكداً بأن هذا تصريح واضح من عالم فلكي ومؤرخ وجغرافي”.

وتكلّم عن (توضيح المقاصد) للشيخ البهائي (رض) وهو كتاب مثل التقويم، حيث يذكر فيه أنه في يوم ٢٠ من صفر التقى جابر الأنصاري بركب الحسين العائد من الشام إلى كربلاء. ويؤكذ ذلك شيخ الطائفة الطوسي في (مصباح المتهجد)، وذكر ذلك غيرهما.

وذكر أن الركب بعد بقائه قرابة الأسبوع في الشام سير بهم إلى كربلاء، وكان الأصل أنهم ذاهبون إلى المدينة، ولكن عندما وصلوا إلى مفترق طريق يأخذهم إلى كربلاء يسارا، ويمينا يأخذهم باتجاه الجنوب إلى المدينة، حيث تشاور النعمان بن بشير الأنصاري مع الإمام السجاد، واختار الإمام الذهاب إلى كربلاء، ليجددوا العهد مع الإمام الحسين.

والنعمان بن بشير هو وأبوه كانوا على خلاف توجه الأنصار، الذين كان تأييدهم لأهل البيت تاما، فوالده بشير رشح نفسه في مقابل منافسه من أجل ألا تصبح القضية بيد الأنصار، وتكون للقرشيين، فأخذت عليه من ذلك اليوم. وكذلك النعمان ابنه كان مع الأموين، وفي ركاب معاوية، وحارب ضد الإمام علي في صفين.

كما قال: “لم يكن عنيفاً وشديداً مع أهل البيت كحال الأمويين، فيظهر أنه حصل له تغير كبير، فهو حين رأى يزيد يقرع ثنايا الحسين (ع) امتعض وغضب وقال: لو كان أبوك حياً لما رضي بهذا، فقال له يزيد معنفاً إياه: لولا صحبتك لرسول الله لأخذت الذي فيه عيناك، فقال له النعمان تحفظ صحبتي لرسول الله، ولا تحفظ بنوة رسول الله؟! وتنقل مواقف أخرى له مع يزيد، ولذلك يُقال إن يزيد كلف النعمان ليكون قائد الركب، لأنه يعلم بتعاطفه معهم، فبعد أن حصل يزيد على بغيته لا يريد إثارة الناس عليه بالإمعان في إيذاء أهل البيت”.

وختم بأن الإمام السجاد طلب منه مغزل فاطمة الزهراء الذي سلبه القوم، وله قيمة معنوية كبيرة، وأيضاً طلب -في رواياتنا- رأس الإمام الحسين، ومن هنا جاء القول برد الرأس إلى كربلاء، أما بقية الرؤوس فغير مؤكدة عودتها إلى كربلاء.

ونقل ما يذكر بأن سليمان بن عبد الملك بعد أن تولى الخلافة رأى بقية الرؤوس في خزانة ملحقة بالجامع الأموي، مشيراً إلى استثناء رأس الإمام الحسين، لأن عندنا روايات كثيرة تشير إلى أن الإمام السجاد رجع بالرأس إلى كربلاء، ودفنه مع أبيه الحسين (ع).

يذكر أن المحقق الكرباسي في كتابه دائرة المعارف الحسينية، تتبع منازل طريق الركب الحسيني، مبيناً أنها حوالي عشرة منازل وأماكن، وقاسها بالكيلو متر، وتبين له صحة رجوع السبايا في ٢٠ من صفر.

كما قال: “لم يكن عنيفاً وشديداً اتجاه أهل البيت، كما هو الحال عند الأموين بل اكثر من هذا ينقل عنه لو صح هذا النقل، فيتبين انه حصل له تغير كبير ايضاً، إنه لما رأى يزيد يقرع ثناية الحسين (ع) امتعض وغضب وقال: له لو كان ابوك حياً لما رضي بهذا، فقال له يزيد معنفاً إياه: قال له لو لا صحبتك لرسول الله لأخذت الذي فيه عيناك، فقال له النعمان تحفظ صحبتي لرسول الله، ولا تحفظ بنوة رسول الله؟!!، إذن هذا الكلام صحيح فهذا ينبأ عن تغير كبير حصل، في النعمان إبن بشير وأكثر من موقف ايضاً ينقلون له مع يزيد، ولذلك يُقال إن يزيد كلف النعمان أن تكون الرجعة بواسطته، ويكون قائد الركب لأنه عنده شيء من التعاطف معهم، ويزيد الآن حصل على بغيته، فلا يريد بأن يثير الناس عليه بمزيد من إيذاء لأهل البيت”.

وختم إن الإمام السجاد طلب منه مغزل فاطمة الزهراء، وهو هذا من الأشياء التي سلبها القوم وله قيمة معنوية كبيرة، وأيضاً طلب -في رواياتنا- رأس الإمام الحسين، ومنه جاء ما قيل إنه رد الرأس إلى كربلاء، لافتاً أن بقية الرؤوس غير مؤكد على عودتها إلى كربلاء، وإنما الدليل قائم على أن رأس الإمام الحسين قد رد إلى كربلاء في يوم الأربعين.

وأضاف أن سليمان إبن عبد الملك كان قد رأى بقية الرؤوس في خزانة ملحقة بالجامع الأموي، وتولى الخلافة لعدة سنوات في الحكم الأموي، ويقال إنه رأى هذه الرؤوس ملحقة بخزانة بالجامع الأموي،مشيراً إلى أن -في إعتقاده- أن ذلك كان باستثناء رأس الإمام الحسين، لأن عندنا روايات كثيرة تشير  الى أن الإمام السجاد رجع بالرأس إلى كربلاء، ودفنه مع أبيه الحسين (ع).

يذكر أن المحقق الكرباسي في كتابه دائرة المعارف الحسينية، تتبع منازل طريق الركب الحسيني، مبيناً إنها حوالي عشرة منازل وأماكن، وقاسها بالكيلو متر، وتبين له صحة هذا المقدار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى