أقلام

رغما عن الموت والجائحة سيد الشعائر يحيي ذكرى الحُسين

الأحساء: بشائر

ارتبط في وجدان الأحساء قاطبة اسم آية الله السيد محمد علي بن السيد هاشم العلي آل سلمان -رضوان الله تعالى عليه- طيلة أربعة عقود بشعائر سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي -عليهما السلام- حتى عُرف بسيد الشعائر. واستمر هذا الارتباط الوثيق والاقتران الأكيد حتى بعد رحيله قدس سره.

وتجلت خلال شهري مُحرم الحرام وصفر الخير من هذا العام، أسمى براهين هذا الاقتران المقدس حيث أحيى الجامع الكبير بالمبرز بنجاح مبهر موسم عاشوراء الحسين -عليه السلام- مع الالتزام بالإجراءات الصحية الاحترازية للوقائية من جائحة كورونا. ورغم غياب جسد مؤسس العزاء في الجامع إلا أن قصائده بقيت في صدارة القصائد العزائية في كل ليلة من ليالي عاشوراء، يصدح بها رادوده الملا عبد العزيز البوخضر. وصورته المطبوعة في قلوب محبيه طُبعت على البنر الرئيس في صدر الجامع.

وتجدد حضور سيد الشعائر خلال عاشوراء الحسين -عليه السلام- بكلمات أخيه وتليمذه سماحة السيد عبد الله هاشم وحضور نجله البار سماحة السيد محمد رضا ومشاركة الرادودين الحسينيين الملا يحيى الشداد والسيد محمد المكي. كما كان لتواجد خاله الوجيه الفاضل الحاج السيد محمد بن السيد ناصر -حفظه الله- أثره الكبير في قلوب مريدي السيد رضوان الله تعالى عليه.

وكان التجلي الأعظم لعمق الارتباط الوثيق بين السيد الراحل وجده الإمام الحُسين -عليه السلام- في عصر يوم العشرين من صفر، حيث كانت الأحساء تترقب بلوعة وشغف إقامة الحفل التأبيني الثامن والثلاثين وهو الحفل الأول الذي يغيب عنه جسد مؤسسه رضوان الله تعالى عليه.

ففي يوم الأربعين، أفتتح الخطيب الحسيني الشيخ محمد السلطان الحفل التأبيني ببسم الله والصلاة على رسول الله والسلام على سيد الشهداء والفاتحة لروح سيد الشعائر الغائب في التراب جسده والحاضر بروحه في كل لطمة ودمعة في الجامع الكبير. ثم تلى الشاب مرتضى القطيفي آيات من سورة الكهف مذكّرا الحضور الغفير بتلاوة رأس الإمام الحسين -عليه السلام- لهذه الآيات الشريفة من على الرمح الطويل في مسيرة السبي والإباء بين الشام وكربلاء.

أما كلمة الحفل الرئيسة وقصيدته الشعرية الفصيحة التي كانت تشنف أسماع المُعزين بصوت السيد الراحل طيلة سبعة وثلاثين سنة، تجسدت هذا العام في كلمة أخيه الفاضل سماحة السيد عبد الله هاشم، وقصيدة نجله السيد محمد رضا. تلاهما الخطيبان الحسينيان، السيد محمد الشخص والملا حسين السعيد بناعية الأربعين.

“هُنا الأحساء، أرض الولاء وعشاق آل محمد. وهنا كان سيد الأحساء الهائم في جده الحُسين” مع هذه العبارة الرقيقة والعميقة، خفقت القلوب في الجامع الكبير حزنا وأسى واشرأبت الأعناق شوقا ووفاء وحبست الأنفاس فلا تسمع إلا ناحب يجاوب باكيه في انصات مطبق خلال عرض الفيلم الوثائقي القصير (نبض الأربعين) والذي حكى فيه سماحة الشيخ حيدر الدوخي -حفظه الله- سيرة استاذه الراحل- قدس سره- مع الإمام الحسين -عليه الصلاة والسلام- بكلمات صادقة وحقائق خالدة.

وأختتم الحفل التأبيني، رادود السيد المُخلص عبدالعزيز البوخضر بنزلة لطم سبقها بقصيدة عزائية لشاعر أهل البيت -عليهم السلام- الشيخ حسين البوخضر مزج فيها الشاعر رثاء سيد الشهداء وندبة السيدة زينب -عليهما السلام- بمستهل قصائد أحسائية كتبها سيد الشعائر وترنم بها رواد رواديد الجامع الكبير أمثال المرحوم الملا مهدي المؤمن والملا يحيى الشداد وأخيه الملا محمد حفظهما الله. فكانت فسيفساء حزن ورثاء ووفاء في حلة رائعة.

جدير بالذكر أن كل من شارك وحضر -رغم تفاوت الأعمار- في الجامع الكبير خلال مناسبات أهل البيت -عليهم السلام- في شهري محرم وصفر هم نتاج منهج سيد الشعائر ومدرسته الحسينية التي سقاها بإخلاص -قل مثيله- طيلة أربعة عقود متتالية لتثمر بإحياء المنطقة لأمر أهل البيت -عليهم السلام- بصورة لم تكن مألوفة من قبل. فبحق نقول: لسيد الأحساء الرحمة والرضوان والخلود ما بقي ذكر الحُسين خالدا في الأحساء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى