أقلام

ليلة القدر الكبرى

عادل الحسين

تَبَاشِيرُ قَدْرٍ لِلْمُحِبِّينَ وَاهِبُ
تُعَدُّ بِهَا لِلْعَاشِقِينَ مَرَاتِبُ

وَبِهَا يَفْرَحُ الْمَحْزُونُ فِي كُلِّ مَا رَجَا
وَلَكِنَّ حُزْنِي لَا يُرَى عَنِّي ذَاهِبُ

إِذَا أُشْعِلَتْ نَارٌ وَنَاحَتْ حَمَامَةٌ
تَجَمَّرَ بِي وَجْدٌ وَنَاحَتْ مَصَائِبُ

وَمَا الْحَرْبُ مِنْ طَبْعِي وَلَكِنْ إِذَا حَمَى
وَطِيسُ الْوَغَى أُعْطِيتُ سَيْفًا يُحَارِبُ

وَمِثْلِيَ مَنْ يُعْطَى لَهُ الْعِلْمُ إِنَّمَا
عَلَى قَدْرِ أَهْلِ الْعِلْمِ تَأْتِي الْمَطَالِبُ

فَإِنْ أَنْجُ لَا أَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ دَائِمًا
وَعَقْلِيَ مَرْهُوبٌ وَقَلْبِيَ رَاهِبُ

وَسَاعَةَ قَدْ جَاؤُوا تَأَهَّبَ لِلْهُدَى
مَنَاهِلُ هَدْيٍ عَزَّزَتْهَا رَغَائِبُ

وَمَا هِيَ إِلَّا بُرْهَةٌ إِذْ أَرَى الْهُدَى
تَصَدَّرَ فِيهَا مِنْ حَيَاتِيَ صَاحِبُ

فَصِرْتُ ضَعِيفًا مُنْهَكًا لَا عِمَادَ لِي
وَصِرْتُ بِلَا حَوْلٍ عَلَى مَا أُجَاذِبُ

إِذَا مَا وَهَبْتُ الحُبَّ فِيهَا مُهَذَّبًا
تَأَدَّبَ قَلْبٌ بِالْكَلَامِ يُخَاطِبُ

وَقَدْ دَامَ حُبِّي فِي الْحَيَاةِ مُهَيْمِنًا
يَعِزُّ بِهَا أَمْرِي وَيَخْتَارُ نَاخِبُ

فَلَمَّا مَرَرْنَ الطَّيْرُ أَقْرَرْتُ إِنَّنِي
عَلَى الدَّرْبِ سَارٍ حَيْثُ إِنِّي مُضَارِبُ

فَيَا نَفْسُ هَلَّا قَدْ رَضِيتِ بِمَا قَضَى-
الْإِلَهُ بِهَا خَيْرًا وَشَرًّا يُقَارِبُ

وَقَدْ كُنْتُ أَسْعَى قَبْلَ ذَاكَ لِدَعْمِهَا
فَيَرْضَى أَبِيٌّ كَانَ فِيهِ يُعَاتِبُ

تَرَى النَّفْسَ إِنْ زَلَّتْ يَزِلُّ بِهَا النُّهَى
وَيُنْجِي قِوَاهَا فِي الْمَلَامِ التَّعَاتُبُ

فَيَا لَكَ مَسْؤُولًا وَيَا لَكَ سَائِلًا
وَيَا لَكَ مَطْلُوبًا لَهُ أَنْتَ طَالِبُ

وَيَا لَكَ مِنْ عَدْلٍ تَمَرَّسَ عَدْلَهُ
يَحِلُّ الْقَضَايَا إِنْ تَعَسَّرَ حَاسِبُ

فَلَا قَلْبُهُ يَنْصَاعُ قَسْرًا لِعَقْلِهِ
وَلَا هُوَ فِي جَمْعِ الْخَفِيَّيْنِ رَاغِبُ

كَحَالِ بَنِي الْأعْرَابِ حِينَ تَظُنُّهُمْ
كَيَانًا وَهُمْ شَتَّى وَمَهْمَا تَخَاطَبُوا

يَكَادُ يَضِيقُ الْكَوْنُ مِنْهُمْ وَبَيْنَمَا
قُلُوبٌ تَسَعْهُمْ حَيْثُ تَسْمُو الرَّحَائِبُ

لَئِنْ أَرْغَمُوكَ الْقَوْمُ فِيهِمْ فَإِنَّنِي
رَضِيتُ بِمَا يَجْرِي عَلَى مَنْ يُحَاسَبُ

وَعَنْ بَاذِلٍ فِي السِّرِّ حَسْبُكَ فِي الْأُلَى
جَوَائِزُهُمْ فِي الْخَيْرِ وَهْيَ مَكَاسِبُ

وَإِنِّي وَإِنْ جَادُوا مِنَ الْخَيْرِ دِرْهَمًا
لَآتِي إِلَيْهِمْ كُلَّمَا حَلَّ رَاتِبُ

وَلَكِنْ أَبَتْ نَفْسِي بِأَنْ تَقْبَلَ دِرْهَمًا
تَصُرُّفُ جَهْلٍ أَظْهَرَتْهُ الْعَجَائِبُ

فَوَا لَهْفَ نَفْسِي لِارْتِكَابِي مَآثِمٍ
أُعَانِدُ رَبِّي فِي الْهَوَى وَأُشَاغِبُ

تَوَارَثَ فِي حَمْلِ الْأَمَانَةِ فِيهُمُ
رِجَالٌ بِهِمْ إِرْثُ الْمَعَزَّةِ طَائبُ

وَأَشْدُو لِأَجْلِ الْحُبِّ شِعْرِي مُغَرِّدًا
كَأَنِّيَ مَخْطُوبٌ تَمَنَّاهُ خَاطِبُ

فَكَانُوا عَلَى أمْرِي كَنِسْوَةِ يُوسُفٍ
وَكُنْتُ كَيُوزَرْسِيفَ فِيمَا يُطَالَبُ

كِلَانَا بِهِ فَازَتْ مِنَ الصَّدِّ عِصْمَةٌ
وَفِي يُوسُفٍ كُلٌّ يُنَاجِيهِ تَائِبُ

فَمَنْ لِي بِرَاوٍ لِلْقَصِيدِ يُعِدُّهُ
مُعَلَّقَةً يَشْدُو بِهَا الشِّعْرَ طَارِبُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى