أقلام

سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ

أمير الصالح

كذب الطفل الغض الصغير غير كذب الرجل البالغ المدرك لما يفعل ويقول لا سيما إذا كان الكاذب تاجر أو إعلامي أو طبيب أو غير ذلك. فالتاجر مفترض أن بكون أمينا على مواد الطعام والبناء والمعدات التي يشتريها الناس منه والإعلامي مفترض فيه الامانة عند نقل الأخبار للناس والطبيب مستسأمن على أرواح الناس. فقد يكون كذب الطفل الصغير هروبا من العقوبة أو هروبا من الإلتزام بالواجبات المدرسية أو بأمر من شخص قد هدده ويهدده بإستخدام العنف ضده. ولكن كذب الرجل/المرأة البالغ/ة لاسيما التاجر والإعلامي منهم والمحب للمال حبا جما والغير ورع منهم قد يؤدي كذبه لإنتشار مرض أو تسميم ابدان الناس أو إزهاق أرواح أو ترويج دواء فاسد أو خيانة وطنه أو تفتيت أمة يُنسب اليها أو تمييع أخلاق جيل يقتدي به أو تمزيق مجتمع أو إطلاق فتنة وإقتتال داخلي بسبب تضليله.وأعظم تجارة في هذا الزمان هي تجارة الإعلام المضلل والأخبار الغير مُحققة وتزييف الأمور وإثارة الفتن على المطمئنين. فالبعض من الصحفيين المغمورين أو محبي البروز بشكل مستمر يختلقون أنباء كاذبة وروايات مفتعلة تحت مسمى السبق الصحفي breaking news. فيدلسون ويُكذبون ويضللون القراء والمشاهدين والمستمعين وحتى يضللون الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي بإيراد أنباء كاذبة أو مفبركة ) gaslighting ) دون مراعاة لأخلاق مهنة ولا تأنيب ضمير ولا خشية ردع قانون ولا خشية قيام مساءلة عادلة ضدهم.

في منطقة الشرق الاوسط، تعرضت شعوب في حوض البحر الابيض المتوسط وحوض دلتا نهري دجلة والفرات والشمال الإفريقي لشبه إبادة بالنار وتهجير متعمد بسبب خبر أحادي المصدر أو تقرير مُختلق ثبت مع الايام عدم صحته وعدم وجود ما يسند الخبر من وثائق وحجج دامغة. فاُزهقت مع شديد الأسف أرواح عشرات الالاف وهُدمت مدن وحُرقت أحلام أجيال وسُحقت أبدان وهُجرت مجتمعات ودُمرت مبان ودور ومساجد ونهبت ثروات واُشعلت حروب وأستنزفت موارد وسُلبت أموال. وضاعت مطالب تقصي الحقيقة بين طبول الحرب وأصوات البارود وتراشقات المدافع ونبال الصواريخ من جهة ومن جهة ثانية أشتغل المكر والدهاء والخديعة والمماطلة والنفوذ وإنحيازية الوسطاء حد الصلافة. ولم تُعقد أي تحقيقات صحفية مستقلة عادلة تغنى بها البعض ردحا من الزمن بعد أن عول عليها البعض آمال كبيرة، فضاعت الحقائق وطويت السُجل ودفنت الضحايا وشردت الأنفس المتبقية بين لاجئ ومخيم وشتات وأستبد الجزار بالضحايا. ولعل أكبر ضحية حتى الساعة هي إستباحة أرواح عربية وأراض عربية وخيرات أبناء العرب والقومية العربية ذات الصبغة الاسلامية وترملت نساء وتيتمت أجيال و تبعثرت آمال. نشعر كعرب بأننا أصبحنا الحلقة الأضعف بين التمم وأن تمادي الأمم الآخرى على إستخدام ساحات أواطن العرب مسرح تجارب لكل شي.

ألم يأن الآوان لوضع حوكمة عالمية لمراسلي وكالات الانباء لا سيما لكبريات وكالات الانباء العالمية وبعض مراسليها ممن ثبت عليهم تزييف الوقائع وتحريف الكلم عن موضعه. ألم يأن الآوان لمسائلة كل ما يردنا عبر مراسلي بعض وكالات الانباء لا سيما لكبريات وكالات الأنباء العالمية ذات الاجندات الغامضة والمصالح المتداخلة مع الأعداء بعد ثبوت تورط بعض مراسليهم في تزييف الحقائق وخلق المبررات للأعمال الشيطانية ضد أبناء جلدتنا. ألم يأن الآوان لحجب أولئك المراسلون وتجريدهم من تصاريح مزاولة أعمالهم ومحاكمتهم أمام الملأ والقصاص منهم. ألم يأن الآوان لذوي العقول في كل مجتمع أن يستفيدوا من الدروس ويفعلوا الاية الكريمة (إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا …)

لقد نجح بعض المراسلون لبعض كبريات وكالات الانباء على تزييف الحقائق وعلى اللعب على مشاعر الناس وعلى تاجيج أرواح الأشرار على الأخيار وعلى خيانة الامانة وعلى التقول بغير الحق وعلى التضليل وعلى إعطاء الذرائع الكاذبة لسفك الدماء البريئة الآمنة. هل يمكن أن تسيير أساطيل جيوش فيأتون حروب بسبب تقرير صحفي واحد؟!

لعل البعض منا إستهان أو لم يكترث بتجار السبق الاعلامي الصحفي الوارد على لسان بعض وكالات الاخبار الدولية عند إطلاق أخبار كاذبه ولم يقف العديد منا من قبل على تبعات ذلك الكذب المقصود والمبرمج وما يقدم من تضليل لرأي العام العالمي. ولكن نسأل أولئك الكذابون من المراسلين إن كان مازال لضميرهم بقية حياة: ماذا ستكون مشاعرهم وردود أفعالهم لو إنقلب عليكم الزمان ودارت عليهم رحى الايام وأستخدمت ذات الادوات و الاساليب ضدهم، فهل يرضون أن يتجرعوا من ذات الكأس ؟!

لقد عانت بعض الدول العربية المستقرة من إستهدافات بعض الصحف والوكالات العالمية المتحالفة مع أعداء الامم العربية في مواطن عديدة. وحان الوقت لتمحيص ما يردنا من تقارير وأنباء من تلكم الدول المنحازة لأن بعض مراسليهم لايريدون بنا خيرا. حفظ الله البلاد والعباد من شر الفساق. ونسأل الله سرعة الفرج لأبناء قوميتنا في فلسطين الأبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى