أقلام

الحاج عبد المحسن بن حسين السلطان

سلمان الحجي

الحاج عبد المحسن بن حسين بن أحمد السلطان من مواليد 1353 هـ، بدأ حياته بدراسة بعض أجزاء القرآن الكريم في مدينة العمران عند أحد الكتاتيب وهو الحاج عباس السلطان، وأكمل دراسته للقرآن الكريم عند والدته، بعدها التحق بدراسة القراءة والكتابة عند الملا حسن الشقاق وهو من بلدة الرميلة، واستمر في ذلك سنتين، وكان يمارس عمله في ذلك الحين في مهنة الزراعة (مهنة آبائه وأجداده )، وبعد ذلك استجاب لطلب أخيه الأكبر للعمل معه في مجال مقاولات البناء واستمر في ذلك حتى عام 1370هـ عندما توفي والده، ثم التحق بشركة أرامكو عام 1371هـ، وتزوج بعد خمس سنوات من عمله بشركة أرامكو، وخلال عمله بالشركة أكمل دراسة مناهجها وتنقل من قسم لآخر، ومن وموقع إلى أخر، كما حصل على الشهادة الثانوية أثناء عمله بالشركة، ثم التحق بالجامعة العربية ببيروت عن طريق الانتساب تخصص حقوق، ولكنه لم يستطع إكمال دراسته بسبب ظروفه الاجتماعية، قدم بعدها استقالته من الشركة عام 1399هـ، وافتتح منشأة تجارية سماها مؤسسة عبد المحسن السلطان للمقاولات، ثم حول نشاطها إلى توريد المعدات والآلات للشركات والقطاعات الحكومية، ولا يزال المسؤول الأول عنها، أما عن مسؤولياته الاجتماعية فقد تولى العديد من المناصب منها: رئيس جمعية المنصورة الخيرية، ورئيس جمعية سيهات فرع الدمام، وعضو مجلس أعيان الدمام، ورئيس حملة العدل للحج، ومدير شركة المستجار للحج ،كما أنه ناشط اجتماعي، وله مواقف نبيلة في خدمة مجتمعه ووطنه، ومشهود له بالخلق الرفيع والاستقامة، لنتابع ملخص لقائنا معه.

حدثنا عن أبرز ملامح طفولتك.

– كنتُ أعشق الدراسة منذ الصغر، وبداية دراستي للقرآن الكريم كانت عند الحاج عباس السلطان، وتضم الحلقة خليطاً من الأبناء والبنات، وأسلوب الأستاذ آنذاك يعتمد على استخدام الضرب في التعليم مما جعلني أنفر من ذلك، فانسحبتُ من درسه وأكملتُ دراسة القرآن عند والدتي ولمدة سنتين، التي اعتمدت على نفس أسلوب معلمي الأول(التعليم بالشدة)، وقد كان والدي مزارعاً، ووضعه الاقتصادي جيداً، وتحت إدارته أراض زراعية تسمى (أم كريبة) التي يملكها أفراد من أسرة المنديل، وقد اشتهرت بمساحتها الكبيرة، وسهولة وصول الماء إليها، وقد أطلق سابقاً على من يدير تلك الأراضي الزراعية الكبيرة وجيهاً لقرب مالكها من المسؤولين.
بعد ذلك التحقتُ بدراسة القراءة والكتابة عند الملا حسن الشقاق من بلدة الرميلة، وكان من رفقائي في الدرس: السيد كاظم العلي، وعبد الزهراء العباد، وعبد الله بن أحمد العيسى (والد الدكتور عيسى). وعرف عن أسلوب التعليم آنذاك أنه بدائي، وكنا ندرس بشكل يومي من الصبح إلى الظهر، ولا يسأل الأستاذ عن حضورك أو غيابك، وقد طلب مني الأستاذ أجرة التعليم وأعطيته المبلغ المستحق بعد التحاقي بشركة أرامكو السعودية، ولتشوقي وبعض أفراد بلدتي للدراسة طلبنا من المسؤولين افتتاح مدارس في العمران أسوة بالمدارس التي تم افتتاحها في الهفوف وبعض القرى، فسمع بذلك سماحة العلامة الحجة الشيخ معتوق بن الشيخ عمران السليم رحمه الله أكبر شخصية علمية في مدينة العمران آنذاك ،فرفض ذلك وقال: سوف أخرج من البلد حينما تنشأ مدارس فيها، ولذلك لم تتوافر مدارس بالعمران إلى حين وفاته عام 1377هـ.
بالنسبة لي ما زلتُ آنذاك متعطشاً للدراسة لذا رغبتُ في الالتحاق بشركة أرامكو، إلا أن أخي الأكبر رفض ذلك وطلب مني العمل معه، وكان يتبنى مقاولات صنع الطابوق لشركة أرامكو، وقد وظف بعض رجال البلدة لتنفيذ مشاريعه، وربح من ذلك الكثير من المال، وأوكل لي مسؤولية رش الطابوق بالماء، وكان يعطيني خمسة ريالات في اليوم، مع العلم أن أجرة موظف شركة أرامكو اليومي ثلاثة ريالات، ومن حبي للدراسة كنتُ عندما يأتي المشرف من شركة أرامكو لمتابعة جودة عمل مشاريع أخي أتحدث معه،وتعلمتُ منه بعض كلمات اللغة الإنجليزية، وبقيتُ في ممارسة عملي مع الأخ حتى وفاة والدي رحمه الله عام 1370 هـ أثناء زيارته للجمهورية الإسلامية الإيرانية ودفن هناك.

حدثنا عن تجربة التحاقك بشركة أرامكو.

– بعد وفاة والدي أبلغتُ أخي: بأني سوف أسجل في شركة أرامكو، فرفض ذلك بحجة أنه يعطيني أكثر من أجرة الشركة، فقلتُ له: أنا مستعد أن أدفع أجرة دراستي لمن يعلمني، فتعاطف أخي لذلك بعد وفاة والدي وترك القرار لي، فقررتُ التسجيل في شركة أرامكو، ولحاجة الشركة لموظفين افتتحت مكتباً لها في موقع يسمى (الخر) الذي يقع في فريق الرفعة الشمالية بمدينة الهفوف بهدف تشجيع المواطنين على التوظيف، وكنتُ كل يوم أتوجه لمكتبهم، وعندما ينظر إليّ مسؤول التوظيف بالشركة وكان سعودي الجنسية يضحك ويتجاهلني بحجة أنني لا أصلح لذلك لصغر سني وضعف بنيتي. من الطرائف في ذلك أنه ذات مرة أثناء محاولتي التسجيل في الشركة، ذهبتُ إلى مكتب التوظيف ووضعت بعض الحصيات تحت قدمي، فنظر لي المسؤول مستغرباً من ازدياد طولي السريع، وضحك عندما شاهد تلك الحصيات التي تحت قدمي وتركني، إلا أنني لم أيأس، فصرتُ أتوجه يومياً لمكتب الشركة للتوظيف للمحاولة في قبولي. في أحد الأيام خرج أحد المسؤولين من المكتب فقال: من يعرف مواقع القرى؟ فقلتُ: أنا، فقال: هل تعرف كل مواقع القرى قلتُ: نعم أعرفها بالكامل، واصطحبوني معهم وكلما عرفتهم بقرية نزلوا ووضعوا إعلاناً للتوظيف في مداخلها، ثم رحلوا، وهكذا حتى وصلوا مدينة العمران، ووضعوا إعلان التوظيف في مدخلها، وأرادوا الانصراف، فكنتُ أتحدث مع نفسي، لابد أن أقوم بواجب الضيافة لعلهم يتعاطفون معي في الحصول على فرصة توظيف بالشركة، ثم قلتُ لهم: تفضلوا بضيافتنا فرفضوا ذلك وبعد إلحاح شديد مني قبلوا ذلك، فضيفتهم في بيت خالتي، وذلك لقربه من الموقع، وضمان مناسبته في الاستعداد للضيافة، وكان عددهم ثلاثة ومعهم المسؤول عن التوظيف فقال لي شخص منهم: ألا تريد أن تتوظف في شركة أرامكو؟ فقلتُ له: أريد ذلك، ولكنكم لم تقبلوني فأعطوني ورقة وقالوا لي: قدمها غداً في مكتب التوظيف، وتوجهتُ في اليوم الثاني وعرضتُها على حارس البوابة وأدخلني على المسؤول الأمريكي للمقابلة، وكان معه مترجم، فمن ضمن الأسئلة التي كان يسألني إياها: معلومات مفصلة عن مدينة العمران وتاريخها وقراها، وكانت نتيجة مقابلتي الموافقة على قبولي في الشركة وكان عمري آنذاك 18 سنة، ثم طلب مني المجيء في اليوم الثاني إلى مكتب التوظيف، ومنها توجهنا بالقطار إلى محافظة أبقيق ومنها إلى مدينة الظهران، وأجروا لي امتحاناً آخر للقبول ونجحتُ، ورجعتُ مرة أخرى إلى ابقيق فكان المسؤول الأمريكي ينظر إليّ ويضحك وسألتُ المترجم عن سبب ضحكه فقال: يضحك لأنه لا يعرف أين يضعك؟ لصغر سنك، فأنت لا تصلح للعمل في مهنة النجارة، ولا البناء ولا الحدادة ولا … فقلتُ له: أنا أعرف أين يضعني ، قال: أين؟ قلتُ له: للدراسة، فاستجاب المسؤول (خصوصاً أنه قد عرف تشوقي لإكمال الدراسة)، ودرستُ لمدة سنتين في برنامج “مدرس تحت التدريب” وكنا ندرس ثماني ساعات يومياً المواد التالية: إنجليزي وحساب وتاريخ وجغرافيا ولغة عربية، ولما عرفوا تميزي في اللغة العربية أوكلوا إليّ تدريس اللغة العربية في الفترة المسائية، فكانوا يعطوني ثلاثة ريالات عن كل يوم وأربعة ريالات لتدريس اللغة العربية بإجمال راتب شهري قدره مئتان وعشرة ريالات، ولكني أوقفتُ من التدريس بناءً على قرار من الشركة.
من المواقف التي أتذكرها أثناء الدراسة في مادة الحساب كان معلمي فلسطيني الجنسية أثناء دراستي في المستوى الثالث، وكان كلما سألني مسألة أجيب عليها فنقلني مباشرة إلى المستوى الخامس وبدون المرور بالمستوى الرابع، وللمعلومية كنتُ من صغري بارعاً في الحساب، وأتذكر أن السيد عبد الله الحاجي، وهو من بلدة التويثير كان كلما سألني مسألة في مسائل الجمع والطرح والضرب والقسمة أجيب عليها فأطلق عليّ حلال المشاكل الحسابية، طبعاً تأسفتُ في حينها مع نفسي، لأنني لم أتوجه لإكمال الدراسة الحوزوية في النجف الأشرف، ولم أحصل على من يوجهني لذلك، بل كان المجتمع في ذاك الزمان لا يعطي وزناً لمن يدرس في كافة التخصصات، فهناك مجموعة تحبط وتشجع على التكسب من الحرف المتاحة في ذاك الزمان، من ذلك حصلتُ على فرصة لإكمال دراستي في الخارج إلا أن الوضع السلبي في محيطي فوت عليّ ذلك، ومع ذلك كان المسؤولون في الشركة يشجعوني على الدراسة، ثم طلبتُ الترقية من المسؤولين في الشركة، فرشحوني للعمل في العلاقات العامة مع أجهزة الدولة، وكان برنامجهم المقترح سنة تدريبية في إمارة الأحساء، وسنة ثانية في إمارة الدمام وسنة أخيرة في إمارة الرياض، بعدها سأرشح على وظيفة مسؤول علاقات عامة بالأحساء، ولكن أحد أعمامي وكان وجيه الأسرة قد رفض ذلك، فأبلغتُ المسؤول بذلك فرمى الملف في وجهي وهو “مسيحي الجنسية”، فرشحتُ بعدها للعمل في الورش والصيانة على وظيفة رئيس كتاب الورش في أبقيق وكنتُ أعمل في الصباح وأدرس في المساء، ولما أنهيتُ مناهج أرامكو، وحصلتُ على الشهادة الابتدائية بنظام السنة الدراسية ليلاً ،طلبتُ الحصول على قرض، ومنحتُ ذلك وبنيت منزلاً في الظهران، فطلبتُ نقل عملي إلى الظهران فرفض المسؤول ذلك: بحجة أن العمل هنا أفضل وظيفياً، وبعد الإصرار تمت الموافقة على طلبي. وفي الظهران اشتغلتُ في إدارة الهندسة، ولكني ما زالتُ أطمح أن أحصل على بعثة، فطلبتُ ذلك ورفض الطلب من قبل إدارة الشركة، واشترطوا الحصول على شهادة المرحلة الثانوية كبوابة أساسية للابتعاث، وكان عمري آنذاك ستة وعشرين عاماً فدرستُ ليلاً بمدرسة حكومية للحصول على شهادة المرحلة المتوسطة بنظام تنهي الثلاث سنوات في سنة واحدة، وكان عددنا تقريباً خمسين طالباً، لم ينجح معي إلا القليل، ثم قررتُ الالتحاق بالدراسة في المرحلة الثانوية العامة فطلبتُ من المسؤولين بالشركة تغيير بداية عملي من الفترة الصباحية إلى الفترة المسائية أول ليل بنظام الشفت، فتمت الموافقة على ذلك، وكنتُ أدرس في الصباح، وأعمل في المساء، وكان نظام الدراسة الحكومي آنذاك يعطى الطالب المنتظم مكافأة مالية، وقد استفدتُ من تلك المخصصات المالية التي تمنح لي، فلما علم مدير المدرسة بأني موظف في شركة أرامكو قرر قطع المكافأة، فقلتُ له: إذا كانت المكافأة من عندك اقطعها، أما إذا كانت من خزينة الدولة فلا داعي لقطعها، فاستجاب لذلك. وبعد حصولي على الشهادة الثانوية طلبتُ من مسؤولي الشركة منحي فرصة الابتعاث فرفض طلبي، فقلتُ لهم :سأدرس على حسابي ولكن أطمح مساعدتكم منحي إجازة أيام الاختبارات فتمت الموافقة على ذلك،ثم وافقوا على تحمّل الشركة بمقدار 85% من تكاليف الدراسة شريطة أن لا أدرس تخصص الحقوق، وعند إصراري على دراسة الحقوق رفض المسؤول المباشر تحمل الشركة أي مخصصات مالية للدراسة، فسجلتُ في الجامعة العربية ببيروت وكان عمري آنذاك إحدى وثلاثين سنة، ودرستُ بالانتساب بالجامعة تخصص حقوق لمدة سنتين، ولكني لم أستطع إكمال دراستي بسبب زواجي الثاني وتعدد مسؤولياتي الاجتماعية بالبلدة، وفي عام 1974 م قدمتُ استقالتي من الشركة بهدف استغلال النهضة العمرانية والطفرة الاقتصادية، وكانت حضانات مشجعة على الاستثمار لذلك افتتحتُ مؤسسة عبد المحسن السلطان للمقاولات، وبعدها غيرت النشاط نظراً لصعوبة التعامل مع شريحة من المستفيدين (مقاولي البناء) فحولت نشاطي إلى توريد الآلات والمعدات للشركات والأجهزة الحكومية، ولا زالت المنشأة تمارس عملها.

حدثنا عن أبرز أنشطتك في بلدة المنصورة

– طبعاً أنا عشتُ في صغري في بلدة العمران الشمالية، وكان أهاليها يشكون من العطش في الصيف، وزيادة الماء في الشتاء، كما أنها كانت مهددة بالرمال، مما ساهم ذلك في منع شركة أرامكو إعطاء موظفيها أراضي في تلك المنطقة.
ولعلاج تلك المشكلة، تقدم وفد من وجهاء البلدة وقائدهم محسن العيسى، بزيارة إلى الملك عبد العزيز يطلبون منه منحهم مخططاً جديداً، فتمت موافقة الملك على ذلك ،وتم منح الأهالي الأراضي التي في مدخل المنصورة من الغرب، وتشمل ثلاث مئة قطعة تقريباً.
وبهدف استغلال تلك المنح، تحدثتُ يوماً مع الوجيه عبد الله السلمان عن أهمية الاستفادة من تلك الأراضي، فتشجع لذلك وتوجه إلى رئيس بلدية الأحساء، وطلب تعجيل قرار تقسيمها على مواطني العمران، فقال له المسؤول: لا إشكال في ذلك، فقط نطلب من المواطن الذي يريد أن يستفيد من تلك المنفعة، أن يقدم خطاباً موثقاً من العمدة يطلب فيه رغبتُه الحصول على أرض في ذلك الموقع، وقد أبلغ أهالي البلدة بذلك وبدأ بعضهم في إجراءات التملك، وحصل بعضهم على رخصة بناء، ولكن لم يستفد أحد من المواطنين من ذلك المخطط نظراً لاختلاف وجهات النظر، وكانت من نتيجته خروج مجموعة من العمران إلى بلدنا الحالية(المنصورة)عن طريق شراء أراض من مخطط حسين العرفج بقيمة ثلاث مئة ريال بعدد مئة وعشرين قطعة، وكل أرض مساحتها ثلاثمائة وخمسين متراً م2، وكان إجمالي من ترك العمران الشمالية من الأهالي مئتين وأربعين متزوجاً، فقسمنا بعض الأراضي إلى قسمين لتكون كافية لكل من استوطن في بلدة المنصورة، ثم حصلت توسعة عمرانية ً بالبلدة بضم مخطط الشعيبي، والتحقت بنا مجموعة من أهالي بلدة الحوطة (أربعون أسرة) تقريباً نظراً لبعض المشاكل مع أهالي بلدتهم. طبعاً بما أن بلدة المنصورة منطقة جديدة كان ينقصها خدمات كثيرة، وكنا نرفع خطابات للمسؤولين بالدولة بدايتها باسم أهالي المنصورة والقرى المجاورة(المنيزلة، والشهارين ،والطريبيل، والجبيل)،ثم استقلت هذه القرى بمطالباتهم، وأتذكر من مطالباتنا للملك فيصل بن عبد العزيز، أننا كنا نطلب منه توفير طلباتنا كلها، فقال: نوفر لكم بعضها، ثم قدموا خطابات أخرى من جديد ونعطيكم بعضها، أما إذا لم تطالبوا نهائياً، يعني ذلك في نظرنا رضاكم عن الخدمة.
من الخدمات التي استطعنا توفيرها بالبلدة مدارس البنين، وبعدها مدارس البنات، وخدمة الكهرباء والبريد ومكتب الخدمات البلدية، كذلك طلبنا إنشاء ناد رياضي وكانت عندي قطعة أرض أردتُ عملها مقراً للنادي، مع العلم أن شركة أرامكو كانت تدعم ببعض المخصصات المالية للنوادي، وحصلنا على بعض تلك الوفورات المالية من الشركة، ولكن حصل من اعترض على فكرة نشأة ناد بالبلدة، وأبلغني بعضهم بأنهم سوف يرجعون إلى بلادهم الأصلية العمران إذا تم افتتاح النادي، وتدخل الملا عبد الله السلمان وطلب مني التخلي عن فكرة النادي لشراء خواطر بعض رجال البلدة، ففكرتُ بجعلها مكتبة عامة كميدان لنمو الحراك الثقافي فتمت الموافقة على ذلك، وقمنا بشراء بعض الكتب وحصلنا على بعضها عن طريق التبرعات من هنا وهناك، ولكن نشاطها توقف لضعف روادها وضياع كتبها.
طبعاً مطالباتنا للنادي الرياضي رجعت فيما بعد مرة أخرى، وقدمنا طلباً للأمير فيصل بن فهد رئيس رعاية الشباب آنذاك، واستقبلنا وقال لنا: إن أول ناد تتم الموافقة عليه بالأحساء سيكون من نصيبكم، ولكن فترة الاعتراف بالأندية الجديدة تأخرت وقد توفي الأمير فيصل ثم تغيرت خطط الرئاسة للاعتراف بالأندية الجديدة. بالنسبة لأزمة المياه: كنا نأتي بماء الشرب من بعض عيون المياه المشهورة بالمنطقة كعين الخدود وعين الحقل وغيرهما، أما استخدام الماء لمختلف احتياجاتنا الأخرى كنا نستفيد من نهر حواش، بعد ذلك قررنا حفر بئر، وقمنا بتنفيذ المشروع ولكن الماء لم يخرج منه في تلك المنطقة المحفورة، فشاع الخبر عند الأهالي أن بلدة المنصورة ليس بها ماء، بعد فترة من الزمن اشتركنا مع بعض أفراد العائلة وحفرنا بئراً وخرج منه الماء، وقررنا توصيل خدمة الماء للأهالي برسم مالي يغطي المبالغ المالية التي تحملناها في حفر البئر، واستمر ذلك حتى قامت الدولة بحفر آبار بالبلدة وعملت خزانات لذلك. من مطالباتنا تأسيس الجمعية الخيرية، حيث كنا في بداية الأمر كل أسرة أسست جمعية مالية بين أفرادها، تجمع من خلالها مبالغ مالية من المقتدرين وتوزعها على المحتاجين والفقراء، فلما علمت بذلك إدارة الشؤون الاجتماعية بالدولة، منعت ذلك بحجة أنها غير نظامية، لذا قدمنا بعدها خطاباً إلى المسؤول بإدارة الشؤون الاجتماعية بالدمام بطلب الموافقة على افتتاح جمعية بشكل رسمي، ثم سافرتُ وعلمتُ بعد ذلك أن وفداً من الشؤون الاجتماعية جاء زائراً للبلدة، فسأل عن طلبنا المقدم بخصوص الجمعية، فقال بعضهم: لم نقدم على ذلك، لعدم علم من سأل بطلبنا المقدم، بعد ذلك قدم أحمد بن إبراهيم الهديبي خطاباً إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بطلب إنشأء جمعية خيرية، وقام بتسجيل أسماء المؤيدين لذلك ومن ضمنهم اسمي، لما رجعتُ من السفر راجعنا إدارة الشؤون الاجتماعية بالدمام بخصوص تعجيل افتتاح الجمعية، فتمت الموافقة على ذلك عام 1404هـ وقد تولى إدارتها أحمد بن إبراهيم الهديبي لمدة ثلاث سنوات، ثم محمد أحمد المحمد صالح لمدة ثلاث سنوات، ثم أوكل لي إدارتها لمدة 12 سنة.
حدثنا عن أبرز أخبار منطقة الدمام.
– بحسب معلوماتي عن أول من انتقل إلى الدمام قادماً من الأحساء، مجموعة من أهالي المبرز في حدود الثلاثين منزلاً، وسكنوا في منطقة الشعيبة القريبة من مكتب العمل والعمال، وهناك ثلة أخرى سكنت داخل الدمام، وكان المؤمنون يقيمون الشعائر الحسينية في منزل الوجيه حسن بن محمد النمر، وخطيبهم المفضل الشيخ سعيد أبو المكارم، فأراد الوجيه علي الخميس شراء أرض يخصصها مسجداً، وتم ذلك ثم رغب في أن يوقفها ولكن لم يتحقق ذلك، ثم قام مرة ثانية بشراء أرض ثانية وتم إيقافها كمسجد.

– *تحدثت في جوابك السابق عن هجرة شرائح من المجتمع الأحسائي إلى الدمام ،فمن وجهة نظرك ما أهم المقومات الاقتصادية التي كانت مشجعة للهجرة من الأحساء إلى الدمام؟*

– الدمام كانت في بدايتها لا تزيد مساحتها عن كيلو متر مربع، وكان البحر يحيط بها من كافة الجوانب، فأرادت الدولة تطوير البنية التحتية للدمام، وتم تعيين أميرها وهو الأمير سعود آل جلوي، وكان أميراً للأحساء قبل ذلك، وقد كان ذلك الأمير منصفاً مع أهالي الأحساء شيعة وسنة. اهتم كثيراً بمشاريع البنية التحتية لمدينة الدمام، وبما أن الدمام بلد ناشىء، ولقربها من شركة أرامكو، ولتوجه المسؤولين بالدولة لتكون عاصمة المنطقة الشرقية، وغير ذلك، هذا جعلها حضانة للمشاريع الاقتصادية، مشجعة للسكن بها، ومن أبرز المشاريع الاقتصادية التي حفزت أهالي مدينة الأحساء على الانتقال إليها مشاريع الذهب والأقمشة والخضار والفواكه.

سمعنا أن وفداً شكل لمقابلة الملك فيصل بن عبد العزيز بخصوص إنشاء مسجد بالدمام ، ما صحة ذلك؟

– نعم شكلت لجنة من أعيان الأحساء والدمام والقطيف لمقابلة الملك فيصل وأتذكر منهم: حسن النمر، وحسين بن محمد العلي، والسيد محمد العوامي، والسيد حسن العوامي، وعيسى البشر، ومحمد العلوان، وطاهر الغزال، وكان من المفترض يتوجه معهم محسن العيسى، ولكن لم يتمكن من الذهاب لظرف طارئ حصل له.
وكانت خطتهم الالتقاء بالملك فيصل في جلسة خاصة، ولكن الظروف لم تسمح بذلك، فكان اللقاء بالملك فيصل في جلسته العامة مع المواطنين.

وماذا بعد عن المشاريع الدينية بالدمام؟

– تم شراء بيت المرحوم علي الخليفة، وموقعه في شارع الحب بالسوق بالقرب من الإمارة، وأسس كمسجد كان يقيم صلاة الجماعة فيه السيد علي بن السيد ناصر السلمان، وكذلك الشيخ صالح بن الملا محمد السلطان وبعض طلبة العلوم الدينية الذين يترددون على الدمام، وفي إحدى السنوات قرأ فيه عشرة محرم الخطيب الحسيني السيد حسين الشامي، بعد ذلك تم شراء أراضٍ في منطقة بو رشيد وتم إيقافهما كمسجد. وأخيراً قام الوجيه عبد الله المطرود بأخذ إذن من أمير الدمام عبد المحسن آل جلوي آنذاك ببناء مسجد يخصنا ووافق على ذلك، وتم متابعة الإجراءات مع إدارة الأوقاف بالدمام، وتم الشروع في البناء بدعم من السيد علي بن السيد ناصر السلمان والوجيه حسن النمر، وقد كلفتُ بصفتي مقاولاً ببناء المسجد، وبعد صب السقف الأول أقمنا صلاة الجماعة بإمامة السيد علي الناصر. وبعد العديد من الإجراءات أقيمت صلاة الجماعة بإمامة السيد أحمد الطاهر، ثم بعدها بإمامة السيد علي الناصر.

حدثنا عن أهم خطواتكم الساعية لخدمة المجتمع.

– هناك خطوات عديدة منها: توجهنا مع وفد يضم ثلاثمائة شخص إلى أمير منطقة الدمام سعود آل جلوي آنذاك للمطالبة بخدمات لبلدة العمران، وكان ذلك برئاسة الوجيه الملا عبد الله السلمان، وكان عمري خمس وعشرون سنة فرفض الأمير دخول هذه المجموعة وطلب مقابلة اثنين من الوفد، ورشحتُ للدخول على الأمير مع عبد الله السلمان، كما كنتُ أحد الأفراد الذين يرسلون برقيات للملك فيصل للمطالبة بخدماتنا لتوفير معاهد التعليم بمنطقة الأحساء، وكان معي محمد بن الشيخ، وياسين آل أبي خمسين، وجواد الهلال، ومحمد الخليفة، وتمت الموافقة على ذلك بعد وفاة الملك فيصل.
ومنها قيامي بمراجعة إدارة الأوقاف بالدمام، عندما طلبوا مني بصفتي مقاول المسجد معرفة أسباب التأخر في بناء المسجد الواقع بمنطقة العنود، فذكرتُ لهم بسبب الأقساط المالية التي تمنح لي من المطرود، وصعوبة الحصول على فيز العمل من مكتب العمل. كذلك توجهنا مع وفد يضم كلاً من: أحمد النمر، وعبد الله الحسين، والسيد عبد الله الناصر، وحسين النمر لمقابلة الأمير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية آنذاك فيما يرتبط بالمسجد المذكور، وقد أخبرنا الأمير بالموافقة على افتتاح المسجد.
كذلك كنتُ مع الوفد الذي قام بزيارة الأمير عبد الله بن عبد العزيز، عندما كان ولياً للعهد، وكان يتزعم الوفد سماحة الشيخ محمد الهاجري، ومعنا السيد هاشم السلمان، والشيخ عادل آل أبي خمسين، والشيخ نجيب الحرز وآخرون.

حدثنا عن تجربتكم في نشأة قافلة العدل للحج

– بدايتها سافرتُ حاجاً مرات عديدة مع السيد علي بن السيد ناصر السلمان، مع قافلة العلي بالمبرز، فكان السيد علي يكرر عليّ بأنه يطمح إلى تأسيس قافلة على غرار قافلة التوحيد التي بالكويت. بعد ذلك تم عقد لقاء بين بعض شخصيات الكويت ممن يملكون خبرة عن حملة التوحيد مع ثلة من شخصيات الدمام بقيادة السيد علي الناصر، وطلب مني حضور الاجتماع، فرفضتُ حتى لا يغضب علينا أصحاب قافلة العلي، وفي الاجتماع الثاني حضرتُ لمعرفة أهم ما ينبغي أن تتوفر لدينا من مقومات لإنجاح قافلة الحج، بعدها تم الشروع في إنشاء قافلة الحج باجتماع خمسة عشر شخصاً وتم انتخابي المسؤول عنها قبل منح التراخيص، وكنا في أول سنة نأخذ على الحاج والكادر بالقافلة رسماً مالياً قدره خمسة آلاف ريال، وأتذكر أن عدد الحجاج أول سنة انطلاقة كان مئة وعشرين حاجاً، وبعد ثلاث سنوات حصلنا على الترخيص، واختار السيد علي بن السيد ناصر السلمان اسماً لها وهي قافلة العدل للحج، وبعد النظام الجديد لوزارة الحج أسسنا شركة المستجار وكنتُ أحد الشركاء، ولا زلتُ كذلك، وبتأسيس الشركة ساهمت في تسهيل إجراءات التنقل في المشاعر، طبعاً الربح للشركاء وليس لقوافل الحج المنضمة إليها، لأن التعامل القانوني من وزارة الحج مع الشركاء .
– نصيحة تقدمها لكل من:
1- الطالب الأكاديمي: أنت في زمان سلاحه العلم، وإذا لم تتعلم وتبني نفسك (كأنك تدخل معركة بدون سلاح)ولاشك أنك ستهزم.
2- الطالب الذي لم يحصل على وظيفة:
مشكلتنا الاستسلام والانهزامية والسلبية والتشاؤم، والرزق لا يتوقف على الوظيفة، هناك فئة من نخبنا رفضت وترفض الوظيفة، وهناك روايات تحث على سلك المؤمن للتجارة، وهناك بعض التجار بدأوا حياتهم التجارية من الصفر واستخدموا سياسة مالية ملخصها أن لا يصرف من المال أكثر مما يقبض منه، وأن يوفر رأس المال الكافي لتأسيس المشروع التجاري ولو بالقرض، مع وضع جدولة لسداده، وأن يستفيد من خبرات غيره، ويتمرس العمل التجاري، ليصبح رقماً اقتصاديا بارزاً، أما بعض الشباب فيطمح من بداية حياته التجارية، أن تظهر نعمة الله عليه وهو لا يملك شيئاً.

– *ما أبرز التصرفات التي تزعجك في المجتمع؟*

– عندما ينتشر مرض الكبير لا يرحم الصغير، والصغير لا يحترم الكبير، بمعنى أصبحت المعايير مختلفة، مما يعكس البعد عن القيم الحقة.

– *ما تقييمك للمجالس البلدية في دورتها الأولى؟*

– هناك صفات يلزم توفرها فيمن يرشح نفسه لعضوية المجلس البلدي، فإذا كان ذلك المرشح يهدف من وراء ترشيحه الوجاهة، فلا أشجع ترشيحه، لأنه لن يفيد المجتمع، ولابد من توفر معايير موضوعية في الشخصية المرشحة لتلك العضوية، وأن نبتعد عن المعايير العاطفية التي قد تزج بأعضاء لا نتاج منهم.

– **حدثنا عما تعرفه عن كل من: **
1- السيد علي بن السيد ناصر السلمان: تقي ورع، رجل واعٍ، ذكي، متعمق في الدين، أكاديمي، لا يجامل، شديد في ذات الله، نشيط في خدمة المجتمع، أسس مجلس أعيان الدمام يضم خمسة وعشرين فرداً من نخب المجتمع لمتابعة طلبات المجتمع، وتقريب العلاقة بينهم، وساهم في افتتاح فرع جمعية سيهات بالدمام، ولديه متابعة، موضوع نشأة مقبرة بالدمام.
من مواقفه: في إحدى السنوات بموسم الحج وكان معنا طاهر بن عبد الله الجنوبي، توقفنا في مزدلفة ننتظر حاجاً كان قد فقد في منى أثناء رمي الجمرات، ونحن في قلق لفقد ذلك الحاج، وبعد تعب جلسنا على الأرض، وإذا بحاج سكب الماء من موقعه، وكانت جلستنا في موقع منخفض وانحدر الماء حتى وصل إلينا، وغضب السيد علي من ذلك، فحان وقت الصلاة فقلنا للسيد علي: تقدمنا لصلاة الجماعة، فقال: أنا عدالتي سقطت بسبب غضبي على ذلك الحاج، ثم جاء السيد إلى ذلك الحاج يطلبه براءة الذمة واعتذر منه.
2- الشيخ محمد بن سلمان الهاجري: إضافة لمستواه العلمي الرفيع، شخصية اجتماعية من الدرجة الأولى.
3- الشيخ صالح بن الملا محمد السلطان: كنت أتحدثُ عن السيد عبد الله العبد المحسن (أبي رسول) بمحضر المرجع الديني السيد محسن الحكيم فقال السيد الحكيم: هناك شخصية لا تنسوها وهو مجاهد وصاحبها الشيخ صالح السلطان.
4- السيد طاهر بن السيد هاشم السلمان: بعد وفاة قاضي محكمة المواريث الجعفرية بالأحساء السيد محمد بن السيد حسين العلي، انتخبتُ مع مجموعة من المؤمنين للتوجه إلى السيد طاهر السلمان لقبوله القضاء بالأحساء فرفض ذلك.
5- الشيخ حسين بن الشيخ محمد الخليفة: لما توفي السيد أبو القاسم الخوئي رحمه الله، طلب مني السيد علي بن السيد ناصر السلمان أن أحضر معه الاجتماع الذي سيعقده مجلس العلماء، وكان يضم : الشيخ حسين الخليفة، والشيخ عبد الله الدندن، والشيخ علي بن علي الدهنين …. وآخرين، وكان العلماء يرون أعلمية السيد محمد رضا الكلبايكاني والشيخ حسين الخليفة يرى أعلمية السيد عبد الأعلى السبزواري، فكانت كلمة الفضلاء على أعلمية السيد الكلبايكاني باستثناء الشيخ حسين الخليفة الذي يرى أعلمية السيد السبزواري، ثم قال الشيخ حسين الخليفة: أنا ما أعرف الكلبايكاني، فاتصل الشيخ حسين الخليفة على السيد محمود الهاشمي فقال له السيد الهاشمي: الأنظار ترى أعلمية السيد الكلبايكاني.
6- السيد أحمد الطاهر: كان متواضعاً، وخلقه رفيع مع الصغير والكبير
7- الشيخ حبيب الهديبي: ورع، ومتواضع أكثر من اللازم، حاذف من قاموسه كلمة أنا.
8-الشيخ علي الدهنين: كثير الاحتياط في أمور الدين.
9- الملا عبد الله السلمان: واجهة بلدة المنصورة والمنطقة، من نشاطه التصدي لحاجات البلدة، ولن أتحدث عنه كثيراً حيث شهادتي فيه مجروحة لأنه أخ وصديق وابن عم.
10- أحمد بن الملا حسن الوباري: مثال للكفاح والتصدي ،ونشيط وواع، وشخصية بارزة.
11- محسن العيسى: مشهور بالكرم والحنكة ،واجهة المنطقة، يؤخذ رأيه في معظم ملفات الأحساء الاستراتيجية، وكان هو والسيد جواد العبد المحسن من أبرز الشخصيات التي عرفت بالكرم على مستوى الأحساء.
12- حسن النمر: من وجهاء الدمام برز اجتماعياً.
13- علي الخليفة: تبنى دعم المشاريع الخيرية، كان يقول لياسين بو حليقة: أطلب من المؤمنين الدعم المالي للمشاريع الخيرية، وأي عجز مالي أنا أتحمله.
14- حجي بن حبيب السلطان: كبير أسرة السلطان، كريم، علاقاته بعلماء الدين قوية، كثير المجالسة معهم، أخذ أطباع خاله الشيخ معتوق السليم.

(2008-10-30م)، 21/5/1433هـ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى