أقلام

شُخصت منطقة في الدماغ مسؤولة عن سلوكيات مساعدة الآخرين التي تتطلب مجهودًا

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

توصل بحث جديد إلى أن سلوك الإيثار الاجتماعي يحدث في جزء مختلف من الدماغ عن الجزء الذي يحدث فيه نشاط مشابه لمساعدة الشخص نفسه.

باحثون  من جامعة برمنغهام وجامعة أكسفورد شخصوا بشكل دقيق منطقة قي الدماغ معنية بشكل خاص ببذل جهد لمساعدة الآخرين.

يُثبت البحث، الذي نُشر في دورية البيولوجيا المعاصرة  Current Biology ، أن السلوك الإيثاري الذي يتطلب بذل جهد – وهي قرارات يتخذها الناس لمساعدة آخرين – تجري في جزء مختلف من الدماغ عن الجزء المستخدم في اتخاذ قرارت تتطلب جهدًا بدنيًا لمساعدة الشخص نفسه.

المعرفة الدقيقة بما يحدث في الدماغ عند اتخاذ هذه القرارات قد تساعد الأطباء على تطوير مقاربات لعلاج السلوكيات السيكوباتية.  يمكن أن تكون هذه المعرفة مفيدةً أيضًا لفهم أفضل سبب رغبة الناس في بذل مجهود بشكل يومي لمساعدة الآخرين، كالعمل التطوعي أو إعادة تدوير النفايات للحد من الاحتباس الحراري أو مساعدة الغريب أو مساعدة شخص محتاج أو التعاون مع الغير لتحقيق أهداف مشتركة.

من المعروف أن المنطقة الدماغية، وهي تلفيف القشرة الحزامية الأمامية (ACCg)، والتي تقع في اتجاه الجزء الأمامي من الدماغ،  تلعب دورًا في السلوك الاجتماعي، لكنها لم تُقرن في السابق ببذل مجهود لصالح مساعدة الآخرين.  من المثير للاهتمام أن الباحثين وجدوا أن تلفيف القشرة الحزامية الأمامية لا تنشط عندما يتخذ الناس قرارات تتطلب بذل جهد لصالح أنفسهم فقط.

“من مسك باب مفتوح لشخص على وشك الدخول إلى التطوع في مؤسسة خيرية، غالبًا ما يتعين علينا أن نقرر ما إذا كان من الممكن تكليف أنفسنا عناءً لمساعدة الآخرين؛ ولكن آليات الدماغ وراء هذه الأفعال ظلت بعيدة المنال على الفهم،” كما تقول الدكتورة باتريشيا لوكوود Patricia Lockwood، المؤلفة الأولى في الورقة.  “بتشخيص منطقة معينة في الدماغ والتي تُنشط حين يحتاج الناس إلى بذل جهد، فقد خطونا خطوة أقرب إلى معرفة السبب الذي يدفع بعض الناس، ولا يدفع غيرهم، إلى اتخاذ قرارات تتطلب في كثير من الأحيان بذل جهد بدني لمساعدة الناس – حتى لو لم تعود هذه القرارات بشكل مباشر بالفائدة على أنفسهم.”

في الدراسة، عمل الباحثون مع 38 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 18 و 35 سنة.  طُلب من جميع المشاركين المشاركة في مهمة اتخاذ قرار تتطلب جهدًا وإكمال استبيان لتقييم أنفسهم لمدى تقمصهم الوجداني.

اتخذ المشاركون قرارات أثناء خضوعهم لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي.  هذا الفحص يشخص مناطق مختلفة من الدماغ يتم تنشيطها أثناء اتخاذ المشاركين قرارات إما “للعمل” أو “للراحة” لمساعدة أنفسهم أو لمساعدة شخص آخر.

إذا اتخذوا قرارًا للعمل، عليهم أن يضغطوا على جهاز يقيس قوة قبضاتهم. وعليهم أن يستمروا في الضغط لفترة طويلة بما يكفي للوصول إلى مستوى عتبة معينة، والتي يمكنهم ملاحطتها في الوقت الفعلي على شاشة.  لكل قرار اتخذوه قيل لهم ما إذا كانوا سيعملون لأنفسهم أم سيعملون لصالح شخص آخر.  إذا قرروا بذل جهد، فعليهم الضغط بقوة كافية للوصول إلى العتبة والحصول على مكافأة، والتي كانت عبارة عن عدد من النقاط تحوَّل فيما بعد إلى جوائز نقدية، إما لأنفسهم أو لصالح شخص آخر مجهول يتبرعون للعب عنه.

باستخدام طريقة إحصائية جديدة لتحليل البيانات، تمكن الباحثون من التعرف على أنماط نشاط في الدماغ عكست مقدار الجهد الذي كانوا على استعداد ببذله.  وجدوا أن تلفيف القشرة الحزامية الأمامية ACCg كانت هي المنطقة الدماغية الوحيدة التي عكست نمط الجهد عندما اتخذ الناس هذه القرارات لمساعدة شخص آخر، لكنها لم تنشط على الإطلاق عندما اتخذوا قرارات ببذل جهد لصالح مكافأة أنفسهم.  من المثير للاهتمام أن هؤلاء الذين قالوا إنهم يتمتعون بدرجة عالية من التقمص الوجداني كان لديهم أقوى أنماط الجهد في تلفيف القشرة الحزامية الأمامية.  وجد الباحثون أيضًا أن الذين كان مجهودهم ممثلًا بشكل قوي في تلفيف القشرة الحزامية الأمامية استمروا أيضًا في زيادة قوة قبضاتهم لصالح مساعدة الآخرين.

الخطوة البحثية التالية لفريق البحث ستصب في دراسة ما يحدث لقرار المساعدة الذي يتطلب جهدًا لدى من بعانون من آفات في تلك المنطقة من الدماغ (أي في تلفيف القشرة الحزامية الأمامية) جراء ما تعرضوا له من سكتة دماغية أو إصابات أخرى في الدماغ.  وسيقومون أيضًا بدراسة ما يحدث للذين لديهم مستويات عالية من السلوك المعادي للمجتمع وكان كل من استعدادهم على بذل جهد في الأنشطة ومساعدة الآخرين مختلفًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى