أقلام

الشيخ حسين الحسن 1381- 1442هـ

سلمان الحجي

الشيخ حسين الحسن 1381- 1442هـ *

الشيخ حسين بن عيسى بن محمد بن حسن الحسين، من مواليد عام 1381هـ ، درس بعض الدروس بالأحساء ثم انتقل إلى النجف الأشرف، ومنها إلى قم المقدسة للمواصلة العلمية، ثم رجع إلى الأحساء لظروف قاهرة، وواصل مشواره العلمي عند الشيخ محمد بن سلمان الهاجري لما يربو على سبع سنوات.

من أبرز أساتذته:
الشيخ محمد الهاجري، الشيخ عبد الرسول البيابي، الشيخ محسن المعلم، الشيخ محمد رضا المامقاني، الشيخ عبد الأمير الساعدي، السيد محمد المروج، السيد محمد الترحيني، السيد حسن القزوني، خطيب حسيني.

س/حدثنا عن بدايتك مع المنبر الحسيني.

ج / أنا لم أتصّنع على خطيب حسيني، وإنما نمت خطابتي بجهود فردية، وكانت البداية عن طريق تأسيس مجلس حسيني في منزل الشيخ طاهر بن عبد الوهاب الأحمد وباشتراك مع الشيخ حجي السلطان، والشيخ طاهر الأحمد، وذلك لهدفين:
أولهما: إحياء ذكرى الإمام الحسين (عليه السلام)، وثانيهما: باعتبار أن المجلس خاص بالخطباء، كان يهدف إلى تقّييم الخطباء الحسينيين، وتقديم الملاحظات البناءة لتطوير مستواهم الخطابي. كما استفدتُ أيضاً من الخطيب الحسيني السيد عبد الله الهاشم (الصفوي) في تقديم النصح والاستشارة، وكان مصدر ثروة علمية ولذلك لم يبخل علينا بما يملكه من معلومات مفيدة تخص المنبر الحسيني، فكان يغذي الخطباء بفكره النيّر، ويقدم النصح والإرشاد لكل من يستشيره. وأتذكر مقولة له ملخصها: نحن الخطباء السابقون طريقنا كان سهلاً للقراءة الحسينية بسبب قلة الخطباء، أما أنتم الخطباء الحاليون، فالطريق شاق أمامكم لكثرة الخطباء، وللتطور الذي تم في الساحة الاجتماعية، لذلك يحتاج الخطيب الحسيني أن يتعب على نفسه أكثر لكي يبرز.

س/من وجهة نظرك، ما أبرز الصفات التي يلزم توافرها في الخطيب الحسيني؟
ج/ أولاً: أن يكون ملماً بما يحتاج إليه المجتمع من معارف وعلوم.
ثانياً: أن يكون حسن الطرح، وذلك بتسلسل الأفكار، بعيداً عن التشتت والتبعثر، وإذا أراد الخطيب الحسيني التنوع في مواضيعه بالمجلس الحسيني الواحد، يلزمه التفنن في ذلك.
ثالثاً: أن يكون إيجابياً في طرحه.
رابعاً: أن يكون ليناً على المجتمع، فلربما يكون المجتمع مريضاً ويحتاج إلى الشفقة. والخطيب الحسيني يعد طبيباً يشّخص الدواء المناسب لمريضه، ولكن لا يعني ذلك مدارة المجتمع على حساب الدين.
أضف إلى ذلك المكملات الرئيسة الأخرى من حسن الصوت وقوة الحافظة.

س/ما أبرز الصفات التي يلزم توافرها في طالب العلم الديني من وجهة نظرك؟
ج/ نزيه في شخصيته، وضيع مع نفسه، كما أنه يحترم من لا يتفق معه في فكره إذا كان الاختلاف ليس جذرياً، أي ليس مما يخالف الدين والعقيدة، يترجم ما يتلفظ به على منبره إلى واقع. ولذلك يزعجني طالب العلم الذي لا يشفق على مجتمعه إذا كان المجتمع فيه نواة خير وصلاح وفيه قابلية واستعداد للاستصلاح، كما يزعجني الخطيب الذي لا يبذل جهده لمعالجة مرضى الفكر بأسلوب فيه الشفقة والرحمة على المؤمنين.

س /لو طلبنا منك نصيحة تريد أن تقدمها للفرد المؤمن، ما أبرز محتوى فيها؟

ج /أنصح إخوتي المؤمنين بالتجرد من عبادة الأشخاص مهما كانت تلك الشخصية حتى لو كان مرجعاً دينياً، فالمرجع الديني ليس بمعصوم وليست بيني وبينه صلة أو قرابة، وإنما هو أمين على الدين، وحلقة وصل بيني وبين المعصوم (عليه السلام) إن حفظ تلك الأمانة وأداها على أكمل وجه كان محل التقدير والاحترام، وإن كان غير ذلك من مخالفة صريحة لضروريات المذهب فليضرب به عرض الحائط، أن يضع المؤمن مقولة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) نصب عينه (أعرف الحق تعرف أهله).

س / يؤخذ عليك الانعزال عن المجتمع، ما تعليقك؟
ج / أنا منعزل ولستُ منعزلاً، فأنا بصراحة منعزل عن مجتمع الهفوف لأسباب خاصة، قرأتُ حسينياً فترة طويلة في مدينة الهفوف، وأراد الشيخ عبد الأمير الخرس قبل سفره إلى النجف الأشرف إعطائي دفتر عقود الزواج فرفضتُ ذلك، وكذلك طلب مني إمامة صلاة الجماعة في المسجد الذي كان يقيم فيه الجماعة قبل سفره، إلا أني رفضتُ ذلك.
فأنا لا أسعى لطلب خفق النعال والبروز بقدر ما أطلب مرضاة الله تعالى، وإذا كان بروزي مدعاة لضياع ديني ومحاباتي للمجتمع على حساب ديني، فديني أولى لي من كل شيء، ولا أعني بذلك أنني أتهم غيري بذلك فكل إنسان على نفسه بصير. كما أني منذ بداية حياتي العلمية، كثر فيها المشقة والتعب، فقد كنتُ أدرس عند الشيخ محمد الهاجري وبدون مكافآت مالية إذ لم يكن مرجعاً ولا وكيل مرجع. كما أن هناك اختلافاً في قراءة الحدث والتشخيص جعلتني غير متوافق مع الكثير من الرؤى المطروحة في مدينة الهفوف، ففضلتُ الابتعاد عن القراءة الحسينية فيها، وبما أني لم أؤم الجماعة في مساجدها لذلك أصبحتُ بعيداً عن الأنظار.

س/ما تعليقك على منهجية الشيخ صالح السلطان كونه مدرسة مستقلة؟
ج / الشيخ صالح السلطان لا يمكن النظر إلى فكره كمدرسة مستقلة أو منفردة، ولكن من جملة ما يميز فكر الشيخ صالح السلطان، أنه يجسد الإسلام والإيمان الصلب المستمد من أهل البيت (عليهم السلام) ومن عاصر من المراجع العظام فأدركوا واقع من أراد بدين الله سوء وهو الاستعمار ووقفوا سداً وحصناً منيعاً بإزائه فبذلوا الرخيص والنفيس للحفاظ على دين الله وعلى المؤمنين جزاهم الله خيراً. كما أنه لا يجامل على حساب الدين، ويتضايق من الشخصية المزدوجة في السلوك، كما أنه يرفض التغرير بخلق الله، ولا يقبل الفكر المتعارض مع الشريعة الإسلامية، ويهتم بكل ما يمس واقع الدين. كذلك يحرص على شرعنة الوسيلة والغاية من كل عمل يقوم به الفرد، وأنا قد أتفق معه في بعض الرؤى، وربما قد اختلف معه في رؤى أخرى ليس لها ربط بجوهر المبدأ والعقيدة.

س /حدثنا عن أبرز الشعراء في الساحة الولائية.
ج / السيد حيدر الحلي، الشيخ جعفر الحلي، الشيخ صالح الكراز، الشيخ علي الجشي الذي ألف عشرة آلاف بيت كلها مدح أهل البيت ورثائهم ( عليهم السلام)، والشيخ كاظم المطر، والشيخ صالح السلطان.

س /كلمة حول شخصية كل من:
1- الشيخ محمد بن سلمان الهاجري: أستاذي ما يزيد عن سبع سنوات، يملك قوة علمية، حافظة، قوة استحضار لكثير من شوارد المسائل.
2- الشيخ حسين بن الشيخ محمد الخليفة: صاحب فضيلة علمية، مشهود له بالنجف الأشرف، من أساتذة السطوح، ويشاد له بقوة تحصيله العلمي، وجودة تدريسه، ولكن مجيئه للأحساء ساهم في إخماد جذوة ذلك العلم بسبب انشغاله بالمجتمع وإدارة الحقوق الشرعية، ومن أبرز صفاته النزاهة.
3- السيد أحمد بن السيد محمد الطاهر السلمان: التواضع، أذن صاغية للكبير والصغير، كان يتيح الفرصة لطالب العلم أن يدلي بدلوه في مجلسه ويحترم رأيه، وكان لا يجيب إلا متأكداً من إجابته، وقد يطلب أحياناً مراجعة المصدر العلمي قبل أن يصّرح بفتوى أو مسألة شرعية. يقال أنه مجتهد، وهو أستاذ الكثير من طلبة العلوم الدينية في مدينة الأحساء والقطيف.
4- الشيخ صالح بن ملا محمد السلطان:
جاء إلى مجتمع بعيد عن الالتزام الديني، بل ما عرف المجتمع الأحسائي الثقافة الموسعة في باب الخمس إلا ببركته، ساهم في تأهيل شريحة من المؤمنين لطلب العلم. أمّ الجماعة في معظم القرى، وهو قوي في الفقه والعقيدة، وكذلك في اللغة العربية، فهو مبدع، وعنده قدرة على تحليل الشخصية المتحدث معها، يتمتع بغيرة خاصة على دين الله، عالم شاعر وأديب تتجسد في قصائده روح الإسلام، وهو مشهور بالإسلاميات، ويرفض الثقافة الغربية التي جاءت باسم الثقافة الأصيلة ولكنها في الباطن هدامة للإسلام.
من قصائده:
يا صاحب العصر قد ضاقت بنا السبل فالدين في كربة يدعو ويبتهل

أدرك محبيك قد ذابت قلوبهم مما دهى عراها الوجد والوجل

في لجة الشوق تجرى فلك ودكم فيها القلوب إلى رؤياك والمقل

عجل فديتك أن الأرض قد ملئت بالظلم والجور ضاق السهل والجبل

والمسلمون غدوا في فتنة عصفت قد ساسها الغرب فيها الكفر والدجل

باسم التقدم قد جاءت فباطنها فيه السموم ولكن ظاهرا عسل

والمبطون لقد لبوا دعايتها قد غرهم فتنة الدينار والأمل

5- الشيخ عبد الوهاب بن سعود الغريري:
شخصية متميزة بالورع والقداسة، التزم بالمحافظة على تربية مجتمعه الذي عاش فيه، سعى جاهداً في إصلاح مجتمعه بتثقيفه دينياً، بذل أقصى جهده لأداء مسؤوليته الدينية، نظيف الثوب، لا يساوم على الدين، عاش فقيراً وكان يعمل حائكاً في بداية حياته، وساهم في حفظ المجتمع من نار الآخرة، ولكن مجتمعه لم يحفظه من نار الدينا، ولذلك لم يحصل على التقدير المناسب من مجتمعه.

توفي الشيخ حسين في يوم الأحد الموافق 21/12/1442هـ، .
……………
*من كتاب هكذا وجدتهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى