أقلام

إطار كلي لدراسة المشاعر الاجتماعية

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

الدور الحاسم للمشاعر الاجتماعية(1 – 3) في حياتنا وفي المجتمع دور لا يحتاج التأكيد عليه أكثر لوضوحه البالغ مما لا يمكن تجاهله.  التقمص الوجداني(4) والشعور بالذنب [الشعور بالتقصير](5) والشعور بالحرج(6) والشعور بالفخر(7) والمشاعر الأخرى التي تنتابنا فيما له علاقة بالآخرين تحكم وتدفع  بأسلوب تصرفاتنا وتفاعلاتنا والقرارات الكثيرة جدًا التي نتخذها. ولهذا السبب، من الضروري اتباع مقاربة أكثر شمولية، مقاربة  تدمج بين الأساليب المختلفة لدراسة هذه المشاعر،  لفهم  فجوات المعرفة بشكل أعمق ومحاولة علاجها. هذا وفقًا لباحثين من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، وكلية الطب بجامعة نيويورك، وجامعة شرق الصين المعيارية East China Normal University.

وقال هونغبو يو، عالم النفس الاجتماعي بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، المؤلف الرئيس للورقة البحثية(8) التي نشرت في مجلة Nature Reviews Psychology “أعتقد أن الباحثين أصبحوا يدركون أكثر فأكثر أنه يجب أن يكون هناك بعض التغيير، وأن الفهم الكلي أصبح فكرة مقبولة اجتماعيًا في هذا المجال.”

المشاعر الاجتماعية معقدة، ووفقًا للورقة البحثية، فد تتظافر عمليات نفسية ومعرفية عصبية متعددة وتعمل بشكل متزامن أثناء التفاعلات الاجتماعية، مما يتطلب إطارًا بإمكانه تحليل هذه المشاعر  في أبعاد / مجالات مختلفة.

يؤكد المؤلفون أن هناك ثلاثة مجالات رئيسة للأبحاث التجريبية في المشاعر الاجتماعية في علم النفس وعلم الأعصاب المعرفي. بإمكان آحد الباحثين دراسة لماذا هذه المشاعر موجودة ودورها في البقاء على قيد الحياة والتناسل. وباحث آخر يتناول بالدراسة العمليات المعرفية(9) والعمليات النفسية(10)التي وراء المشاعر الاجتماعية، ويبحث عن القواعد والقوانين التي تحدد أي  المشاعر تنتاب المرء وبأي شدة. وباحث ثالث يقيس كيف تؤدي العمليات البيولوجية في الدماغ والجسم إلى بروز هذه المشاعر.

تتوافق هذه المجالات بسهولة مع الإطار الذي طوره باحث علم الأعصاب ديفيد مار David Marr في أواخر القرن العشرين. واقترح نهجًا تحليليًا من ثلاثة مستويات لدراسة العمليات المعرفية، بالأضافة إلى مستوى حوسبي يقوم في حالة المشاعر الاجتماعية بدراسة الأهداف والوظائف، أو لماذا توجد مشاعر، ومستوى خوارزمي (حوسبي) يبحث في العمليات المعرفية(9) الأساسية، ومستوى تنفيذي يبحث عن دليل على وجود هذه المشاعر في الجسم. صيغ  إطار العمل في الأصل للعمليات البصرية، ومنذ ذلك الحين طُبق على مجالات مختلفة تتطلب معالجة اجرائية للمعلومات المعقدة.

ويقول الباحثون إنه بهذه الطريقة، يصبح من الممكن ربط الدوافع الخارجية بالعمليات الداخلية والعكس صحيح، أو تمييز العمليات المتأصلة [الداخلية] عن العمليات المعتمدة على السياق [العمليات الخارجية].

“هذ يعتبر أمرًا مهمًا لأن التغييرات في العملية على مستوى واحد  قد تغير العملية على مستوى آخر،” كما قال يو Yu. “وكل منها يعتمد على الآخر ولها قيود على كل المستويات.”

“هناك الكثير من المقاييس والأدوات المختلفة لعمليات الدماغ المختلفة، وجميعها لديها مقايضات مختلفة بين الدقة الزمنية والدقة المكانية [بمعنى إذا زادت إحداها انخفضت الأخرى)، لذلك يحتاج الباحثون إلى إيجاد أفضل مقاربة لطرح أسئلتهم البحثية.”

لنأخذ الشعور بالذنب، على سبيل المثال، الألم الأخلاقي [المترجم: والذي يعرف أيضًا بالمشاعر الأخلاقية وهي مجموعة متنوعة من المشاعر الاجتماعية المساهمة في تكويننا للأحكام والقرارات الأخلاقية والتعبير عنها، فضلًا عن الحث على استجابات سلوكية للفرد إزاء سلوكياته وسلوكيات الآخرين الأخلاقية(11)]. الذي نشعر به عند إيذاء شخص آخر. وقال يو إنه دون معرفة الغرض التكيفي (مستوى الحوسبة) – على سبيل المثال، صيانة وإصلاح العلاقات المهمة – يصبح تحديًا لتصميم التجارب التي توجد السياق لتلك المشاعر.

ومن هناك، يقترح الباحثون أن بأمكان الباحثين تحليل المشاعر الظاهرة باستخدام الجمع بين نماذج رياضية وتقنيات التصوير العصبي لفهم العمليات النفسية والدماغية بطريقة كمية ودقيقة (الخوارزمية)، وكذلك من الإشارات البيولوجية (على مستوى التنفيذ). وأضاف يو: “هناك العديد من المقاييس والأدوات المختلفة لعمليات الدماغ المختلفة، وجميعها لديها مقايضات مختلفة بين الدقة الزمنية والدقة المكانية، لذلك يحتاج الباحثون إلى إيجاد أفضل مقاربة  لطرح  أسئلتهم  البحثية”.

وقال يو إن تنفيذ هذا الإطار سوف يحتاج إلى بعض الجهد. حاليًا، يميل الباحثون في هذا المجال إلى التخصص في مجال واحد أو مجالين، وقد اعتمد علم النفس الاجتماعي بشكل عام – والمشاعز الاجتماعية بشكل خاص – على النظرية اللفظية والفرضيات اللفظية بشكل أساس. وهذا الإطار، وفقًا للباحثين، لا يمكنه إضافة مستويات الدقة للدراسات المستقبلية فحسب، بل يسلط أيضًا ضوءًا جديدًا على الأدلة الموجودة. وأضاف: “قد نتمكن من تأكيد فرضيات لفظية سابقة، أو ربما حل التناقض بين فرضيات متعددة”.

قال يو، الذي يعمل كباحث في علم الأعصاب المعرفي في المقام الأول على مستوى تنفيذ الإطار: “ما نقترحه هو أننا نحتاج أولاً إلى إجراء المزيد من المناقشات”. لكنه رأى المكاسب المحتملة من دمج النمذجة الحاسوبية، ووجد أن آفاقه تتسع حين يقوم بدراسة أهداف ووظائف المشاعر الاجتماعية.  وقال: “أعتقد أن الباحثين الذين يتمتعون بخبرة أوسع على مستويات مختلفة يجب أن ينتبهوا وأن يكونوا منفتحين على الباحثين الآخرين”.

مصادر من داخل وخارج النص

1- “المشاعر الاجتماعية (social emotions) هي المشاعر التي تعتمد على أفكار أو مشاعر أو أفعال الآخرين، ” بالإحساس بها أو تذكرها أو توقعها أو تخيلها بطريقة مباشرة”.  ومن الأمثلة على ذلك: الحرج والشعور بالذنب والخزي والغيرة والحسد والتعالي والتقمص الوجداني والفخر.وفي المقابل، فإن المشاعر الأساسية مثل السعادة والحزن تتطلب فقط إدراك الحالة الجسدية للفرد [الإدراك الذاتي(2)]؛ لذلك يرتبط تطور المشاعر الاجتماعية ارتباطًا وثيقًا بتطور الإدراك الاجتماعي (المعرفة الاجتماعية (3) social cognition   والقدرة على نصور حالات الآخرين العقلية، التي تتطور بطبيعة الحال في فترة المراهقة.”  مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/العواطف_الاجتماعية

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/إدراك_ذاتي

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/استعراف_اجتماعي

4- https://ar.wikipedia.org/wiki/تقمص_وجداني

5- https://ar.wikipedia.org/wiki/شعور_بالذنب

6- https://ar.wikipedia.org/wiki/حرج

7- https://ar.wikipedia.org/wiki/فخر

8- https://www.nature.com/articles/s44159-024-00285-1.epdf?sharing_token

9- “العمليات العقلية / المعرفية cognetive operation أو الوظائف العقلية / المعرفية (أو العملية الذهنية أو السيرورة الذهنية) هي مصطلحات تشير في الغالب بشكل متبادل للإشارة إلى وظائف أو عمليات الإدراك الحسي والمطالعة والذاكرة والإبداع والمخيلة والأفكار والعقيدة والتفكير والإرادة والمشاعر — أو بمعنى آخر، كل الأشياء التي يقوم بها العقل.  وفي بعض الأحيان، يستخدم المصطلح ليعني العمليات المعرفية cognetive operations  بدلاً من العمليات العقلية mental operation.”  مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/عملية_عقلية

10- “العمليات النفسية الأساسية الثمانية هي: (أ) الإدراك، (ب) التعلم، (ج) اللغة، (د) الفكر، (هـ) الانتباه، (و) الذاكرة، (ز) الدافع، و (ح) العاطفة / المشاعر.” ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://exploringyourmind.com/8-basic-psychological-processes/

11- https://ar.wikipedia.org/wiki/مشاعر_أخلاقية

المصدر الرئيس

https://news.ucsb.edu/2024/021371/holistic-framework-studying-social-emotions

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى