أقلام

حكايةٌ أنْطَقَها الصّمْت

ناصر الوسمي

إلى جَدّتِي .. الّتي لم أسمّها يَوْمًا إلاّ بأُمّي الرَّؤوم الثّانية،
والّتي ربّتني صغيرًا على الطّهرِ والنقّاء . تُناغي طفْلَها بمواويلِ الولاء وأحاديثِ اللّيالي المُقْمرة .
نعم هِيَ أُمّي :
الحاجّة زينب علي الأحمد
(رحمها الله)
بكيتُها وَابِلًا حتّى بللتُ بهِ الثّرَى ..

• … • … • .. •

هَـذِيْ جِـرَاحِيَ تسْـتَـثِيرُ الأَدمُــعّا
وَتخـطُّ فِيْ عَـينِ السَّحَائبِ مَـنبَعا

الدَمْـعُ طِـفْلٌ فِيْ مَحَاجِـرِ عَـالَمِيْ
وَبِخَافِـقِيْ كـبُرَ الشَّـجَى وَترَعـرَعا

وَالحُزْنُ شِعـريْ، واللهيبُ يَراعَـتِي
وَبِيَ اللّـظَى شَـوْقًا سـخـينًا أَينَـعا

قَدَرِي العَـذَابُ يَصُـوغُ فِيَّ مَواجِعًا
فِيْ حَـمْـلِـها الجَـبَـلُ الأَشَمُّ تَصَدّعَا

قَلْبِيْ عُـصَـارَةُ أَحـرُفٍ نزَفَـتْ دَمًا
وَالشّـعـرُ كأسُ النّـزْفِ مِنْهُ تجَـرّعَا

مَاذَا سَأكْـتبُ عَـنْ فُصُـولِ حِكايتيْ ؟!
وَبِدَاخِـليْ حُـرَقٌ تُـذِيبُ الأشْـمُـعا

مَاذَا سَأكْـتُبُ والحَـوَادِثُ جَــمْـةٌ ؟!
عَـنْ ذِكـريَـاتٍ، والـفُــؤادُ تَوَجّـعا

مَاذَا سَأكْـتبُ وَالمِــــدَادُ يَخطُّـنيْ ؟!
وَجَعًا، وَيأبَى فِي الجَوَى أنْ يَهْجَعا

عَصْفُ النّوَائبِ راحَ يقتَلُ بالشّجَى
فِيْ رَوْضِ خَافقِيَ الرَبيعَ الأَروَعا

أُمّـاهُ يَـا وَحيَ الحَــنَـانِ، وريـشَهُ
غَـمَـرَ المَـلائِكَ وَالحَـمَامَ السُّجَّـعا

مَا شَخْتِ يَوْمًا مِنْكِ قد شَاخَ الجَـوَى
وَشَبَابُ رُوحِكَ كالثّـرَيَّا شَعـشَـعا

كمْ أَغْـدَقَـتْ كَـفّاكِ بحرَ عَـوَاطِـفٍ ؟!
وَلَــنَـا بِـحُـبٍّ قَـد مَـددتِ الأذْرعا

فِيْ صَدرِكَ الفِردَوْسُ يَلْتَمِسُ النّدَى
وَنَرَى النّسَـائمَ عِنْدَ عَطـفِـكِ رُكّـعا

تَــيّـارُكِ الـحُــبُّ السّـخيُّ يــشـدُّنـا
شَــغَـفًا إِلـيّكِ، وَشَـوْقُنا لكِ قَـد سَعَى

مَـا زَالَ قَلْـبُـكِ يحـتَـوِيـنا (سُـبحةً)
خّــرزاتُـها تـنْــسَــابُ نَـهْـرًا بالـدُّعـا

وَحَـدِيثُكِ المعـسُـولُ يَجـمعُ شَـمْـلَنا
كالنّـحلِ حِــينَ علَى الزّهُـورِ تجمّعـا

وَيداكِ تـمْـلَـؤها التَّجَـاعِـيدُ الّـتِي
تُغْـري المَـكارِمَ والصّــبَاحَ الأنْصَـعا

أُمّـــاهُ كُــنــتِ لي الحنانَ ونبعه
ويظـلُّ قَلْـبُـكِ بالمـشَـاعـرِ لِيْ وِعَـا

عِـشْتُ الطُّـفُـولةَ فِيْ رِحَـابِكِ جَـنَّةً
مُذْ كَانَ شِعـريَ في الصِّبَا لِيَ مَرضَعا

أَشْـبَعـتِ قَـافِـيـتِيْ بطُـهْـرِك أَحـرُفًا
حـتّى بِـدُرٍّ بُــوْحُ شِــعــريَ رُصِّــعَا

وَأَرَى بـ(ـملْفَعِـ)ـكِ الـوَلاءَ لِـ(ـفاطِمٍ)
وَتُجـسّـدينَ لَـنَـا بَـهــاءَكِ (مِـلْـفَـعا)

مِـنْ مُقْـلَتـيكِ بَـدَتْ شَــرارةُ بَـابِـها
إذْ للـ(ـبتُـولِ) الـطُّـهـرِ رَضّْوا أضَلُعَا

مِنْ آهَـةِ (الزَّهْــرَاءِ) تَـبـزُغُ (كَـربَـلا)
فِيها الحُسينُ أَسَىً تَوَسّـدَ مَصرَعا

وَبدمــعِـكِ الدَّامِي بكـيتِ مُصَـابَهُ
بتَرُوا العِدَى بالغَـدرِ مِـنْهُ الإصـبـعا

كمْ عِشْتُ طُهرَكِ يا سَمِيّةَ (زَينبٍ) ؟!
وَاليَومَ أبكيْ فِيْ رحِـيـلِكَ مُـوْلَـعا

وَنَـزَلْـتُ قَــبَـرِكِ بالأنِـيـنِ مُـلَــقِّــنًا
إِيّــاكِ .. إذْ أبْـكِيْ عَـلَـيـكِ مُـودِّعـا

مِـنّيْ خُذِيْ شَـوْقًا لآلِ المُصـطَفى
وَخُـذِيْ لَهـمْ قَـلْـبًا جَِـرِيحًا مُتْـرَعا

هَيهاتَ يُطفِئُ لَيْلُ فادحَةِ الجَـوى
مِـنْ ضَوْءِ نجْمتِيَ الشُّـعَاعَ الألْمَـعا

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى