أخبار الصحف

(شو نطبخ بكرة؟).. سؤال الأمهات الحاضر طوال العام يزداد ترددا وإلحاحا في رمضان

بشائر: الدمام

تتحول الأعباء المنزلية الاعتيادية بالنسبة للمرأة إلى ما يشبه “الأشغال الشاقة” في شهر رمضان المبارك، الذي تتحمل فيه النساء وحدهن مسؤولية إعداد “سفرة رمضانية” متنوعة، تنال رضا الصائمين من أفراد الأسرة.

ويأخذ البحث عن أصناف جديدة ومتنوعة يوميا من الطعام والشراب حيزا كبيرا من تفكير المرأة الفلسطينية، ربما باستثناء اليوم الأول من شهر رمضان الذي جرت فيه العادة في غزة مثلاً أن تتزين السفرة بطبق رئيسي من الملوخية، تفاؤلاً بلونها الأخضر، وأملاً في عام من الخير والرخاء.

وما لم يتدخل أفراد الأسرة بطلب صنف محدد من الطعام، تجد المرأة نفسها وحيدة تصارع في “حلبة” البحث عما تقدمه على السفرة الرمضانية، أو عمن يساعدها في إجابة السؤال الأكثر تردداً على ألسنة ربات البيوت في هذا الشهر الكريم: “شو نطبخ بكرة؟”.

شو نطبخ بكرة؟
وكغيرها من النساء، تواجه آمنة الحايك تحديات كبيرة في رمضان، تستنزف الكثير من وقتها من حيث التفكير في أصناف الطعام وإعدادها، وقالت -للجزيرة نت- إن المطبخ يأخذ مساحة كبيرة من أوقات النساء في رمضان، وعندما تسأل المرأة أفراد أسرتها: “شو نطبخ بكرة؟”، فهي لا تطلب مساعدة فعلية في المطبخ، ولكنها تستنجد بهم لإراحتها من التفكير اليومي المرهق.

آمنة ربة منزل تعيل أسرة من 5 أفراد، وهي منخرطة حالياً في دراسة دبلوم مهني في فنون الطهي بجامعة غزة، تقول: “رغم أنني عاشقة للمطبخ، فإن العمل فيه خلال رمضان أمر مرهق ومختلف عن باقي أيام السنة”.

وبينما تنشغل آمنة بإعداد الطعام، يأخذها تفكيرها إلى ما ستعده في اليوم التالي. وللتغلب على ذلك تلجأ إلى إعداد جدول بأصناف متنوعة توزعها على عدة أيام، وتقول: “ما لم يطلب أحد من الأسرة صنفاً معيناً من الطعام، فإن هذا الجدول يخفف عني عبء مهمة البحث اليومية عن صنف جديد”.

وكون المطبخ الفلسطيني غني بأعداد كبيرة من أصناف الطعام والشراب المتوارثة جيلاً من بعد جيل، يساعد ذلك آمنة على إعداد سفرة رمضانية متنوعة تلبي رغبات أفراد أسرتها في شهر الصيام، الذي ترتفع فيه الشهية وتتضاعف متطلباتهم من الطعام وأنواع الحلويات المختلفة.

وقبيل شهر رمضان الحالي بأيام قليلة، عادت آمنة إلى غزة بعد مشاركتها في مسابقة للطهي في مصر، ضمن فريق “أكاديمية سمايل كتشن” في غزة الذي فاز بـ11 ميدالية. وتقول مازحة: “أعشق الطبخ منذ طفولتي، وأجد نفسي وسعادتي في المطبخ أحضر أصنافاً مختلفة من الطعام والحلويات، لكن العبء في رمضان كبير، ولا مانع لو ساهم معنا الرجال بالجلي (غسل الأواني)”.

جدول رمضاني
وتتفق رانيا سكيك مع آمنة على أن الأعباء على النساء في شهر رمضان مضاعفة مقارنة بغيره من الشهور، وأن المطبخ يأخذها عن ممارسة طقوس أخرى تميز هذا الشهر، كما ترى أيضا أن اللجوء إلى إعداد جدول يتضمن أصنافاً من الطعام موزعة على أيام الأسبوع، قد يختصر على المرأة الكثير من الوقت والجهد اللذين يمكن أن تستغلهما في تكثيف العبادات من الصلاة وقراءة القرآن.

ورانيا متزوجة ولديها بنتان، وتقول -للجزيرة نت- إن مسؤولية إعداد سفرة رمضانية يومية “مهمة شاقة”، والمرأة في رمضان بحاجة إلى مساعدة أفراد أسرتها، وعدم تركها وحيدة “أسيرة” للمطبخ.

وفضلاً عن اتفاقها مع آمنة على ما يميز المطبخ الفلسطيني من “أكلات تراثية وصحية”، فإن رانيا تستعين باليوتيوب ومواقع إلكترونية على الإنترنت متخصصة في فنون الطهي، للتعرف على ثقافات أخرى في الطبخ وتجربة أصناف من مطابخ عربية وعالمية، تفضّلها أسرتها خلال شهر رمضان، ففي هذا الشهر تكون شهية الصائم عالية ويرغب في تجربة كل جديد.

رحلة رانيا مع المطبخ تبدأ يومياً عند الثالثة ظهراً، بعد أن تكون قد اختارت أصناف سفرتها بالاتفاق مع باقي أفراد الأسرة، وتستمر هذه الرحلة حتى تصدح المساجد بأذان المغرب إيذاناً بموعد الإفطار، وتكون نتيجة رحلتها أطباقاً متراصة ومتلاصقة على السفرة من الطعام وأنواع مختلفة من السلطات والمقبلات والعصائر.

رمضان غير
رمضان بالنسبة لكثير من النساء هو مساحة لاستعراض مهارات وفنون الطبخ، وإضفاء أجواء من البهجة والسعادة على أفراد أسرهنّ، خاصة الأطفال منهم الذين يخوضون تجربة الصيام لأول مرة.

آمنة ورانيا اتفقتا على حبهما لسفرة رمضانية متنوعة الأصناف من الطعام والشراب والحلويات، بقدر اتفاقهما في الوقت نفسه على ضرورة تقدير الكميات التي تحتاجها الأسرة وعدم التبذير والمبالغة، وبرأيهما فإن رمضان هذا العام يأتي في ظل ظروف معقدة جراء الارتفاع الهائل في الأسعار، وهو ما يفرض على الأسر “أنماط تفكير اقتصادية لإعداد السفرة الرمضانية”.

وينسحب هذا التبذير -باتفاق آمنة ورانيا- على الوقت الثمين لشهر رمضان المبارك الذي ينبغي ألا تهدره النساء وهن “حبيسات جدران المطابخ”، ولكي يستفدن من فضائل هذا الشهر في العبادات وأعمال الخير، فلا بد من التخطيط الجيد الذي يحقق التوازن.

نصائح لتوفير الوقت والجهد
وتضمّن حديث آمنة ورانيا عن يومياتهن الرمضانية نصائح يمكن أن تسترشد بها ربات البيوت لتوفير الكثير من الوقت والجهد فيما تبقى من شهر رمضان المبارك، وخاصة في العشر الأواخر منه، بل في كل أيام السنة، نبرزها فيما يأتي:

إعداد جدول أسبوعي بأصناف الوجبات، وتوفير مستلزماتها بالكامل، لتجنب استنزاف الوقت والجهد باللجوء اليومي والمتكرر إلى السوق.
عند إعداد الشوربات المفضلة للأسرة، العمل على طهي كميات كبيرة منها وحفظها في عبوات أو أوان داخل الثلاجة، وتسخين المرغوب منها يوميا.
تحضير كميات من المقبلات، مثل المعجنات والكبة والسمبوسك التي يزيد استهلاكها في رمضان، وحفظها في الثلاجة لتكون جاهزة للقلي والتقديم اليومي على السفرة.
تجهيز الفواكه المخصصة للعصائر وتقطيعها وحفظ ما يكفي منها لعدة أيام في الثلاجة.
تخصيص أطباق لكل فرد على السفرة، وسكب الكميات التي تناسب كل منهم، لتجنب إهدار الطعام.
حفظ ما يتبقى على السفرة من طعام في الثلاجة، بحيث يمكن تقديمه إلى جانب أي صنف آخر بعد عدة أيام.
الحرص على تنظيف أواني وأدوات الطبخ أولا بأول، كي لا تتراكم وتستنزف وقتاً طويلاً من المرأة التي تحتاج إلى الراحة بعد الإفطار.
يفضل توزيع المهام المنزلية اليومية على الأبناء في مرحلة مبكرة من حياتهم لتنمية شعورهم بالمسؤولية، خصوصا تلك المهام التي باستطاعتهم القيام بها بحسب قدراتهم وأعمارهم.
يكثر في رمضان استخدام أواني الطعام والشراب، وينبغي أن يتحمل كل فرد في الأسرة مسؤولية غسل ما يستخدم أولاً بأول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى