أقلام

الموسوي يشعل ليل الأحساء بقناديل القوافي

إبراهيم سلمان بوخمسين. 

في ليلة ربيعية جميلة مساء الأثنين الماضي أهدى ملتقى شعراء الأحساء إلى محبيه في واحة الأحساء والوطن العربي وردتين جميلتين من ورود الشعر في واحتنا الجميلة.
الوردة الأولى الشاعر الرقيق الجميل، ضيف الملتقى أحد رموز الشعر في دوحتنا الأحساء، الأستاذ عبدالمجيد الموسوي.
أما الوردة الثانية فهو الشاعر الجميل الرقيق الذي لا تفارق البسمة شفتيه التي زينت خديه فأعطته جاذبية إلى جمال عينيه، إنه الأستاذ أمير المحمد صالح مقدم اللقاء.
كلا الشاعرين انعكس جمال روحه على جمال وجهه، فجاءت الأمسية الشعرية في حلة جميلة، فسيفساء متنوعة من الأسئلة الأدبية الهادفة من مقدم الأمسية الذي أدار الحوار باقتدار، وإجابات سلسة مفيدة تشم فيها عبق التجربة العميقة الشعرية من الضيف الأنيق.
غطت الأمسية الكثير من المحاور الممتعة والجاذبة، ومما جاء في محاورها كيفية بداية الشعر وانطلاقته عند الشاعر عبد المجيد الموسوي، الذي أشاد بدعم والدته له، والتي كانت تحب الشعر بأنواعه، ومتى بدأ قرض الشعر، والتحاقه بمنتدى الينابيع الهجرية ومدى تأثيره عليه، كما أشاد بالمنتدى وعرابه ومؤسسه الأستاذ الشاعر ناجي بن داود الحرز وأن منتدى الينابيع محطة استثنائية لغالبية الشعراء في الأحساء، وكذلك أشاد بصحبته للشعراء الكبار كالشاعر جاسم الصحيح، ومحمد الجلواح، وجاسم عساكر، وناجي حرابة، وحسن الربيح وزكي السالم وغيرهم من الشعراء الكبار. كما أعطى نماذج من شعره الجميل الرقيق في الغزل وفي الأغراض الشعرية الأخرى، وتعرض للقصائد التي فاز بها في مسابقة راشد بن حميد في دولة الامارات عام 2014 وهي قصيدة “كانت تُمَشّطُ شَعْرَ الصّبْر” وفي عام 2019 م بقصيدته الرائعة في جاسم الصحيح “شاعرٌ يقطفُ الدهشةَ من شجرِ المجاز”، ومما قاله من الشعر الجميل في الجائزة الأولى:
لأنـها لـم تــشـأ للـيـأس ِ عـتـمـتَه … تـــسـلــقـــت ســلـمَ الآلامِ بالأمـــلِ
لأنـها لم تَـعُـدْ تُـصغــي لـخــانـقـها … تـنـفـستْ كي تُـعـيدَ الرشفَ للـقـبلِ
لأنــها لـم تــجــدْ لـلــيــلِ أجــوبــةً … هوت ْعلى مسرحِ الحرمانِ والكللِ
ومن أبيات قصيدة” شاعرٌ يقطفُ الدهشةَ من شجرِ المجاز”:
هَـبْني مَجـازَكَ في القصـيدةِ فُـكَّ ليْ … شـفَـراتِ بَـوحِـكَ، أيُّ كَوـْنٍ شَكَّلَكْ
هَبْني غِناءَ الطَّيْرِ علّ نُغَيْمةً تهـوى … انسـكابَ اللَّـحنِ هَــبْ ليَ بُـلْبُــلـَكْ
واسْكُـبْ سُلافَ البَـوْحِ هُزـَّ كُــؤوسَهُ … سُبْـحَانَ شِعْرِكَ مَـنْ تُرى أوْحاهُ لكْ
وأدِرْ دِنــانَ الـشِّـعـرِ صُــبَّ بــيـانَــهُ … ما أجْمَلَ السَّحْرَ البَيانَ …. وأجْمَـلكْ
الشِّـعْـرُ مِـنْ خَـمْـرِ الكَلامِ فَـرَشْـفَـــةٌ … في الرُّوحِ نَـسْكَرُ في هَواكَ لِـنَـنْهَلَكْ
مِنْ أيِّ مُتـَّـكَإٍ أتَـيْـتَ مُـحَمَّــلاً بالفَيْضِ … قُــلْ ليَ مَـنْ بـــحـقِّـــكَ أرْسَـلَـــكْ
هَــلْ كُـنـْتَ في رَحِـمِ الــسَّـمـَـاءِ مُعَـتَّـقاً … فـأتى إلهُ الـقــافــيـاتِ وأنْــزَلَــكْ !

كما أنه تحدث عن مكانة النخلة في عيون شعراء الأحساء وأنها لا تغيب عن قصائدهم ولا سيما الشاعر الكبير جاسم الصحيح.
ومما قاله عن الأحساء من قصيدة “حكاية نخلة”:
أيـدي الـرجـالِ وهِــمَّـةُ الآباءِ … هي قِــصةُ التاريخِ في الأحساءِ

هي قِصةُ الإنسانِ يروي بوحَها … عَرَقُ الرجالِ وشـيـمةُ الشرفاءِ

كانــت حـكايــتُـها حــكايةَ نـخـلةٍ … نـبَــتــتْ كأروعِ شَــتـلـةٍ للــمــاءِ

لم يَـثـنِها قهرُ السنينِ فما انحَـنـتْ … يــوماً لـغـيرِ جــذورِها السمراءِ

حَضَنتْ همومَ المتعبينَ بأرضِـها … كالأمِ تـحـضِـنُ شِــقــوةَ الأبـنـاءِ

غطت المحاور أيضا التأثيرات النفسية والصور الخيالية وتأثيرها في خيال الشاعر، وتطرقت إلى قصيدة النثر الذي حاول التجريب فيها مشيراً للشاعر محمد الماغوط والأديب الناقد محمد الحرز، وغيرهم من الشعراء. وقد جاء في طيات الأمسية طلب من الشاعر جاسم عساكر بأن يقرأ الضيف شيئاً من الشعر الشعبي فجاء ببيت جميل على طريقة البيت الدارمي العراقي:
قلبك حديقة جود أكبر من الدار … تذبح أصايل خيل لو يلفي خطار

ومن المحاور الجميلة التي أثيرت حرفية وفن الخطابة والتقديم عند شاعرنا الجميل، التي قلما تجتمع في شاعر وقد تجتمعت فيه صفات الخطيب من جهورية الصوت وحسن مخارج الكلام وحسن الإلقاء، حتى عد من أفضل مقدمي المحافل في المنطقة. ولقد شهد له بذلك الشاعر الجميل زكي السالم في مداخلته الممتعة التي تحدث فيها عن عبد المجيد الإنسان، عبد المجيد الشاعر، وعبدالمجيد المقدم البارع.
كما تحدث ضيفنا عن ديوانه المخطوط ” لعلي أمسك بالضوء” وأنه في صدد طباعته قريباً.
كما أشاد الشاعر الجميل بمنتدى ابن المقرب ودوره الفاعل محلياً ودولياً، وكيف أنه استقطب كبار الشعراء من كل حدب وصوب.
ومن محاور الأمسية شعر المناسبات وتلبية الطلبات للمشاركة، أفاد الشاعر الجميل بأنه قلما يستجيب لذلك وأن وحي الشعر لا يأتي إلا باقتناع الشاعر حتى لو كانت الشخصية كبيرة، وضرب مثلاً جميلاً برثائه لجاره الحميم دون أدنى طلب وكانت من أقرب القصائد الرثائيات إلى نفسه. ثم تطرق الضيف في سؤال عن تشكيل نواة القصيدة في داخله فأفاد أن القصيدة تتمثل في خروج البيت الأول الذي- حسب قوله- تهديه الآلهة له مستشهداً بقول الفيلسوف والشاعر الفرنسي” فلايري”، ومتى ما جاء البيت الأول اكتملت القصيدة وانطلقت عنده.
ثم أطرب ضيفنا الكبير أسماع المشاهدين بقصائده المتعددة الأغراض ولا سيما الغزلية منها. ومن جميل قوله:
أتوقُ مُـتَيَّــمَاً لـضِفافِ خَــصْرٍ … عَــلَيْـهِ تَهـافَـتَتْ مُهَجٌ خَضيـلَةْ

وأَلـهــو حالِــمَاً بسهــولِ نَــهـدٍ … تَجَلَّى حُسْــنَهُ؛ فَــسَبى خَــلــيلَهْ

وفي نهاية الأمسية قدم كل من الضيف ومقدم الأمسية التحية للملتقى، ولكل الشعراء والأدباء والمشاهدين.
ولمن أراد أن يستمتع بالمقابلة فعليه الرجوع إلى الحلقة على موقع الملتقى فإن فيها من جمال الكلمة وروعة الحوار ما يأخذ بالألباب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى