أقلام

السيد محمد بن السيد ناصر السلمان

سلمان الحجي

السيد محمد بن السيد ناصر بن السيد هاشم السلمان من مواليد النجف الأشرف عام 1350هـ، رجع في سن طفولته إلى الأحساء مدينة المبرز، فتعلم القرآن الكريم والقراءة والكتابة على يد السيد علي بن السيد حسين العلي، ودرس الآجرومية والقطر وبعض أجزاء الألفية على يد كل من: الشيخ علي بن علي الدندن، والسيد محسن بن السيد هاشم السلمان، والسيد ناصر بن السيد هاشم السلمان، ثم هاجر إلى النجف الأشرف بقصد المواصلة العلمية، وكان عمره آنذاك ثمانية عشر عاماً، فأكمل كتاب الألفية عند الشيخ صالح السلطان، ودرس الشرائع واللمعة عند كل من السيد هاشم العلي، والسيد أحمد النحوي، والشيخ جعفر الهلالي، والشيخ محمد حيدر عراقي الجنسية. وبلغت مدة دراسته بالنجف الأشرف خمسة أعوام، ثم رجع إلى الأحساء بهدف الإشراف على بعض المشاريع الدينية، وانشغل فيما بعد بمساندته لعمه القاضي السيد محمد بن السيد حسين العلي في مسيرته الدينية والاجتماعية. وبعد وفاة عمه انتقل إلى الدمام لفترة وجيزة، وسرعان ما رجع إلى الأحساء لإدارة بعض مشاريعه التجارية ومنها: أنه فتح مكتباً عقارياً سماه (مكتب النزهة) عام 1400هـ، ولمعرفة المزيد عن هذه الشخصية على المستوى الديني، والاجتماعي، والأدبي لنتابع لقاءنا معه.

س/ حدثنا عن أسباب توقفك عن مواصلة الدراسة الحوزوية.
ج/ هناك أسباب متعددة منها: الانشغال بالإشراف على المسجد والحسينية، ومنها متابعة مشاريع العم القاضي السيد محمد بن السيد حسين العلي، وأسباب أخرى بالرغم من تشجيع بعض النخب الدينية لي للمواصلة الحوزوية، ولكني رأيتُ أن الانشغالات السالفة مانع عن ذلك. ولم يشأ الله ذلك.

س/ ما تعليقك على من ينادي بأهمية المرجعية الدينية المحلية في مثل ظروفنا؟
ج/ نحن نشكو من قلة المجتهدين بساحتنا المحلية، فضلاً عن الوصول لمراتب علمية بارزة بما يتفق مع شرط الأعلمية، فلا يوجد من فضلاء المنطقة من وصل لمصاف المرجعيات الدينية الكبرى المطروحة بالساحة، كما تحقق ذلك في فترات سابقة. نعم المرجعية المحلية متى ما تحققت شروطها فنحن معها على كافة المستويات.

س/ ما تعليقك على ما يقال ” إن الفرصة كانت متاحة لك للترشيح لعضوية المجلس البلدي ما قبل أربعين سنة” ولكنك رفضت ذلك؟
ج/طلبت مني بعض الشخصيات الاجتماعية الترشّح لعضوية المجلس البلدي بالأحساء ، وقد تم ترشيحي من قبل البعض، رغم عدم حضوري في الساحة المخصصة للترشيح، وكانت لي فرصة الفوز بتلك العضوية إلا أن العم القاضي السيد محمد العلي طلب مني عدم الاستجابة لتلك الطلبات، فتركتُ ذلك المنصب للوجيه عيسى البشر وفاز بتلك العضوية.

س/ حدثنا عن أبرز الملفات التي شاركت في تبنيها لخدمة مجتمعك ووطنك.
ج/كانت لنا زيارات للمسؤولين بالدولة ومنها: زيارة للملك فهد بن عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد بهدف تقديم قائمة من الطلبات الخدمية بالأحساء، إضافة لاستنكار بعض السلوكيات التي صدرت من بعض المواطنين التي لم تخدم الدين ولا الوطن ولا المجتمع، وكان ضمن برنامج الزيارة الالتقاء بوزير الداخلية آنذاك الأمير نايف بن عبد العزيز. ومن أعضاء الوفد: عبد المحسن العيسى، وسلمان العليو، وعلي العلي، وطاهر الغزال، وعبد العزيز الموسى وهو المنسق للقاء.
كذلك من الجهود المقدمة ما يرتبط بمقبرة الشعبة
إذ لم تكن المقبرة في السابق مسوّرة، وقد وصلت لي معلومة أن بعض أجزائها سيصدر لها نظام منح عن طريق عرضها على إحدى اللجان المعنية للشروع في ذلك، مع أن النظام البلدي يمنع منح المقبرة أو بيعها، فقررتُ بهدف المحافظة على حدود المقبرة إيضاح أن ذلك الجزء من المقبرة مستغلاً لدفن الموتى ولا ينبغي التصرف فيه، وذلك بمشاركة الأهالي. وعندما عاينت اللجنة أن المساحة المتاحة من المقبرة، التي كانت موقع النقاش يستفاد منها لدفن الموتى، خصوصاً أنهم قد بان لهم كأن بعض قبورها دفنت فيها الموتى من مئات السنين، فصدّرت قراراً بمنع استغلالها لأي مشروع آخر، ثم شرعنا في تسوير المقبرة بمساهمات من المؤمنين شملت تقديم المواد من طابوق وإسمنت ورمل، وبعضهم قدم مساعدات مالية، والآخر منهم شارك بالعمل، وحالياً أُزيل السور الجنوبي بهدف توسعة الشارع المحيط بها، مقابل ضم مساحة إضافية للمقبرة من الجهة الشمالية، مع التوجه للوفاء بالخدمات الضرورية للمقبرة من الإنارة وتطوير المداخل وغيرها.

س/حدثنا عما تعرفه لكيفية افتتاح الحوزة العلمية في عهدها الأخير؟

ج/كان افتتاح الحوزة العلمية من قبل الأخ السيد علي الناصر، والسيد محمد علي العلي، والشيخ إبراهيم البطاط، وأوكل إلينا المسؤولية المالية، ولعل من أبرز العوائق التي واجهت الحوزة العلمية في افتتاحها كانت مالية.

س/حدثنا عن برنامجك اليومي في القراءة.

ج/ منذ أيام الشباب وبرنامجي اليومي للقراءة في الكتب والدوريات، وقراءتي متنوعة فيها الديني، والتاريخي، والأدبي، والاجتماعي، كما أني أتابع الإصدارات الحديثة، إضافة للاطلاع المستمر على جديد الشبكة العنكبوتية. وملخص هذه القراءة أني حفظتُ الكثير من الآيات القرآنية، والمسائل الفقهية، وروايات أهل البيت (عليه السلام)، إضافة لحفظ تفاسير العلماء لبعض الآيات القرآنية. ومن برنامجي الاجتماعي كنتُ أقرأ مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم العاشر من محرم بالحسينية، ونظمتُ أول لقاء أربعينية الإمام الحسين(عليه السلام) بمدينة المبرز عبر قصائد رثائية وهو مستمر في ذكرى المناسبة في كل سنة، ومن المشاريع أيضاً تنظيم أربعينية الإمام علي(عليه السلام) منذ ثلاث سنوات، وكذلك مولد الإمام موسى الكاظم (ع) ليلة عيد الأضحى وللسنة الثانية. كذلك من الأنشطة الدينية التي توليتُها التقديم للاحتفالات في حسينية الزهراء (ع)، وقراءة دعاء الافتتاح وأدعية تعقيب الصلوات المفروضة، ودعاء كميل بالمسجد الجامع.

س/حدثنا عن كيفية تأسيس مكتب النزهة العقاري.

ج/كان هدف تأسيس المكتب بيع مخطط النزهة بصفتي وكيلاً عن الملاك، وبعد بيع أراضي المخطط كان من ضمن نشاط المكتب تسجيل مساحات المزارع، وقسمة المواريث وحل النزاعات، ولا يزال المكتب يتابع كافة الملفات التي تدخل في نطاق اختصاصه.

.س/حدثنا عن حجم العلاقة بين أفراد المجتمع الأحسائي ما قبل خمسين سنة.

ج/علاقة جيدة، ومن صورها أننا لم نكن نسمع لفظة يدل على الطائفية في وسطنا الاجتماعي، ومن مظاهر تلك العلاقة الطيبة التزاور في الأعياد ومختلف المناسبات الاجتماعية، وكان أطفال الحي من كل الطوائف والأطياف يلعبون مع بعضهم والكل منهم يقسم برأس الإمام الحسين (ع) عند توضيح مصداقية حديثه.

س/ بمتابعتك للساحة الأدبية من شّدك من الشعراء؟

ج/ الشيخ جعفر الهلالي، والشيخ كاظم المطر، والشاعر محمد الهجري، والشيخ محمد الخليلي.

س/ حدثنا عن الوضع الاقتصادي في السبعينات.

– ج/كان الوضع المالي سيئاً، وكانت أجرة عامل البناء نصف ريال، وأستاذ البناء أجرته ريالان، وفترة العمل من الصباح إلى المغرب.
وكانت المهنة البارزة الفلاحة، وكل من يملك بقرة وجصة التمر (مخزن حفظ التمور قديماً) فهو غني. كما كانت مهنة الحياكة أيضا مزدهرة.
كما كان المستغلون من أصحاب الأملاك قد اشتروا بعض النخيل بأبخس الأثمان بـ 8 ريالات و20 ريالاً.
كما كان بعض التجار يحتكر التمر ويبيعه في السوق السوداء بـ 200 ريال بعدما كان سعره 7 ريالات، فكان بعض التجار يستخدم طرق ملتوية ولكن الأمير سعود بن عبد الله آل جلوي اتخذ معهم إجراءات صارمة.
كانت الحنطة والأرز بالتموين، تُشترى كميات معينة بحسب أفراد الأسرة بسعر رمزي في أيام الحرب العالمية الثانية.
في زمن الشيخ محمد الخليفة كان الفقر سائداً، فكان يُوزّع التمر مجاناً على المؤمنين.
ويقال أنه دخل مزرعته فرأى سارقاً يسرق من ثمار مزرعته في أيام الفقر فخاطب السارق من غير أن يعرف أنه صاحب المزرعة.
خذ ما تمكنت منه واخرج منها حتى لا يراك مالك المزرعة.
سنة الرحمة: –
– أتذكر أن أسرة من البوسنة، توفي كافة أفراد أسرتها عددهم يتجاوز 11 شخصاً.
، وكان المشاركون في مراسم التشييع أُعدت لهم خيمة في المقبرة، ومغسلو الموتى على أتم الاستعداد لتولي تغسيل الأموات، وكان من يشارك في تشييع الجنائز في رجوعه إلى بيته يرى في طريقه جنائز مع جمهور مشيعيين متجهين إلى المقبرة.
ويقال أن هناك موتى كثر في بلدتي الشعبة والقرين.
أمر العم القاضي السيد محمد العلي بالدعاء لثلاثة ليالي بالمسجد وكان يردد 12 ألف مرة (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) سورة النمل، آية 62، مع بعض الأدعية والبكاء.

س/ نصيحة تقدمها للشباب:

ج / الدعاء لهم وأن يصلح شأنهم، وأنصحهم بالتمسك بالدين وخدمة المجتمع والوطن.
كما أن من أمنياتي التي أرغب تحققها في المجتمع أن يصلح شأنه، وأن يتوافر في أهل بلدي صفات الإيمان والوعي والصبر والحلم، ونسأل الله العفو والعافية وأن يوفقنا لخدمة الله والرسول والأئمة (عليهم السلام) والمؤمنين.

س/ كلمة مختصرة في حق كل من:
1 – جدك السيد هاشم السلمان (قدس سره): كان من سكنة بلدة القرين، فانتقل بعدها إلى مدينة المبرز، وكانت مرجعيته أيام الدولة العثمانية، وكان له دور بارز في الشأن الديني والاجتماعي، وقد أسس حوزة علمية، وهو المنشئ لحسينية السادة. من مواقفه أنه ثبت عنده عيد شهر رمضان في إحدى السنوات قبل إعلان الحكومة العثمانية ذلك، ولما سمع الحاكم العثماني بذلك أرسل عليه واستمع لحجته وتم الأخذ برأيه وأعلن بذلك العيد على مستوى الدولة.
2 – والدكم السيد ناصر السلمان (قدس سره): استمر الوالد في التدريس بالحوزة العلمية بالأحساء في الفترات التي يكون فيها متواجداً بالوطن، كما أن دائرة مرجعيته أوسع من مرجعية الجد، ولها امتداد في البحرين والكويت والبصرة، ويقال أنه في هجرة الشيخ موسى آل أبي خمسين الأخيرة للنجف الأشرف، قال له والدي: – أنت ستهاجر إلى النجف الأشرف وتموت هناك – وتدفن بمقبرة الغري – بجوار أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأنا والعلم عند الله سأموتُ في الأحساء، وقد كانت بينه وبين المرجعيات المحلية علاقة متينة على كافة المستويات ومنهم: الشيخ موسى آل أبي خمسين، والشيخ عمران السليم، والشيخ حبيب القرين. وممن كان يثني على الوالد السيد أبو الحسن الأصفهاني، والشيخ محمد رضا آل ياسين.
من مواقف الوالد: أنه كان دائماً يجلس بمنزل الحاج عبد الله بن حسن البحراني، فوجهت له دعوة ضيافة من قبل وجهاء بلدة ما في الأحساء، فشرط عليهم أن يقدموا على إلغاء كافة المعاملات المحررة بينهم التي لا تتفق مع الواجهة الشرعية، لعلمه بأن بعضهم وفي سبيل الحصول على المال يجري معاملة وفق تحرير مستندات، أركان البيع فيها غير مكتملة، وأسرعوا للعمل بوصيته، واستجاب لهم بعدها.
كذلك جاء إليه شخص يريد أن يسلمه الحق المالي (الخمس)، فأوصى السيد ذلك المؤمن: بأن يوصل هذه الأمانة للشيخ عبد الله الدويل بمدينة الهفوف.
كذلك من مواقفه: كان مدعواً في ضيافة أحد الأثرياء البارزين بمدينة الهفوف، وسمع في دخوله بمجلس المضّيف، تناول صاحب المنزل أحد فضلاء المنطقة بكلام جارح، فغضب السيد من ذلك السلوك وقال لذلك الرجل: أهكذا تستغيب أهل الفضل بمجلسك؟ وغادر ذلك المنزل، ولم يقبل بالرجوع لدعوته إلا بعد أيام من اعتذاره بأن لا يعود لمثل تلك التصرفات.
في حجة الوالد الثانية لبيت الله الحرام أرسل عليه الملك عبد العزيز آل سعود لحضور جلسة العلماء والشخصيات التي استضافها من مختلف أقطار الدول الإسلامية.
كانت هناك علاقة أخوية بين الوالد السيد ناصر والشيخ عبد الرحمن الكرود، وكانت تعقد بينهما الجلسات الأدبية، والشيخ عبد الرحمن عرف عنه الخلق الرفيع والتعامل الطيب مع الآخرين والكرم .
الوالد كانت رسالته العملية تشمل تعليقة على رسالة الشيخ علي الخاقاني.
أما عن وكلاء السيد ناصر بالأحساء، فلم تكن الإيرادات المالية بمثل زماننا الحالي، ومن وكلائه السيد حسين بن السيد محمد العلي، والشيخ عبد الله الدويل.
ومن مواقفه: كان القاضي السيد حسين العلي ضعيف الحال، وكانت تسلم له الحقوق الشرعية ولم يتطاول على الأخذ منها بما يسد رمق عيشه، فقيل عن ظرفه للسيد ناصر، فقال لمن أخبره: السيد حسين أعرف بتكليفه الشرعي.
كذلك من مواقفه: أن سأله بعض المؤمنين فيمن نرجع بعدك في التقليد، فقال لهم: أرشدكم للرجوع إلى السيد أبي الحسن الأصفهاني، والشيخ حبيب القرين، والشيخ محمد رضا آل ياسين. وكان الوالد أديباً وشاعراً وله قصائد منها ما هو في شأن الإمام علي (عليه السلام)، والإمام الحسين ( ذعليه السلام)، والإمام الحجة بن الحسن (عليه السلام) وزيد بن علي بن الحسين (عليه السلام).
عندما مات رحمه الله كان عمري آنذاك ثماني سنوات وأخي السيد علي عمره سنتان.
3- القاضي السيد حسين بن السيد محمد العلي: تميز بالهيبة والإرادة والعزيمة، وعرف عنه أنه لا يجامل ولا تأخذه في الله لومة لائم.
يقال من مواقفه : أن أحد إخوة أمير الأحساء جالس بمنزله، وكان كلما تحدث السيد بموضوع ما ضرب ذلك الشخص الموالي للأمير بالعصا على الأرض، مما أغضب السيد ذلك التصرف منه، وطرده من منزله، وقد خاف ذلك الرجل من أن يخبر السيد حسين الأمير بما حدث.
1- 4- القاضي السيد محمد علي بن السيد حسين العلي: كان العم مرناً في حل المشاكل التي تعرض على سماحته بالمحكمة، فقد كنتُ وغيري ممن يقدمّ له جملة من التوصيات بخصوص بعض القضايا المعروضة لسماحته فكان يرحب بذلك، وقد عرف بإيمانه وورعه وتقواه، وأتذكر أنه أول ما قدم من العراق عام 1361 هـ، طلب منه إقامة صلاة الجماعة، فتقدم المؤمنين لصلاة المغرب وبعد ما أنهى أداء الصلاة التفت للمصلين وقال لهم: أعيدوا صلاتكم وذلك بالنظر لاتهامه لنفسه بعدم توفر شروط إمام الجماعة، مما يدل على ورعه وتقواه وخوفه من الحساب الإلهي، لذا حتى مسؤوليته في القضاء لم يصدر حكماً على الإطلاق في مختلف القضايا التي عرضت عليه بالمحكمة بالرغم من إمكاناته الفقهية العالية، فكان دائماً ما يتجه بالقضية محل النقاش للصلح كقرار نهائي، وحتى أمير الأحساء سعود آل جلوي كان يستغرب لعدم اطلاعه لفتوى للعم السيد محمد العلي في قضايا المحكمة.
2- من مواقفه: كان السيد في ضيافة أحد الوجهاء، تردد عليه رجل فقير بكثرة الأسئلة الفقهية، فغضب المضّيف من تصرف ذلك الفقير، وطرده من مجلسه، مما أدى ذلك إلى مغادرة السيد تلك الدار لعدم رضاه على ذلك التصرف، ولم يرجع السيد لمنزله إلا بعدما قدم صاحب المنزل اعتذاره للفقير.
كما عرف عن السيد تواصله مع أمير الأحساء في المناسبات الهامة، كما وجهت له دعوة لاستقبال الملك سعود لدى زيارته للأحساء، وكان العم على رأس المستقبلين للملك، ورغبة من الملك سعود لتكريم بعض العلماء دفع هبات مالية لهم، إلا أن العم رفض استلام تلك الأموال، وأبلغ المسؤول عن تسليمه للأمانة بشكره للملك سعود على اهتمامه.
طلب مني العم بعد وفاة الميرزا علي الحائري الأسكوئي المشاركة في مجلس العزاء نيابة عنه بسبب مشاغل المحكمة، فنظمتُ قصيدة بتلك المناسبة طلبتُ منه ومن الشيخ محمد الجبران ( قدس سره) مراجعتها، وقد رافقني في سفرتي للكويت الشيخ حسين الشواف بهدف تقديم العزاء، وقد ألقيتُ قصيدتي ضمن برنامج العزاء، كما ألقيتُ قصيدة في تأبين السيد محسن الحكيم وطلبتُ من الشيخ جعفر الهلالي مراجعتها.
كان العم يتصدى لمتابعة هلال الشهر، ويشتد تفاعله مع هلال عيد رمضان، فكان يحرص على متابعة حركة القمر في نهاية الشهر لخبرته بمنازله، ومتى ما عرف أنه يحتمل أنّ غداً سيثبت العيد، وأنه سيأتي من يدعي رؤية هلال العيد، كان يستقبل الشهود بمجلسه ، ومن يتابع جلسات العم ليلة العيد في تلك المناسبات يقطع بأن السيد سيعلن عيد شهر رمضان، وأما إذا احتمل له عكس ذلك من صعوبة رؤية هلال العيد، وتعذر من يدعي برؤيته، كان لا يجلس لاستقبال الشهود. ومن ذلك كنا في ليلة الثلاثين من شهر رمضان معه نسير وإذا بشخص يسأل عن السيد محمد للإدلاء بشهادته برؤية هلال
العيد، فغاب السيد محمد عنا جميعاً لمعرفته باستحالة أن يكون يوم غدا عيداً.
كانت كذلك علاقة احترام وتقدير بين السيد محمد والقاضي والشيخ محمد العبد القادر، فكان الشيخ عبد القادر لا يتدخل فيما أمضاه السيد محمد في معاملات المحكمة.
وأتذكر أن قضية شائكة وصلت للشيخ العبد القادر، وطلب منه رفعها لأمير الأحساء بعد أن علق عليها السيد محمد، فرفض التدخل في ذلك. وبعد الإصرار عليه رفعها كما هي بدون أن يعلق على ما صدّره السيد محمد في القضية محل النقاش.
وكان السيد العم ليّن العريكة لم يغتب أحداً، ولم يسمح بالغيبة بمجلسه، وكان حليماً، كما كان يهتم بأبنائه ويتعامل معهم بأرقى مراتب الخلق الرفيع.
ومن صفات العم أيضاً الذكاء والحفظ، وقد أسس حوزة في منزل الحاج طاهر بن حسين البحراني، وكان من تلاميذه: السيد محسن السلمان، والسيد أحمد الطاهر، والشيخ علي الدندن، والشيخ باقر آل أبي خمسين، ومن تميزه العلمي مع الشيخ علي العيثان عندما كانا يحضران دروس الشيخ محمد رضا آل ياسين، دائماً يثيران ما قاله الأستاذ من ملخص علمي ليوم أمس. كما أن الشيخ محمد رضا آل ياسين أرسل لأبيه السيد حسين برسالة يقول فيها “ابنكم السيد محمد ممن يرجع إليه “، وعندما توفي العم (رحمه الله) لم يترك من الأموال إلا ثمانين ريالاً.
5- السيد هاشم بن السيد محمد العلي الكبير: لا يحسب للدنيا شيئاً.
6- السيد هاشم بن السيد حسين العلي: الورع والتقى، والفضيلة العلمية.
7- الشيخ حسين الخليفة: ليس بعيداً عن الاجتهاد، خلقه وفضله وعلاقاته الاجتماعية والتقوى والورع والخوف من الله سبحانه من أبرز صفاته، ديدنه عمل الخير للمؤمنين.
8- السيد علي بن السيد ناصر السلمان: التقوى والورع والشجاعة والأدب والمستوى العلمي والبعد عن الشبهات والخوف من الله وإنجازاته للحوزة العلمية وللمجتمع واضحة للعيان.
9- الشيخ صادق الخليفة: يتميز بالجرأة وقوة الشخصية.
10 – الشيخ عبد الله الدويل: ثقة المرجعيات الدينية كالشيخ موسى آل أبي خمسين ، والوالد السيد ناصر، فقد كان يسلم الحقوق الشرعية ليقوم بمعرفته بتوزيعها على المحتاجين، كما كان من ورعه كلما اشترى له المؤمنون منزلاً بقي فيه مدة من الزمن ثم يقدم على بيعه ، بهدف توزيع قيمته على الفقراء والمساكين.
11- السيد ناصر بن السيد هاشم السلمان: العلمية، والورع، والتقوى.
12- الشيخ حسين الشواف: العلمية، والورع والتقوى، والزهد.
13 – الشيخ صالح السلطان: صاحب فضيلة علمية، من أهل الأدب.
قدمتُ في أربعينية الشيخ صالح بعد إصرار من المحبين له حيث أنني توقفتُ عن المشاركة في الإلقاء في المناسبات والبرامج الثقافية من عدة سنوات بالنظر لكبر السن، وتواجد بعض الشباب التي تتوفر فيهم الكفاءة. والشيخ صالح السلطان له حق علي فهو أستاذي، وقد شبهته بأبي ذر الغفاري في زهده وتقواه، ولقد كنتُ أتواصل معه منذ كان في النجف الأشرف، ولا زلتُ حتى قبل وفاته، تميز بالصراحة، وإرشاد الناس لطريق الخير، وأن لا تأخذه في الله لومة لائم.
فجعتُ بنبأ وفاته وتذكرتُ ما قام به العم السيد محمد العلي عندما أقدم على تحفيزه لإكمال دراسته الحوزوية بالنجف الأشرف، وأشاد به عند السيد محسن الحكيم عن تقواه وذكائه. للشيخ وجهات نظر في مواضيع عدة نتفق في بعضها ونختلف معه في أخرى. بوفاة الشيخ صالح لا نستطيع القول بأن خطه قد انقطع فله محبون وتلاميذ.
14- الشيخ عبد الوهاب الغريري: التقوى، والمشاركة الاجتماعية بمهارة.
15- الحاج طاهر الغزال: رجل المواقف، والمرح ، والطيب.
16- الحاج علي العلي: كرم، ووفاء لمجتمعه، وسار على خطه ابنه الحاج حسين الذي لم يتردد في خدمة مجتمعه، ويسهم بدعم المشاريع الوطنية.
17- الحاج سلمان العليو: صديق وعزيز.
18 – الحاج عبد المحسن العيسى شخصية كرم ونخوة.
19- الحاج صالح الخليفة: من الوجهاء، ومن أعيان البلد، وكان يخدم مجتمعه ويدعم الفقراء والمحتاجين.
20 – الحاج عيسى البشر: صديق، وكان مدافعاً عن المجتمع.
21- الحاج علي بن علي الغريب: تقياً، كريماً شخصية إيمانية يقضي حوائج الناس يحب السادة لقربهم من أهل البيت (عليهم السلام)، يؤوي المؤمنين، كنا نذهب لزيارته يوم الخميس مع الحاج عبد الله البحراني والأخ السيد علي الناصر، وكنا نبيتُ في بيته مع العم القاضي السيد حسين بن السيد العلي، والعم القاضي السيد محمد بن السيد حسين العلي .
22- الملا عبد الله البحراني، والحاج حجي البحراني، والحاج صالح البحراني وأولادهم إيمان وكرم، وخدمة أهل البيت (عليه السلام)، وخدمة المؤمنين، وطيب.
من قصائده:
في مولد النبي الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله ):

نور بضوء جلالك الحجبا وانشر بنشر صفائك الخطبا

وامنح مشاعري التي انطلقت بثناك عزما يبلغ الشهبا

ليصوغ من لآلئها مدحا قدسية تبدي لنا العجبا

بثناك مهما قالت الشعراء لن يبلغوا في مدحك رتبا

والفكر مهما طار طائره في مدحكم وجد الفضا رحبا

ياليلة فيها الهدى سطعت أنواره وبها الضلال خبا

وتهدمت شرفات شاهقة الإيوان حتى زلزلوا رهبا

وبها خبت للفرس لاهبة كانت لهم معبودة حقبا

وعلا على أوج السماء بلد فيه تولد سيد النقباء

وبه رسالة أحمد هبطت للعالمين وكان منتخبا

وله قصيدة في رثاء عبد الله الرضيع

الله ما حال الحسين وطفله بيديه وهو إلى الوغى محمول

جمدت بعينيه الدموع ومات في شفتيه من وقد الحشا تقبيل

قد جاء يحمله الحسين إلى العدى فعسى يبل من الوليد غليل

يسترحم الأعداء أن تسقي له طفلاً فيهدا واله وثكول

ولقد تعاظم خطبه متلهفاً ظامي الحشاشة والجناح هزيل

عيناً تجول عليه تشرب لوعة منه،وأخرى في السماء تجول

والطفل يفحص في يديه كأنه قمر لبهجته يدب أفول

حتى إذا هدأ الوليد على يد لأبيه مات بجرحها التأميل

زجوا له سهماً ففجّر نحره بدم على صدر الحسين يسيل

فمضى به نحو الخيام وطرفه لله بالدمع الهتون بليل

فاستقبلته أمه وفؤادها قطع يسيل ودمعها مهطول

ركضت إليه تجر ذيل عفافها ولها تعثر بالأسى وتقول

يا من عليك سهرت ليلاً كله هم وليل المرضعات طويل

جمدت دموع كنت ملء عيونها طيفاً بأضواء الحياة يجول

ولقد بنتيك للشباب خميلة من حولها ماء العيون هطول

ولقد نثرت على ثراك حشاشي أنى ألام بها وأنت سليل

وله قصيدة في رثاء الميرزا علي الحائري الأسكوئي:

عين الهدى تبكي وعز رقادها إذ طال من عظيم المصاب سهادها

لا غرو أن تبكي أسى وتفجعا فشريعة الهادي أصيب فؤادها

فقدت إمام المسلمين فغاله سهم الردى فهوى فدك عمادها

لله يوم فيه شرعة أحمد تبكي أسى لما أطيح سنادها

لبست جلابيب الحداد لفقده أم العلى أسفا ودك مهادها

واهزت الأسلاك من عظم الأسى فورى بقلب المكرمات زنادها

نبأ عظيم خطبه قد طبق الآفاق انهالت له أطوادها

فلنا الممض من الرزايا والشجى ولشرعة الهادي النبي حدادها

شمس الهداية كورت لرزية عظمى وأظلم بالمصاب رشادها

والناس في وجد لفقد كفيلها فتت لعظم مصابه أكبادها

طود أشم مقامه أفق العلى طلاعها فاقت به أنجادها

فلروحه روح الجنان وروحه فردوس عدن فاز فيه جوادها

وله قصيدة في رثاء آية الله العظمى السيد محسن الحكيم:

خطب به ركن البلاد تضعضعا ولوقعه قلب البسيطة روعا

خطب أصاب من الهداية ركنها وبه بناء المكرمات تصدعا

ماذا يقول به اللسان معبراً وهو الذي كان المنار الأرفعا

قد كان للدين الحنيف دعامة كبرى به الدين استنار وشعشعا

ولكم به ازدهرت شريعة أحمد بمواقف كان المجلي الأرفعا

يا ثلمة في الدين طاحت فالهدى يبكي بطرف مقرح قد أهمعا

يا راحلاً والعلم شيع نعشه إذ كان روح الدين فيه شيعا

يا راحلاً والناس حول سريره والكل من كأس المصاب مترعا

طافوا بقبرك يلمسون حياتهم والكل منهم صبره قد روعا

ورموا جمار قلوبهم من فوقه إذ فيه سر هدى الشريعة مودعاً

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى