أقلام

القهيوة: مجلس المخايطة

عبدالله البحراني

قام على تأسيس القهيوة: مجلس المخايطة الحاجِّ يوسف بن عليِّ بن حسين المحمدعليِّ عام ١٣٦٥ﻫ مع شريكه الحاجِّ موسى عليِّ الناصر المهنا.1
وهناك مجالس أخرى للخياطة في هذا الفريج، مثل مجلس الحاجِّ حسين الأربش، ومجلس حجي العمام، ومجلس الصاغة، ومجالس الرشيد والعوسي والبووشل. ولم يكن العمل في مجال الخياطة مقتصراً على الرجال. فكان للمرأة نشاط أقتصادي واضح في تلك الحقبة.

موقع القهيوة:
تقع في الركن الشمالي الغربي لبراحة اليوسفي. والدخول لها عبر (دهريز) عرضه متران. ويبلغ طول مجلس (القهيوة) حوالي اثني عشـر متراً وعرضه في حدود سبعة أمتار، وبابها في جهة الجنوب لصكة المهنا. ولأهمية صكة المهنا سوف نستعرض بيوتها، ففي الشمال هناك بيت المرحوم عبدالله محمد المهنا (بوصالح)، ومجلس القهيوة، وبيت المرحوم موسى بن علي الناصر المهنا، وبيت أم ناشي المهنا، وبيت المرحوم أحمد محمد المهنا (بو سلمان).
وفي هذا الجوار هناك بيت الحاج حسين البن صالح، وبه دكانه للصياغة. وكان الحاجُّ حسين البن صالح من أوائل من أدخل في بيته الكهرباء في هذا الفريج، وعلى باب بيته (لمبة) كان الناس يتجمعون تحتها ليلاً مبهورين بهذا النور وبهذا الاختراع الجديد.

صكة المهنا:
وفي جهة الجنوب لصكة المهنا هناك مجلس البودحيم (المهنا)، وبيت المرحوم محمد المحمدعلي (والد/ الأخ أحمد بوماهر)، وأخيراً بيت الوصيبعي.2
ولم تكن صكة المهنا مفتوحة على المصبغة في الماضي، حيث كان في نهايتها بئر ماء يسمى (جليب السعدون) مناصفة بين المهنا والمصبغة. ولم تكن المصبغة براحة في الماضي، بل كانت نخلاً عامرأً يسمى (المصبغة).


الحاج عبدالله البودحيم المهنا:
وفي هذا الجوار، مجلس أبناء محمد بن حسين المهنا البودحيم (عبدالله، عليِّ، وأحمد). يتمجلسون فيه وقت الظهيرة والليل. ومساحته في حدود أربعين متراً. ويستقبل الحاجُّ المرحومُ عبدالله البودحيم المهنا (بوصالح) ضيوفه من أهالي القرى الوافدين لسوق الأربعاء من أجل بيع منتجاتهم، ويتناولون معه الغداء ويأخذون قيلولة لديه حتى تخف حرارة الظهيرة قبل العودة لقراهم.
وكنت شاباً يافعا عندما شاهدت بوصالح البودحيم (في سوق المبرز وفي قرية جليجلة وكنت مرافقا لوالدي في الركبة). وفكرتي عنه: بأنه معروف في عموم الأحساء، قيادي، مقبول بين أهله والمجتمع، وله عادة سنوية حيث يدعو معارفه في قرى الأحساء في ليلة عيد شهر الصيام. ويعد لهم وليمة كبيرة ومتنوعه، تقوم على إعدادها زوجاته وبناته. وفي هذه الليلة يكون عدد الحضور كبيراً قد يتجاوز أربعين شخصاً، ويقيم وليمة أخرى كبيرة في ليلة القرقيعان، يدعو إليها الأهل والمعارف من قرى الأحساء، وكذلك العاملين معه في المحلات والنخيل.3
وفي هذا المجلس تقام قراءة حسينية في ليالي رمضان، وأيام عاشوراء. وفي بيت البودحيم هناك كندية (غرفة صغيرة داخل الغرفة الرئيسة (جناح خاص) لرب الأسرة) تستخدم للنوم وقت القيلولة لأنها أبرد في فصل الصيف. ولديهم مأتم أسبوعيٌّ نسائي (عادة) صباح يوم الجمعة.

الحاج يوسف المحمدعليِّ:
كان لدى الحاجِّ يوسف بن عليِّ بن حسين المحمدعليِّ (رحمه الله) عادة يومية جميلة، حيث يفتح القهيوة من بعد صلاة الفجر من كل يوم، ويعدَّ القهوة (المر) ويستعد بالتمر لمرتادي هذا المكان من الجيران والأصدقاء. ويستمر هذا اللقاء اليوميُّ حتى وقت طلوع الشمس، ورواد هذا المجلس متحلقون حول (وجاغ الفحم في الرواق الشرقيِّ)، ويتبادلون آخر الأخبار وشؤون المجتمع. وفي بعض الأيام، يشرف القهيوة سماحة السيد محمد السيد حسين العلي (القاضي)، وقد ينظر في بعض القضايا المُعرضة عليه. وهذا يدل على مستوى التواصل بين الأعلام وسكان الحي. وبعد طلوع الشمس يبدأ عمل المخايطة حتى الظهر، ومن العصر حتى وقت المغرب. وفي الليل يتجمع الجيران وأهل الفريج في هذا المجلس للعتمة. وكان يوجد راديو لمتابعة الأخبار والبرامج الأخرى.
وكتب الأستاذ علي المحمد علي بحثاً بعنوان (ذكرياتي مع جدي)، جده الحاجَّ يوسف بن عليِّ المحمدعلي، فقال بأنه: «كان أسمر البشرة، عريض المنكبين، ضخم الجثة، رحب المحيا، هادئ المشية، عليه وقار الشيوخ. من مواليد عام ١٩٢٢م. نشأ في كنف والده الحاجِّ علي، وفي رعاية والدته السيدة العلوية هاشمية بنت السيد إبراهيم السويج». توفي في 9/3/1426 هـ.4

القهيوة: معهد تعليم الخياطة:

عمل وتعلم في هذا المكان العشراتُ من الرجال حرفة خياطة العباءات النسائية، ولهم ذكريات ومواقف جميلة. ومنهم: الحاجُّ حسن بن حمد النجيدي، والحاجُّ طاهر بن موسى الناصر، والحاجُّ عبدالصاحب المهنا، والحاجُّ طاهر محمد الشيخ عليِّ، والحاجُّ حسين سليمان النمر، والحاجُّ المرحوم محمد موسى المؤمن، والحاجُّ عليُّ حسين محمد البحرانيُّ، والحاجُّ محمد يوسف عليِّ المحمد عليِّ، والحاجُّ محمد حسن المهنا، والحاجُّ عبدالكريم جعفر المؤمن، والحاجُّ يوسف الدوخي، والحاجُّ أحمد المهنا (سالم)، والمرحوم عليُّ المؤمن (بومنصور).5 والسيد محمد بن السيد أحمد بن السيد حسين العلي، وملاَّ عايش المهنا.6 والحاج عبدالله علي الدوخي (والد الشيخ حسن)، والحاج محمد المهنا (بوحسن)، والسيد محمد السيد حسين اليوسف، وغيرهم الكثير.

نهاية القهيوة:
استمر العمل في القهيوة حتى عام 1401/ ١٤٠٢ﻫـ، لما نزعت ملكية الكثير من المباني في هذا الحيِّ بواسطة البلدية، ومنها (القهوية). ندعوا الله بالرحمة والمغفرة والرضوان لجميع من ذكرناهم.7

هوامش
1. والمصدر الرئيس لهذا الموضوع الحاج عبدالله بن موسى الناصر المهنا (بو علي) ضمن عدة جلسات معه.
2. المرحوم محمد المحمد علي (والد/ الأخ أحمد المحمدعلي بوماهر): من أوائل من تاجر في بيع الأواني المنزلية الحديثة، مثل (الأواني المعدنية، والأكواب الزجاجية، والقواري الصين). وقد أستأجر لفترة بيتَ المرحومة حصة الفريدان، بالقرب من بيت المرحوم عبدالمحسن الشيخ عليٍّ، واستخدمه (دكاناً) لبيع الأواني. وكان قبل ذلك يبيع الأقمشة. ولقد شاهدته (أي الحاج محمد المحمدعلي) في بعض القرى يبيع الأواني المنزلية، مثل جليجلة، والكلابية.
3. إفادة من الأستاذ عبدالمحسن بن عبدالله البو دحيم المهنا، ليلة 20/12/1442 هـ.
4. زودني الأستاذ علي المحمدعلي بمعلومات قيمة عن هذا المكان وعن جده الحاج يوسف المحمدعلي، له وافر الشكر.
5. المرحوم عليُّ المؤمن (بومنصور): من زوار القهيوة، مختصً في خياطة وعمل الطواقي (جمع طاقية، وهي غطاء للرأس، يلبس تحت الغترة).
6. المرحوم الملاَّ عايش المهنا: يقوم بتكلّيِف العبايات. وفي مرحلة لاحقة اتجة لخدمة المنبر الحسيني. وكان لسنوات يقرأ في دولة الكويت طوال شهر مُحرَّم.
7. الحاج عبدالله بن موسى الناصر المهنا (بو علي). ضمن عدة لقائات معه.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى