أقلام

المنافق ذو الوجهين

صالح المرهون

المنافق دائمًا نفسه ضعيفة ومهزوزة، النفاق هو التعامل بوجهين وخبث، هو معروف على مستوى التطبيقات، النفاق لا يوجد له تحديد مطلق، ولكن صورته الاجتماعية في الازدواجية والخبث، وهذه الصورة بالتأكيد مفقودة في المداراة،
وأهم أسباب النفاق سببان:
السبب الأول: المصلحة، فمعظم النفاق في المجتمع يأتي من الجري وراء المصلحة، والائتمام بها أينما سلكت في طريق الواقع، لذلك فقد تقتضي هذه الطرق النفاق، فيفعله سالك هذا الطريق رغم حرمته التشريعية في الإسلام، وكره في النفس الفطرية، فنفسه تعلم أن هذا حرام، وهذا الخطاب موجه للمسلم، والمسلم يكون منافقًا، وتعلم نفسه أن هذه الازدواجية مخالفة لما فطرت عليه من اتباع الطريق الصحيح، ولكن شدة التعلق بالمصلحة جعلته يلقي أحكام الله وفطرة الله في نفسه وراء ظهره سعيًا لتحصيلها، وليست بالضرورة أن تكون هذه المصلحة دنيوية مادية، بل قد تكون روحية او معنوية، وقد تكون حتى لتحصيل معلومة دينية، وكلها ملذات للنفس خارج إطار الدين، أي إشباعها بوسائل غير دينية ولأغراض نفسية،
السبب الثاني: المرض، والنفاق المتسبب من المرض يحصل في أحيان قليلة أو شاذة، فالمريض بالنفاق يعاني من اختلال في النفس وتكوينها بحيث تكون نفس ضعيفة ومهزوزة، إنه لا إراديًا يرتاح إلى النفاق ويشعر بميل إلى فعله،
المنافق في كل دين ومكان وزمان ضعيف الشخصية، فالإنسان القوي، أو إذا قويت شخصيته، التزم بما يريد في فكره ونفسه،فإما أن يكون مؤمنا حقيقيًا فيكون وفيًا لنفسها ولمجتمعه، أو يعلن فساده وكفره فيكون وفيًا قويًا في ذاته، وأن كانت هذه القوة شيطانية، ولكنه حكم موضوعي وتحصيل حاصل،
والمنافق ذو نفس مهزوزة، والنفس إذا اهتزت أركانها تقلبت كل شيء وكل افتراض، لأنها لا تسير على نظام معين يقيم الأمور وفق تقييم ثابت واضح، لذلك فهو متخبط سلوكًا واعتقادًا، ومن صور هذا التخبط الخوف الشديد، لعدم وجود إيمان حقيقي بالله، وهذا ما يجعله يتقبل أية دعاية أو تزويق صورة لمن يراه قويًا.
والنفاق إضافة إلى كونه سلوكًا سيئًا جدًا، فإنه يجر وراءه سلوكيات أخرى سيئة،
وهذه من طبيعة الذنوب التضاعفية، وإذا انكشف أمر المنافق فإنه سيتحول إلى صيغة جديدة من سوء النية، أو لم يكن عن تدبير وتعقيل، فالنفاق إذن تتغيرصورته وماهيته ذاتها. والقرآن الكريم عرض جوانب كثيرة للنفاق في المجتمع، والنفاق في الدين، ويصعب عرضها لكثرتها، وإذا كان القرآن تحدث عن الأعراب بأنهم منافقون وشديدو النفاق، فإنما يتحدث عن مثال هو خير مثال للنفاق الاعتقادي، فالمقصود بالأعراب من كانت أولويته حب الذات والتعصب لها حتى على حساب الدين، بخلاف المؤمن الذي تنصهر ذاته في ذات الله وفي دين الله، فمن كان مخلصًا لنفسه متقوقعًا عليها ويرى الأشياء بمنظارها، فإنه يذهب وراء مصلحته أينما ذهبت ولو كان طريقها ارتكاب المحرم، ونفاق الأعراب بالمعنى الذي ذكرته هو نفاق المصلحة، ولا يختلف عن النفاق الاجتماعي في شيء من هذه الجهة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى