أقلام

هكذا رأيت الاستاذ

الشيخ حسن حسين الياسين

يعد سماحة العلامة الحجة الأستاذ الشيخ علي الدهنين حفظه الله من الشخصيات العلمية البارزة على مستوى الأحساء بل على مستوى المنطقة، وقد اكتسب محبة ومكانة في قلوب عموم المؤمنين ، كما اكتسب ثقة مراجع الدين في الحوزتين العلميتين الرئيسيتين في النجف الأشرف وقم المقدسة، وقد سار ولا يزال على خطى العلماء الربانيين ساعيا إلى تطبيق سلوكه على سيرة النبي الأعظم وأئمة الهدى صلوات الله عليهم أجمعين عاكسا أخلاقهم متأدبا بأدبهم، مما أثر ذلك على كل من ارتبط به ، وقد وفقني الله تعالى أن أحضر درسه في الفقه والأصول لعدة سنوات ، فارتبطت به ارتباط التلميذ بأستاذه خلال هذه المدة ، ويطيب لي أن أبين ما رأيته عليه علّني استفيد شيئا من أخلاقه ، مع العلم أن ما أذكره ليس كلّ ما رأيته منه، وأن ما رأيته منه لا يبين واقع ما هو عليه ، وإنما يعكس شيئا مما رأته عيني وسمعته أذني، ومن ذلك :
أولا/ إفاضاته العلمية حيث يعد الأستاذ فاضلا من الطراز الأول ، خبيرا بالمسائل العلمية في حقلي الفقه والاصول ، حافظا للفتاوى الفقهية بدقة عالية جدا ، عارفاً بمداركها ، متمكنا من ارجاع الفروع إلى أصولها ، بالإضافة إلى خبرته الواسعة في الحقول العلمية الأخرى كالنحو والصرف والبلاغة والمنطق والفلسفة والكلام والدراية والرجال، بالإضافة إلى معرفته بتفسير القران الكريم وآراء المفسرين. هذا مضافا إلى قدرته العلمية على دفع الشبهات ورد الإشكالات ، والدفاع عن العقيدة الحقة.

ثانيا/ الاهتمام الكبير بالدرس ، من حيث الحضور وعدم التغيب ، ومن حيث التحضير والاستعداد له ، فمع كثرة مشاغله وارتباطاته الاجتماعية إلا أنه يسعى جاهدا أن يفرغ جزءا لا بأس به من وقته للدرس ، كما انه يحب المناقشات العلمية بعد فراغه من الدرس حيث يترك لطلابه مجالا للسؤال والمناقشة.

ثالثا/ الإحترام الكبير جدا للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ، فلا يذكر النبي او يُذكر عنده إلا وطأطأ برأسه احتراما له وحفظا لمقامه ، كما لا يذكره او يذكر عنده إلا وصلى عليه وعلى أهل بيته عليهم السلام، ولا يذكر أحد أئمة الهدى عليهم السلام إلا بقوله مولانا الإمام … ويعقبه بقوله عليه السلام.

رابعا/ حفظ مكانة علماء الدين ومراجع الطائفة الربانيين الذين بهم حُفظ المذهب وبجهودهم وصل المذهب الحق إلى الأجيال ، فالأستاذ حفظه الله لا يذكر أحد العلماء إلا بما يليق بشأنه من الاحترام والتقدير والتبجيل والألقاب المناسبة له، ولا يرضى أن يُنتقص أي أحد من العلماء بمحضره ، وفي درسه اذا اراد أن يناقش رأيا لأحد العلماء يبالغ في الاعتذار من مقامه الشريف قبل أن يناقش رأيه ثم يناقشه بالعبارات التي تظهر الأدب مع العلماء.

خامسا/ التواضع للناس بشكل عام ولطلاب العلم وخدام منبر سيد الشهداء عليه السلام بشكل خاص، اذا جلس مجلسا وطُرحت عليه فيه المسألة فإنه لا يكاد أن يجيب عنها حتى يَعرض المسألة على بقية طلاب العلم الموجودين في المجلس ولو كانوا من طلابه ، بل يعرض عليهم أن يتقدموا عليه بالإجابة، تواضعا منه لهم ، وبيانا لمكانتهم في المجتمع.

سادسا/ التفاني في خدمة الدين وترويج المذهب والدفاع عنه ، بل ويعتبر ذلك تكليفا شرعيا على عاتقه ولا يمنعه شاغل عن اداء هذا التكليف ، ولعله لا يعرف للاعتذار عن خدمة الدين والمذهب طريقاً، وقد رأيته وهو العالم الفاضل يعلم بعض الاولاد الصغار الوضوء ويحفظهم اسماء الأئمة المعصومين عليهم السلام، ولا ابالغ اذا قلت بأن مجلسه لا يكاد يخلو من فائدة ببيان حكم شرعي او توضيح مطلب عقدي او دفع شبهة عن الدين او عن المذهب وهكذا .

سابعاً/ خدمة المؤمنين وقضاء حوائجهم ، فمضافا إلى استقباله المؤمنين في محاريب المساجد التي يقيم فيها الجماعة وينظر في حوائجهم ويحل مشاكلهم ، فإنه يفتح مجلسه لمن يقصده في حاجة ، ولا يكتفي بذلك بل ويتنقل بين القرى والمدن وبلا كلل ولا ملل ، واحيانا يسافر إلى خارج الأحساء ويقطع المسافات من أجل أن يقوم بقضاء حاجة مؤمن وادخال السرور عليه ، وقد حضرته ظهر يوم من الأيام في مجلسه المبارك وقد عُرضت عليه حاجة لمؤمن وقد أصر أن يخرج في ذلك الوقت لقضائها ، ووعد صاحب الحاجة أن يذهب إلى الدمام اذا استدعى الأمر ذلك، وعندما امتنع صاحب الحاجة من أن يكلف عليه بذلك قال حفظه الله : إن ذلك واجب عليّ.

ثامناً/ حبه للفقراء ومساعدتهم ومد يد العون لهم ، فإلى جانب دعمه المتواصل للجمعيات الخيرية ، ولا يكاد يقصده فقير بحاجة إلا وقضى حاجته بكرم بعد أن يتحقق من صدقه في طلبه ، وكل ذلك في سرية تامة وبعيداً عن الإعلام والأضواء متأسيا في ذلك بسيرة أئمة الهدى الذين يخرجون في ظلام الليل وبعد أن تنام العيون حاملين معهم الصدقات الى بيوت الفقراء والمساكين كي لا يعرف بهم ، وربما أوصلت منه شيئا من الإعانات لبعض الطلبة ويفهمني حفظه الله بطريق أو بآخر أن لا اذكر اسمه.
وطالما اوصى طلبته بالإهتمام بالفقراء ونقل لهم وصية المرجع الأعلى الإمام السيستاني حفظه الله من تأكيده على الإهتمام بالففراء بقوله (( الله الله بالفقراء )).
اسأل الله أن يحفظ شيخنا الأستاذ وأن يمد في عمره في صحة وعافية إنه سميع مجيب.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى