أقلام

أزمة ارتفاع أسعار تذاكر الطيران إلى مانيلا

أمير الصالح

أضحى من الطبيعي أن نسجل ارتفاع أسعار تذاكر الطيران الجوي في مواسم معينة من العام ذاته، ولاسيما المتجهة نحو محطات دينية أو سياحية.
ففي موسم الحج المبارك ترتفع أسعار تذاكر الطيران المتجهة من خارج المملكة إلى مطار مدينة جدة.
وكذلك نرى من الطبيعي أن ترتفع أسعار تذاكر الطيران المتجهة إلى محطات السياحة في أوربا في فصل الصيف من كل عام.
وتكون الزيادة بنسب معقولة جدًا ومنطقية ومبررة.
السفر للعبادة أو للسياحة يعقدها البعض بمعدل مرة أو مرتين خلال فترة العمر. وقد يعقد البعض السفر في ذروة المواسم من كل عام دونما وجل من ارتفاع الأسعار لأن لديهم سعة في المال والثروة أو الدخول المتدفقة بشكل كبير.

أما شراء تذاكر سفر العاملة المنزلية فيتم شراؤها ذهابًا وإيابًا على حساب المستفيد وهو على المعتاد رب الأسرة المواطن والمكافح وذوو الدخل المحدود.

تداعت الحاجات الملحة لبعض الأصدقاء إلى استقدام خادمات منازل عونًا لزوجاتهن أو والديهم في أداء مهام التنظيف والعناية بالمنزل. وكان من نصيب أحدهم أنه استقدم عاملة منزلية من دولة الفلبين بسبب قلة البدائل المتفقة مع مواصفات العاملة المنزلية المطلوبة من جهة، وانغلاق أبواب الاستقدام من دولة إندونيسيا للأفراد. وصادف أنه بعد سنة من استقدام صاحبي لعاملة منزلية من الفلبين، وتشخيصه عدم كفاءتها في أداء العمل، اندلعت جائحة كورونا في شرق الكرة الارضية، فابتلي بها.

يومذاك بدأ العالم بتطبيق احترازات صارمة في معظم رحلات الطيران المتجهة من دول شرق آسيا وإليها، شملت إغلاق مطارات . مع قرب حلول انتهاء عقد الاستقدام، فاضطر صاحبي إلى تمديد إقامة العاملة المنزلية الفلبينية لوجود فترة حجب في السفر من قبل دولة المنشأ للعاملة.
بعد مضي سنتان من بداية اندلاع أزمة الجائحة لاح انفراج، وتهافت الكثير من مُستقدمي العاملات لشراء تذاكر طيران بهدف ترحيل العاملات المنزليات الفلبينيات.
وحدث شي لم يكن في حسبان معظم الناس.
ويقينًا لن تصدق أخي القارئ/ أختي القارئة عينيك عندما تشاهد قفزات أسعار تذاكر الطيران للدرجة السياحية، اتجاه واحد، مثل من مدينة الدمام بالمملكة إلى العاصمة الفلبينية مانيلا، لا بل قد شعر البعض من المواطنين بدوار رأس من قوة صدمتهم بأسعار التذاكر.
هل كنت تتخيل يوما ما أن تكون سعر التذكرة خط واحد من الدمام إلى مانيلا تتجاوز قيمتها أربعة أضعاف سعر تذكرة ذهاب وإياب من مدينة الدمام إلى مدينة نيويورك الأمريكية؟!!!

والجدير بالذكر أن المفاجأة الثانية هي أن بعض الخطوط الجوية فرضت تحديد الوزن بقطعة واحدة بدل اثنتين، وخفضت الوزن من ٤٦ كجم الى ٣٤ كجم !!
و المفاجأة الثالثة: أن الاشتراطات والمتطلبات الصحية والسعرية للتذاكر في تغيير متسارع ودائم، فمثلًا المسحة الطبية تحولت من إلزامية قبل انعقاد رحلة الطيران بـ ٧٢ ساعة إلى ٤٨ ساعة، وأن بعض العيادات الصحية اشترطت المواعيد المسبقة قبل أخذ المسحة الطبية، وأن أسعار المسحة الطبية من العيادات والمستشفيات المعتمدة متذبذبة أسعارها واضحة العبء.

اغتنمت بعض المواقع الإلكترونية المتعددة في مجال بيع تذاكر الطيران الفرصة في الترويج لبيع التذاكر الأقل تكلفة، والدخول على خط المنافسة لاستقطاع حصتها من السوق دون استدراك من تلكم المواقع الإلكترونية بالتغيرات والاشتراطات المتجددة في محطات دول الإقلاع ومحطات الهبوط والترانزيت للرحلة الجوية.
قبل موعد الرحلة بشهر، بالفعل اشترى صاحبنا تذكرة سفر من أحد تلكم المواقع الإلكترونية المعروفة، وخاض تجربة تستحق المشاركة مع أبناء المجتمع، وكان خط السير للرحلة هو: الدمام- الدوحة-بانكوك-مانيلا. وكانت قيمة سعر التذكرة هي ثلث قيمة التذكرة التي يزودها الناقلون الرسميون لكامل الرحلة!!

إلا أن المفاجأة الصاعقة هي أن خوارزميات تلكم المواقع الإلكترونية غير ملمة بالتحديثات والاشتراطات القانونية والإجراءات الاحترازية المتغيرة في محطات دول الإقلاع ومحطات دول الهبوط ودول الترانزيت للرحلات الجوية.
في يوم الرحلة الموعودة توجه صاحبنا وزوجته مع العاملة الفلبينية المنزلية إلى قاعة المغادرة بأرض المطار ليتفاجأ بأن موظف الخطوط الناقلة للمقطع الأول من الرحلة ( دمام- دوحة- بانكوك ) رفض إصدار تذاكر الركوب، والسبب -حسب قوله- إن نقطة الترانزيت ( بانكوك ) اتفقت سلطاتها الجوية مع سلطات الجو في الفلبين حديثًا بحصر صلاحية نقل الركاب في الناقل الجوي الوطني لكلا البلدين، وعليه يكون الناقل الجوي التجاري الاقتصادي للخطوط المتنوعة مثل air asia وceibu air وأخواتهن غير مؤهلين لنقل الركاب، وتذاكرهما غير مؤهلة للاستخدام للجزئية المحددة.
هنا تلقائيًا أصبحت كامل الرحلة الجوية من الدمام إلى مانيلا ملغاة، وعلى المشتري استصدار تذكرة جديدة تلتزم باستخدام الناقل الجوي الوطني الرسمي للدول، واضطر صاحبي للدخول في دوامة رفع مطالب استرداد وتعويض أمواله من الموقع الإلكتروني المُصدر للتذكرة، والهرولة مسرعًا لشراء تذكرة سفر جديدة، وعمل مسحة طبية جديدة توافق الاشتراطات الزمنية، وإعادة جدول الخروج النهائي للعاملة.
وكان السعر للتذكرة الجوية من خلال ناقل رسمي فلكية، وأكلت من مدخراته.
لك أن تتخيل أن سعر التذكرة للمحطة الجوية ذاتها لدى بعض الخطوط الجوية الناقلة لامس تقريبًا سعر سيارة اقتصادية صغيرة مرموقة الماركة !!!

شخصيًا تأثرت لحال صاحبي وأبديت التعاطف معه لما حل به. ولذلك طرحت الموضوع على شكل مقال لعل المقال يرى التفاعل المناسب ويخفف ألم الآخرين.

هنا تبرز الحاجة الملحة جدًا لحماية المستهلك ومراقبة الأسعار وضبط الجشع في أوقات المواسم أو عند وقوع أزمات وبائية.
فهكذا قفزات سعرية تهلك الادخار للمواطن وتستنزف العملة تضخمًا، وتشوش العلاقة الآدمية بين المستهلك والمزود للخدمة من أصحاب مكاتب الخطوط. كما أني شخصيًا أرى أنه حان الوقت لتذليل الصعاب في استقدام عاملات المنازل من محطات أخرى نثل إندونيسيا، وضرورة تذليل عقبات استقدام الأفراد للعمالة المنزلية مباشرة.

حاليًا متوسط الإيجار الشهري من مكاتب خدمات المنازل -أي الوسطاء لتاجير العاملة المنزلية الفلبينية أو الإندونيسية – ناهز مبلغ أربعة آلاف وستمائة ريال للشهر الواحد!!
والواقع أن العاملة المنزلية الإندونيسية تتقاضى من المكتب الخدمات الوسيط راتبٍا شهري يبلغ ألفًا ومائتي (١٢٠٠ )ريال، والعاملة المنزلية الفلبينية تتقاضى راتبٍا شهريًّا يساوي ألفًا وخمسمائة ريال (١٥٠٠ ).
وحاصل الفرق بين رسوم المكتب (٤٦٠٠ ريال ) وراتب العاملة (١٢٠٠) هو ثلاثة آلاف وأربعمائة ريال(٣٤٠٠) تكون عمولة شهرية يحصل عليها المكتب المزود لخدمة العاملة المنزلية !!!!

ومن تلكم الأحداث الواردة أعلاه نطلب من الجهات ذات العلاقة التحرك السريع والنظر الجاد لمعالجة شاملة لكل تلكم المواضيع التي تمت إثارتها، وهي:

١- مراقبة قفزات أسعار تذاكر الطيران المتضخم إخضاعها للحدود المعقولة.

٢-معالجة موضوع تقليص وزن الشحن المتاح للراكب من حقيبتين إلى حقيبة واحدة، والوزن من ٦٤ إلى ٣٤ كجم من قبل بعض الناقلين الجويين وبإرجاعه كما كان ( حقيبتان بمجموع وزن ٦٤ كجم)، وإلزام والزام الناقل الجوي بذلك.

٣- وضع حدود لهامش الربح للمكاتب المزودة للعمالة المنزلية بنظام العقود الشهرية والسنوية، ومراجعة لوائح رسوم خدمة العمالة المنزلية المؤجرة عن طريق تلكم المكاتب الأهلية.

٤- إدخال آليات رقابية من جهة وزارة التجارة في الدول المعنية لمعاقبة المواقع الإلكترونية التي تبيع حجوزات تذاكر خوارزمياتها غير متوافقة مع مستحدثات الأنظمة الصحية والقانونية الجديدة للموانئ الجوية.

٥- فتح باب الاستقدام المباشر للأفراد للعاملات الإندونيسيات المؤهلات، وعاملات منزليات من دول أخرى من آسيا الوسطى، وتقليص الاستقدام من الفلبين لارتفاع التكاليف، وتعدد الاشتراطات.
فالسوق للخدمات العمالية بحاجة أن يكون أكثر انفتاحًا من جهة الشرق الآسيوي على أكبر قدر من الكفاءات وأقل التكاليف.

٦- في أوقات الأزمات الصحية العالمية من الأفضل تجنب استخدام الخطوط الجوية غير الرسمية للدول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى