أقلام

الحاج حسن بن أحمد الحبابي: من كتاب آباء وأجداد الجزء الأول

سلمان الحجي

الحاج حسن بن أحمد بن ناصر الحبابي، من مواليد عام 1360هـ، درس القرآن عند الملا حسين العبد الله، والتحق بعدها بالدراسة النظامية الابتدائية، ولكنه لم يكملها لظروفه المعيشية التي بدأ يكافح من أجلها بالرغم من أن طموح والده هو إكمال الدراسة النظامية.
وعندما أكمل خمسة عشر عاماً رحل إلى مدينة الخبر، وعمل في مهنة الميكانيكا بالكراجات عند علي العجمي، ثم شركة التوكيلات، ثم التحق بوزارة الصحة وعمل في مستشفى العدامة سابقاً، ويعرف حالياً بالمستشفى المركزي في قسم العمليات مساعداً في تحضير العمليات لمدة سبع سنوات، ثم ترك وزارة الصحة وعمل ميكانيكياً في رفحاء بشركة عبد الله الخضري، وبعدها التحق بهيئة مشروع الري والصرف على وظيفة ميكانيكي أعمال ثقيلة كأول عامل يوظف فيها، وكان ذلك عام 1967م، وبعد فترة زمنية ترك العمل بالهيئة وزاول أعماله المتنوعة في العديد من المشاريع التجارية.
ونتابع ملخص ما قاله لنا في لقائنا معه.

نعرف من سيرتك الذاتية تعدد الأعمال التي مارستها، حدثنا عن تجربتك الوظيفية بأهم ملاحظاتها. 
– كنتُ أحب العمل من الصغر، وأعتمد على نفسي لمواجهة متطلبات الحياة، ولذلك لم أتمكن من مواصلة الدراسة الابتدائية، وإلا كانت رغبة الوالد في ذلك رحمه الله.
من المحطات الهامة في مسيرة عملي الوظيفي أنني عملتُ في مستشفى العدامة سابقاً بالدمام الذي سمي بعدها بمستشفى الدمام المركزي مساعداً في تحضير العمليات لمدة سبع سنوات دون شهادة علمية، ولكني كنتُ أجيد أداء العمل بمهارة وإتقان نظراً لاستفادتي ممن كان يعمل في هذه المهنة بالتوصيات والإرشادات التي تقدم لي، ولكن واجهتني بعض الظروف، ولذلك تركتُ العمل بالمستشفى.
وكذلك من المحطات الهامة في مسيرة حياتي الوظيفية أنني مع علي بن أحمد العباد،وحسين باقر العلي أسسنا شركة مقاولات، وكانت شركة ناجحة، ولكنها توقفت بعد عشر سنوات من نشأتها لظروف فنية، ولذلك تمت تصفيتها على الود والاحترام. كذلك من أهم المشاريع التي أقدمتُ عليها: التجارة في المواد الغذائية ،ثم في المواد الكهربائية، وأصبحتُ أتنقل برأس المال من مشروع لآخر ،حتى استقررتُ على فتح سوبر ماركت بمدينة العمران،مع بعض الاستثمارات في سوق الأسهم والمشاريع الأخرى والحمد لله على كل حال.

حدثنا عن أبرز الأحداث التاريخية فيما يرتبط بتحسين البيئة التنموية لمدينة العمران.
– كان يشاد على مستوى الأحساء بمطالبة رجال مدينة العمران للمشاريع التنموية الحكومية، وكانت من أوائل المناطق التي أقرت الدولة لها مدارس حكومية ، إلا أن رفض بعض رموزها، وجعل تلك المشاريع التعليمية تحول إلى بلدة القارة، نظراً لقراءة البعض في ذلك الزمان بأن الوضع العام بدون المدارس أفضل من إنشائها،وفي السياق نفسه كان البعض يرفض العمل في شركة أرامكو، بل إن هناك مجموعة التحقت بالعمل بالشركة وتركتها بسبب الضغوط التي يواجهها الموظف في الشركة آنذاك، خصوصاً أن الأرزاق كانت متوفرة بسهولة في ذلك الزمان.
– أنشأنا محطة كهرباء بواسطة مولدات كهربائية، وتم تأسيس ذلك المشروع بشراكة بيني مع علي بن أحمد العباد،وقمنا في سبيل توصيل الخدمة بالاستعانة بمهندس متخصص في أعمال الكهرباء لتسليك الخدمة للمنازل المعنية، طبعاً كنا نأخذ رسوماً مالية من الأهالي المستفيدين من الخدمة،وقد وضعنا عداداً يحسب تكلفة الاستخدام، واستمر ذلك حتى تبنت شركة الكهرباء توصيل الخدمة.

-أسسنا جمعية تعاونية استهلاكية لبيع المواد الغذائية وقيمة السهم 10000 ريال، وسجلت بشكل نظامي، ثم تمت تصفيتها لاحقاً لأسباب إدارية.
-أسسنا اللجنة الأهلية، وكان هدف نشأتها تعليم أطفال الروضة بتكاليف رمزية.

-نشأة مشروع الزواج الجماعي: وقد سبقنا بذلك المشروع بلدة القارة، وفلسفة الزواج الجماعي قائم على ركيزتين هما: تخفيض تكاليف الزواج، وتكاتف وتعاون الأهالي، وكان عدد فرسان أول زواج جماعي في حدود تسعين عريساً،طبعاً بصفتي أحد فريق العمل بالمهرجان، أوكل لي مسؤولية لجنة التشريفات،بعدها أصبحتُ عضو شرف.

نشأة نادي العمران:
– كانت بدايته عن طريق اتفاق مجموعة من أطفال بلدنا على دفع اشتراكات مالية، وأتذكر منهم السيد حسين بن السيد محمد الحداد، ويوسف بن أحمد النجيدي، وأحمد بن عبد الله الحسن، وعبد المحسن بن جواد العلي، وسمي النادي بنادي السلامة، ثم غير اسمه إلى نادي الصواب، وفي مرحلة تطويره قمنا بشراء قطعة أرض ب 3500 ريال، واستفدنا من ذلك بتطور أداء النادي، إلا أن أرض النادي احتاجت لها الدولة لمحطة الصرف الصحي، وتم تعويض النادي ب(14400000) ريال وطلبنا من المسؤولين بالدولة أرضاً بديلة وقمنا بشرائها، واستغل ذلك المبلغ لتوفير منشآت للنادي، وما يزال النادي يحصل على المخصصات المالية من الدولة، بعدها ابتعدتُ عن أنشطة النادي لإتاحة الفرصة للشباب كدماء جديدة يستفاد منها، ولكنني ما زلتُ أقدم بعض المقترحات للمشرفين بكل ما يسهم من وجهة نظري في تطويره، ولعل من أبرز إنجازات النادي الفوز بكاس بطولة اليد للدرجة الأولى على مستوى المملكة.

نشأة البلدية:
– كنتُ ملاصقاً للوجيه محسن العيسى، الذي يعتبر قطباً في افتتاحها، وكان عمودها الأول وبمطالبات مستمرة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، وتمت الموافقة على طلب تأسيسها، وقد تزامن افتتاح البلدية مع بلدية العيون.

– _كيف تقرأ تجربة المجالس البلدية؟ 
-التجربة ممتازة من قبل الدولة وهي أفضل من العدم، تصب في المستقبل لتطوير مشاريع التنمية، وإشراك المواطن في القرار، ولكن الأحداث التي خلفتها الانتخابات الأخيرة تدل على أننا ما زلنا بدائيين في الحوار، ولا نعرف كيف نتعامل لو اختلفنا، وخلفت تلك الانتخابات تمزقات في المجتمع الواحد. وأنا لا أستطيع أن أسميه مجلساً بلدياً بما هو متاح في الدول الأجنبية، لأن تلك المجالس موسعة في صلاحياتها، ويستطيع أعضاء المجلس مناقشة ملفات متنوعة وهامة في التعليم والأمن والصحة وكافة الخدمات،وليس ما يرتبط بالبلدية فقط وأيضاً على نحو التوصيات.
وبالنسبة لتجربة المجلس البلدي ما قبل أربعين سنة كان من وجهة نظري أفضل في الارتباط الأسري بين أطياف المجتمع الأحسائي في التواصل، نعم نمت هناك قبلية ولكنها لا تقارن بمثل هذه التجربة التي نمت فيها الطائفية بقوة. وهناك شرائح تحركت فقط بمعيار المصلحة، كما أن طريقة اختيار الأعضاء في التجربة السابقة كانت تعتمد على أن مسؤولي البلدية كانوا يوجهون دعوة لمجموعة من الوجهاء وأعيان البلد، وهم بدورهم ينتخبون أفراداً منهم لعضوية المجلس البلدي.

ما أبرز الصفات التي ينبغي أن تتوافر في عضو المجلس البلدي. 
– أن يكون له بصمة لخدمة وطنه ومجتمعه، واعياً، رحب الصدر، وأن يتمتع بأخلاق عالية.

حدثنا عن أبرز الخطباء القدامى بمدينة العمران.
– الملا علي العبد الله،والملا علي العيسى، والملا جاسم الخلف، والشيخ حسن الجزيري.

لو طلبنا منك الحديث عن صفات الخطيب المثالي، من وجهة نظرك ، ما أبرز صفاتها؟ 
– إن أي خطيب حسيني يتبع الأسلوب الحضاري في الطرح – كما هو أسلوب المرحوم سماحة الدكتور/ الشيخ أحمد الوائلي – فإنه سيكون الخطيب المتميز ، لأنه رحمه الله كان مبدعاً على كافة المستويات، والمادة التي يعرضها في خطابته تتناسب مع كافة الاتجاهات، وفيها عمق وتحليل، وعرض سلس، وفن في العرض، وتحكم في وقت المحاضرة، وترك مناقشة بعض المواضيع التي مقامها في الحوزات العلمية، أو أن عرضها يسهم في تأخر المجتمع لا في تقدمه لو عرضها أمام شرائح متفاوتة في فهم وتحليل تلك المعلومات.
نعرف منك في الفترات الأخيرة بأنك افتتحت مجلسك كل ليلة خميس، كيف كانت بداية ذلك.
– في مدينة العمران كانت هناك العديد من المجالس المفتوحة، وكان الوالد له جلسات مع شرائح المجتمع.
أما عن نشأة هذا المجلس كان عام 1427هـ تقريباً، وكان بهدف التواصل مع المؤمنين، ونمو الحراك الثقافي، والالتقاء بالأحبة، وتبادل الخبرات، وتواصل الأرحام، ومن أبرز الشخصيات التي وجهت لهم دعوة في منتدانا: الشيخ عادل آل أبي خمسين، والشيخ نجيب الحرز، والسيد محمد رضا السلمان(أبو عدنان)، والشاعر ناجي حرابة، والشاعر عباس العاشور، والشاعر محمد الجلواح، وأعضاء منتدى الينابيع الهجرية بقيادة فارسه الشاعر الأديب ناجي الحرز، وسلمان الحجي،وغيرهم.
حكمتك المفضلة.
– من تواضع لله رفعه.
– نصيحة لشباب اليوم.
– أن يتمسكوا بالله وبالحبل المستقيم وطاعة الله.
– أصعب يوم مر عليك.
– بعد وفاة والدي محسن العيسى، فقد المجتمع الأحسائي عامة والعمران خاصة بطلاً من أبطالها.
كلمة مختصرة في حق كل من:
1- القاضي السيد محمد بن السيد حسين العلي: ترك إغراءات الدنيا، وارتبط بكل ما يصب في رضا الله من صلاة الليل، وخدمة الناس، وهو من أسرة وجيهة بخلقها وعطائها.
2- الشيخ حسين بن الشيخ محمد الخليفة: ورع وعلم وتقوى، وكان أنموذجاً فريداً في الأحساء، أوصى أسرته قبل وفاته بأن لا يعملوا له تأبيناً بعد وفاته، فقد قال: بأنه لا يستحق ذلك.
3- الوجيه محسن العيسى: يتميز بالجرأة والكرم، له مواقف بطولية، منها:ما قدمه من متابعة مع الملك فيصل بخصوص أخذ الموافقة على مشروع حجز الرمال، وكان من أبرز المطالبين بذلك، وقد كنتُ من المرافقين له، وملتصقاً به، وهو الشخصية الأولى في الأحساء، ويشهد له بالتميز في تواصله مع المسؤولين، وكان أهالي الأحساء يرجعون له من جميع طوائفهم، كان مرتبطاً بالعلماء،وسجل حضوره البارز في علاج المشاكل المصيرية بالأحساء.
4- الشيخ معتوق بن الشيخ عمران السليم: كان تقياً، له مواقف جريئة، يصدع بالحق ولا تأخذه في الله لومة لائم.
5- الحاج عبد الله بن حسن الوباري: من أبرز شخصيات بلدة المنصورة.
6- الحاج عبد المحسن العبد الله العلي: ممن ساهم في توعية الأهالي بأهمية المطالبات التنموية، ويملك خبرة في متابعة ملفات بلاده، وقد ساهم في نشر الوعي ببلده.
توفي الحاج حسن في يوم الثلاثاء 1/1/1443هـ إلى روحه ومن كتبت أسماؤهم من الموتى وموتانا وموتاكم وموتى المسلمين قراءة سورة الفاتحة قبلها الصلاة على محمد وآله.
تاريخ المقابلة 1430هـ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى