أقلام

بالحديث عن الجوائح: فن وعلم التواصل بشأن المخاطر

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي

مقدمة الدكتور غسان علي بو خمسين،
جهود وزارة الصحة السعودية، في التوعية في زمن جائحة كورونا.. مثال ناجح لفن التواصل مع الجمهور.

مثّلت جائحة كورونا  أزمة، وتهديداً كبيراً وطارئاً للصحة  العامة، ضربت البشر في كل أنحاء  العالم وهم غير مستعدين لها، مما جعل الحكومات والشعوب في حيرة واضطراب، وعدم وضوح في الرؤية وتردد، والجميع يبحث عن الطريقة المثلى الواجب اتباعها، في عملية صنع الاستراتيجية المناسبة من أجل التصدي للجائحة.

أحد أهم عناصر هذه الاستراتيجية الناجحة للتصدي للجائحة، هو عنصر التواصل الفعال بين أجهزة الدولة والجمهور.

اذ لا بد ان تكون  هذه العملية التواصلية بين الأجهزة الرسمية والشعب شفافة وفعالة قدر الإمكان، لتحقيق الهدف المنشود، في التوعية بالمخاطر والالتزام بالتعليمات، يمكننا القول عن تجربة عشناها جميعاً خلال الأشهر الأربعة الماضية في وطننا الحبيب، أن تجربة وزارة الصحة السعودية في التصدي لجائحة كورونا، منذ الأيام الأولى للأزمة كانت ممتازة وعلى مستوى المسؤولية، فمنذ الأيام الأولى حددت المخاطر.

ورسمت الخطوط العريضة لاستراتيجية التصدي للجائحة، مستفيدة من خبرتها وتجربتها السابقة، مع مرض الميرس الذي ضرب المملكة قبل أقل من ثماني سنوات.

لذلك وجدنا سياسة إعلامية تواصلية فعالة مع الجمهور مند الأيام الأولى، باستغلال كل الوسائل المتاحة من تقليدية كالتلفزيون والإذاعة والصحف، أو وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تويتر ويوتيوب وغيرها، لإيصال المعلومات والإرشادات والأخبار الصحية للجمهور بطريقة مبسطة وواضحة، وهذا قد ساهم كثيراً في تفهّم الناس لكثير من المصطلحات الجديدة عليهم، كالتباعد الاجتماعي، وتسطيح المنحنى، وتقبُّل عادات وسلوكيات بسرعة ملفتة كلبس الكمام، وتعقيم الأيدي والأسطح وعدم المصافحة وغيره.

وبنجاح خطة التواصل لوزارة الصحة عندنا، بات معظم الناس على دراية وإلمام جيد، بأهم العناصر الأساسية في الوقاية والاحتراز من الوباء، وهذا هو من أهم اهداف وزارة الصحة، في التصدي للجائحة والعبور الى بر الأمان بإذن الله.

المقال المترجم يحكي عن أهم الوسائل التي ترشد مسؤولي الصحة العامة، عن أفضل الطرق الواجب اتباعها في تمرير رسائلهم للجمهور.

الموضوع المترجم
خبير الأمراض المعدية أنتوني فوسي، منسقة الإستجابة لفيروس كورونا ديبورا بيركس ‪Deborah Birx‬  مسؤولو صحة المقاطعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، جائحة كوفيد-19 أدت إلى ظهور مجموعة جديدة من أسماء العائلات: تلك العائلات التي سلطت عليهم، وسائل الإعلام الضوء والمكلفة بمساعدة الناس على فهم ما يحدث، وماذا من المحتمل أن يحدث بعد ذلك، وكيف يتصرف الناس  للحد من انتشار الجائحة، ولماذا.

تسطيح المنحنى لتجنب اغراق أنظمة العناية الصحية، هو أحد المفاهيم المعقدة التي ينبغي لمسؤلي الصحة أن يوصلوه للناس خلال جائحة كوفيد-19.

حقيقة أن بعضنا يفهم أهميته هو نجاح رئيسي للتواصل، بشأن فيروس كورونا الى هذا التاريخ، من خلال هؤلاء المسؤولين الصحيين، سمع الملايين عن العزلة الاجتماعية، وتسطيح المنحنى، وارتداء القناع، واللقاحات، والأدوية المضادة للفيروسات والمزيد من الأشياء، الأساس أساس موارب: قلل من أهمية التهديد والناس قد لا يتفاعلون بالقوة الكافية.

بالغ في الأهمية والناس قد لا يستمعون في المرة القادمة، وكيف يمكن أن يبقى المسؤولون جديرين بالثقة، عندما يتغير فهم العلماء للفيروس الجديد في كل اسبوع؟

أمضت ديبورا جليك ‪Deborah Glik‬، باحثة في مجال التواصل الصحي في كلية الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا، في لوس أنجلوس، عقودًا في دراسة فن وعلم إعلام (التواصل مع) العامة (جمهور الناس) في حالات الطوارئ الصحية، موضوع كتبته في عام 2007 في مجلة المراجعة السنوية للصحة العامة.

على مر السنين، ساعدت جليك ‪Glik‬ المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض، والوقاية منها على تطوير خطط الاتصالات (التواصلات) لمجموعة واسعة من المخاطر الصحية.

بما في ذلك عوامل (اسلحة) الإرهاب البيولوجي، كالتسمم الغذائي والوباء (الطاعون)، تحدث مراسل  مجلة نولابل  ‪Knowable‬ مع جليك عن المبادئ الرئيسية، التي ترشد مسؤولي الصحة العامة في رسائلهم، موليًا اهتمامًا خاصًا للجائحة الحالية.
س: ما هي أهداف تواصل الصحة العامة في حالة الجائحة؟
ج: الهدف هو توصيل أكبر قدر ممكن من المعلومات، إلى أكبر عدد ممكن من الناس بأسرع ما يمكن.

وهذا يعني أن الرسائل نفسها يجب أن تكون بسيطة، ومع ذلك، في الاتصال (التواصل) بشأن المخاطر، فإن الكثير من الرسائل ليست بسيطة.

– إذ هي تعتمد على مفاهيم فنية “كتسطيح  المنحنى” أو “تتبع جهات الاختلاط ” التي قد لا يفهمها بعض الأشخاص في البداية، لذلك، تركز الرسائل الأولية بشكل عام على ما يحدث، وما ينبغي فعله، وكيف يُعمل، وأين توجد المعلومات، ومن يفعل ماذا، بمجرد أن ينتشر “ماذا يحدث”، إذن يمكن أن تصبح “لماذا” جزءًا لا يتجزأ منه.

لدينا طريقة – في الواقع، أتت من العلاقات العامة والسياسة، ولكن تم تبنيها قبل حوالي 20 عامًا في الأزمات وفي الاتصال  بشأن مخاطر الطوارئ – من “الرسائل المعتمِدة  سابقًا”.

قبل الإصدار الرسمي، مجموعة من المسؤولين تقرر الأفكار المركزية التي يريدون توصيلها إلى السكان، بشكل عام، القاعدة الأساسية هي، إذا كنت تتحدث عن قضايا البقاء على قيد الحياة  الأساسية، فأنت لا تريد أن ترسل أكثر من ثلاث أو أربع نقاط في المرة الواحدة ادعمها بالأدلة، لو طلبت من الناس ارتداء الكمامات، فقد يكون دليلك على أن الدراسات بينت أن احتمال نشر الأشخاص الذين يرتدون الكمامات لفيروس كورنا أقل.

ولو طلبت منهم  أن يغسلوا  أيديهم، فإن ذلك لأنه يمنع من انتشار الجراثيم، الفكرة هي، أن لديك رسائل أساسية، لكنك تنسج معها تفسيرات لسبب  فعل ذلك، “اغسل يديك” و “البس كمامة”، هي رسائل بسيطة.

رسالة التباعد الاجتماعي تصبح أكثر تعقيدًا بقليل، لكنها لا تزال رسالة بسيطةً إلى حد معقول، ولكن الآن دعونا نصل إلى مفهوم أقل بساطة، “تسطيح المنحنى”، إن فهم سبب فعلك ذلك يفترض، أولاً وقبل كل شيء، لابد أنك تعرف ما هو المنحنى، لذلك يجب عليك استخدام الرسوم البيانية وأن تشرح ما تمثله هذه الرسوم البيانية.

ثم هناك قضية ما يفوق استيعاب المستشفيات (اغراق المستشفيات)، ما لم تكن طالبًا في الصحة العامة أو الكوارث، فلن تفهم ما يعنيه ذلك.

لهذا السبب ننتظر على الأفكار الأكثر تعقيدًا حتى يستوعب الناس بالكامل الأفكار الأبسط، لقد تم بذل الكثير من الطاقة والجهد لمساعدة الناس على معرفة أن الكثير مما يتم فعله الآن، فيما يتعلق بالصحة العامة، لا يقلل فقط من انتقال العدوى والحالات بل يجنب أيضًا اغمار أنظمة المستشفيات [حين يصبح عدد المرضى أكثر بكثير مما تستوعبه أنظمة المستشفيات].

س: هل  الجوائج تختلف عن قضايا الصحة العامة الأخرى؟
ج: تتعلق الاتصالات المنتظمة بشأن المخاطر بشكل عام، بقضايا الصحة الشخصية كالتدخين أو أشياء مثل الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي أو السل.

بشكل عام هم مركزون على الوصول إلى مجموعات عالية المخاطر من الناس، لذا لديك مستفيدون مستهدفون، وأنت تقوم بالترويج، وتتواصل معهم، تلك هي الاتصالات اليومية بشأن المخاطر، إليك الفرق: في حالة الطوارئ، كل شخص في خطر- أو على الأقل، كل شخص في منطقة معينة هو في خطر.

معظم حالات الطوارئ إقليمية أو محلية،  لكنها جماعية، بمعنى أن الكثير من الناس معرضون للخطر، وليس بالضرورة بسبب شيء فعلوه أو لم يفعلوه، وحالات الطوارئ تستحق النشر كخبر.

ومع ذلك، فإن كوفيد-19 استثنائي، لأنه استوعب جميع وسائل الإعلام الإخبارية طوال الوقت، وهو أمر غير طبيعي، لذلك لم يكن علينا التركيز على توعية الناس بالمشكلة، يمكننا التركيز على ما يجب عليهم فعله- لمساعدتهم على تبني والحفاظ على سلوكيات الحد من المخاطر كارتداء الكمامات، والتباعد الاجتماعي.

س:ما مقدار التخطيط المسبق الذي تحتاجه الاستجابة بشأن اتصالات المتعلقة لالجائحة؟
ج: الكثير من خطط الوباء تلك كانت موجودة منذ سنوات.

كنا قلقين للغاية بعد وباء سارس في 2002-2003 حيث لم نكن مستعدين لجائحة عالمية، تم تطوير الكثير من الرسائل، خاصة حول الممارسات الصحية ‪hygiene‬- ابق في المنزل لو أنت مريض، اغسل يديك، احصل على لقاح الأنفلونزا، لقد تخيلنا مأوىً نحمي أنفسنا فيه في نفس المكان الذي نحن فيه: من المؤكد أن مكسيكو سيتي اصدرت أمرًا، بإعداد مكان مأوى صغير في نفس المكان  خلال الأسابيع الأولى لجائحة إنفلونزا الخنازير لعام 2009.

لكننا كنا نفكر فقط لأسبوعين! هذا هو الأمر المختلف في هذه الجائحة، إنها تهديد طويل الأمد بكثير وأكثر انتشارًا.

س:هل عليك أن تخيف الناس حتى تجعلهم يتخذوا إجراءاً؟؟
ج: كان هناك جدل لسنوات حول ما إذا كان سيتم استخدام الخوف في التواصل الصحي، كان الإجماع: يعتمد على التهديد ومدى وشيكية حدوثه، في التواصل اليومي بشأن مخاطر أشياء مثل التدخين أو الإفراط في تناول الطعام، لا تبالغ في الخوف- فهناك قلق من جعله مخيفًا لدرجة أنه لا أحد يريد الاستماع إليك.

ليس لديك هذه المشكلة في حالات الطوارئ التي تهدد الحياة الآن، الغالبية العظمى من الناس تتوق إلى أن تعرف، إنهم منفتحون على المعلومات، طالما أنها تُعطى لهم بطريقة لا تغمرهم.

وهذا هو لماذا انت تصدرها لهم على دفعات، لا يمكنك إخبار الجميع بكل شيء دفعة واحدة، ولكن إذا وجهت الناس في الأثناء وعلمتهم، ولم تهينهم، فستستمع الغالبية العظمى من الناس اليك في الواقع، وهذا بالضبط ما رأيناه،
س: ما مقدار التعديل على الرسائل الذي  ينبغي عليك أن تقوم  به حتى تلائم مستفيدين مختلفين؟
ج: ما وجدناه في رسائل الصحة العامة هو أنه كلما كان بإمكانك ملاءمتها، بما يتناسب مع وضع حياة شخص معين، كان ذلك أفضل.

ولكن من الصعب جدًا على إدارة الصحة تخصيص رسائل لكل فرد من أفراد المجتمع، من الناحية المثالية، لدينا شركاء- مدارس وجامعات، ومنظمات مجتمعية ومنظمات دينية – يأخذون رسائلنا.

ويفكرون في أفراد مجتمعهم ويقولون، هذه هي الطريقة التي تنطبق علينا، وهذا ما سنفعله، في جامعتي، سمعنا رسائل معينة جدًا منذ شهور الآن عن قضايا مثل كيف تذهب إلى مكتبك لو كنت بحاجة إلى ذلك: تأكد من أنك تمسح (تعقم) مقابض الأبواب، وألّا تبقى طويلًا جدًا في المكان، واختار أن تصل الي المكتب، في أوقات منظمة من حيث البداية والنهاية، ومناسبتها لنوع العمل والتزاماتك، وهذه الأنواع من الأشياء.

هذه الرسائل المستهدفة مهمة مع انفتاح الأعمال: هنا ما يجب على موظفينا  أن يفعلوه، وهنا ما يحتاج عملاؤنا أن يفعلوه، نحن لا نسمح للعملاء بالدخول بدون كمامات.

يجب أن يكون هناك حواجز متحركة، جزء من هذا هو منحنى التعلم (التعلم التدريجي)، نقوم بالتعديل على هذه الاجراءات بمرور الوقت، لقد قمنا بالتخطيط للجوائح لسنوات، بعد سارس وأنفلونزا ‪H1N1‬ (انفلونزا الخنازير)، ولكن لم يتطرق أحد إلى العديد من القضايا العملية التي نتعامل معها الآن، لأننا لم نفكر في ذلك  مسبقًا.

س: كيف تتعامل مع التضليل المعلوماتي  والمعلومات الخاطئة؟ هل يجب عليك تجاهلها فحسب، حتى لا تكون بارزة بشكل أكثر؟ ج: لا تبقى صامتًا إذا ما رُوج للأساطير/ الخرافات، والمعلومات الخاطئة. أنت ترفض ذلك بالتأكيد .

بل تقوم بذلك بطريقة ذكية ومتسقة، بعد أن أصبحت الحركة المضادة للقاحات صاخبة في أواخر التسعينات، بدأ موظفو الصحة العامة، بمرور الوقت، في أن يكونوا أكثر اتساقًا، وأكثر قوة وأكثر استنادًا إلى الأدلة، استمروا في الدفع الى الأمام، وعلى الرغم من أنه لا تزال هناك حركة مضادة للقاحات، فقد تم التقليل من التهديد.

كان هناك الكثير من المعلومات الخاطئة عن كوفيد-19، وكانت مدعومة من قبل البيت الأبيض: حيث قالوا أن هذا الفيروس خدعة، وأنه لن يأتي أبدًا إلى أمريكا.

وأننا على استعداد، وأن هيدروكسي كلوروكين علاج له، وبالطبع المبيض ( كلوركس) والمطهر ، ولكن كان هناك عدم قبول (رفض) كبير، في ولاية كاليفورنيا، بعث عمدة لوس أنجلوس، والحاكم ومسؤولو الصحة العامة برسائل مفادها أن “هذا الفيروس هو الشيء الحقيقي، علينا أن نتباعد اجتماعيًا، وعلينا تجنب اغراق المستشفيات”.

س:ولكن ماذا لو كانت الرسائل المتضاربة تعكس معرفتنا المتطورة؟ سمعنا أولاً أن كمامات الوجه ليست فعالة، ثم سمعنا أنها …

ج: عليك أن تأخد الأمور إلى الوراء وتقول: “تعرف ماذا، في فبراير لم نكن نعرف عن فعالية كمامات الوجه، الآن نحن نعرف”، أفضل شيء كان بإمكاننا قوله في فبراير هو، “نحن لا نعرف مدى فعالية الكمامات؛ سنتخذ قرارًا عندما تكون لدينا معلومات عنها”، لو استمعت إلى الإعلاميين العظماء المختصين بطوارئ المخاطر، فسيخبرونك فقط بما يعرفونه.

وإذا لم تعرف شيئًا، فلا تختلق أشياء إنما قل: “نحن نعمل على ذلك، ولا نعرف، سنقدم لك هذه المعلومات بمجرد الحصول عليها”.

س: هل يمكنك أن تعطينا أمثلة على اتصالات بشأن كوفيد-19 التي عُملت بشكل سيء بشكل خاص؟
ج: أي نوع من الرسائل غير المتسقة سيئة، إذا كنت مترددًا بشأن خطورة هذا التهديد، أو تقول شيئًا في وقت ما وشيئًا آخر في وقت آخر، فهذه هي الرسائل غير المتسقة، وتقوض الثقة والمصداقية.

كان هناك الكثير من الخلافات مع الحكومة الفيدرالية، والكثير من التضارب، وكان هناك بعض الكذب، واختلاق بعض الأمور.

أعتقد أن فوسي وبيركس، كمستشارين في للبيت الأبيض، كانا يعملان بشكل جيد بما يكفي في ظل هذه الظروف، لكن أتيحت لرئيسنا الفرصة بعد الفرصة حتى يثبت أنه يمكنه التواصل بطريقة مسؤولة، ومتسقة وذات مصداقية ومتشاعرة، وكان هذا هو الاختبار الكبير له، ولكنه أخفق فيه.

س: وعلى الجانب المشرق، من قام بعمل جيد؟
ج: لو نظرت إلى أفضل اتصال بعد حالة طوارئ، فإنه عادة ما يأتي من مسؤولين محليين، وأشخاص ذوي خبرة في القضية، يعرفون المجتمع والموضوع.

في لوس أنجلوس، أعطت مديرة الصحة في المقاطعة، باربرا فيرير ‪Ferrer‬، نصائح وأفكارًا ممتازة، وهادئة جدًا بشكل منتظم، وقد بالغ حكام الولايات ورؤساء البلديات ومديرو الصحة العامة، وعلماء الأوبئة والعاملين الطبيين وكانوا الأركان الأساسية، هذا أمر منطقي تمامًا من منظور الاتصال المتعلق بالمخاطر.

هو في خطر.

معظم حالات الطوارئ إقليمية أو محلية،  لكنها جماعية، بمعنى أن الكثير من الناس معرضون للخطر، وليس بالضرورة بسبب شيء فعلوه أو لم يفعلوه، وحالات الطوارئ تستحق النشر كخبر.

ومع ذلك، فإن كوفيد-19 استثنائي، لأنه استوعب جميع وسائل الإعلام الإخبارية طوال الوقت، وهو أمر غير طبيعي، لذلك لم يكن علينا التركيز على توعية الناس بالمشكلة، يمكننا التركيز على ما يجب عليهم فعله- لمساعدتهم على تبني والحفاظ على سلوكيات الحد من المخاطر كارتداء الكمامات، والتباعد الاجتماعي.

س:ما مقدار التخطيط المسبق الذي تحتاجه الاستجابة بشأن اتصالات المتعلقة لالجائحة؟
ج: الكثير من خطط الوباء تلك كانت موجودة منذ سنوات.

كنا قلقين للغاية بعد وباء سارس في 2002-2003 حيث لم نكن مستعدين لجائحة عالمية، تم تطوير الكثير من الرسائل، خاصة حول الممارسات الصحية ‪hygiene‬- ابق في المنزل لو أنت مريض، اغسل يديك، احصل على لقاح الأنفلونزا، لقد تخيلنا مأوىً نحمي أنفسنا فيه في نفس المكان الذي نحن فيه: من المؤكد أن مكسيكو سيتي اصدرت أمرًا، بإعداد مكان مأوى صغير في نفس المكان  خلال الأسابيع الأولى لجائحة إنفلونزا الخنازير لعام 2009.

لكننا كنا نفكر فقط لأسبوعين! هذا هو الأمر المختلف في هذه الجائحة، إنها تهديد طويل الأمد بكثير وأكثر انتشارًا.

س:هل عليك أن تخيف الناس حتى تجعلهم يتخذوا إجراءاً؟؟
ج: كان هناك جدل لسنوات حول ما إذا كان سيتم استخدام الخوف في التواصل الصحي، كان الإجماع: يعتمد على التهديد ومدى وشيكية حدوثه، في التواصل اليومي بشأن مخاطر أشياء مثل التدخين أو الإفراط في تناول الطعام، لا تبالغ في الخوف- فهناك قلق من جعله مخيفًا لدرجة أنه لا أحد يريد الاستماع إليك.

ليس لديك هذه المشكلة في حالات الطوارئ التي تهدد الحياة الآن، الغالبية العظمى من الناس تتوق إلى أن تعرف، إنهم منفتحون على المعلومات، طالما أنها تُعطى لهم بطريقة لا تغمرهم.

وهذا هو لماذا انت تصدرها لهم على دفعات، لا يمكنك إخبار الجميع بكل شيء دفعة واحدة، ولكن إذا وجهت الناس في الأثناء وعلمتهم، ولم تهينهم، فستستمع الغالبية العظمى من الناس اليك في الواقع، وهذا بالضبط ما رأيناه،
س: ما مقدار التعديل على الرسائل الذي  ينبغي عليك أن تقوم  به حتى تلائم مستفيدين مختلفين؟
ج: ما وجدناه في رسائل الصحة العامة هو أنه كلما كان بإمكانك ملاءمتها، بما يتناسب مع وضع حياة شخص معين، كان ذلك أفضل.

ولكن من الصعب جدًا على إدارة الصحة تخصيص رسائل لكل فرد من أفراد المجتمع، من الناحية المثالية، لدينا شركاء- مدارس وجامعات، ومنظمات مجتمعية ومنظمات دينية – يأخذون رسائلنا.

ويفكرون في أفراد مجتمعهم ويقولون، هذه هي الطريقة التي تنطبق علينا، وهذا ما سنفعله، في جامعتي، سمعنا رسائل معينة جدًا منذ شهور الآن عن قضايا مثل كيف تذهب إلى مكتبك لو كنت بحاجة إلى ذلك: تأكد من أنك تمسح (تعقم) مقابض الأبواب، وألّا تبقى طويلًا جدًا في المكان، واختار أن تصل الي المكتب، في أوقات منظمة من حيث البداية والنهاية، ومناسبتها لنوع العمل والتزاماتك، وهذه الأنواع من الأشياء.

هذه الرسائل المستهدفة مهمة مع انفتاح الأعمال: هنا ما يجب على موظفينا  أن يفعلوه، وهنا ما يحتاج عملاؤنا أن يفعلوه، نحن لا نسمح للعملاء بالدخول بدون كمامات.

يجب أن يكون هناك حواجز متحركة، جزء من هذا هو منحنى التعلم (التعلم التدريجي)، نقوم بالتعديل على هذه الاجراءات بمرور الوقت، لقد قمنا بالتخطيط للجوائح لسنوات، بعد سارس وأنفلونزا ‪H1N1‬ (انفلونزا الخنازير)، ولكن لم يتطرق أحد إلى العديد من القضايا العملية التي نتعامل معها الآن، لأننا لم نفكر في ذلك  مسبقًا.

س: كيف تتعامل مع التضليل المعلوماتي  والمعلومات الخاطئة؟ هل يجب عليك تجاهلها فحسب، حتى لا تكون بارزة بشكل أكثر؟ ج: لا تبقى صامتًا إذا ما رُوج للأساطير/ الخرافات، والمعلومات الخاطئة. أنت ترفض ذلك بالتأكيد .

بل تقوم بذلك بطريقة ذكية ومتسقة، بعد أن أصبحت الحركة المضادة للقاحات صاخبة في أواخر التسعينات، بدأ موظفو الصحة العامة، بمرور الوقت، في أن يكونوا أكثر اتساقًا، وأكثر قوة وأكثر استنادًا إلى الأدلة، استمروا في الدفع الى الأمام، وعلى الرغم من أنه لا تزال هناك حركة مضادة للقاحات، فقد تم التقليل من التهديد.

كان هناك الكثير من المعلومات الخاطئة عن كوفيد-19، وكانت مدعومة من قبل البيت الأبيض: حيث قالوا أن هذا الفيروس خدعة، وأنه لن يأتي أبدًا إلى أمريكا.

وأننا على استعداد، وأن هيدروكسي كلوروكين علاج له، وبالطبع المبيض ( كلوركس) والمطهر ، ولكن كان هناك عدم قبول (رفض) كبير، في ولاية كاليفورنيا، بعث عمدة لوس أنجلوس، والحاكم ومسؤولو الصحة العامة برسائل مفادها أن “هذا الفيروس هو الشيء الحقيقي، علينا أن نتباعد اجتماعيًا، وعلينا تجنب اغراق المستشفيات”.

س:ولكن ماذا لو كانت الرسائل المتضاربة تعكس معرفتنا المتطورة؟ سمعنا أولاً أن كمامات الوجه ليست فعالة، ثم سمعنا أنها …

ج: عليك أن تأخد الأمور إلى الوراء وتقول: “تعرف ماذا، في فبراير لم نكن نعرف عن فعالية كمامات الوجه، الآن نحن نعرف”، أفضل شيء كان بإمكاننا قوله في فبراير هو، “نحن لا نعرف مدى فعالية الكمامات؛ سنتخذ قرارًا عندما تكون لدينا معلومات عنها”، لو استمعت إلى الإعلاميين العظماء المختصين بطوارئ المخاطر، فسيخبرونك فقط بما يعرفونه.

وإذا لم تعرف شيئًا، فلا تختلق أشياء إنما قل: “نحن نعمل على ذلك، ولا نعرف، سنقدم لك هذه المعلومات بمجرد الحصول عليها”.

س: هل يمكنك أن تعطينا أمثلة على اتصالات بشأن كوفيد-19 التي عُملت بشكل سيء بشكل خاص؟
ج: أي نوع من الرسائل غير المتسقة سيئة، إذا كنت مترددًا بشأن خطورة هذا التهديد، أو تقول شيئًا في وقت ما وشيئًا آخر في وقت آخر، فهذه هي الرسائل غير المتسقة، وتقوض الثقة والمصداقية.

كان هناك الكثير من الخلافات مع الحكومة الفيدرالية، والكثير من التضارب، وكان هناك بعض الكذب، واختلاق بعض الأمور.

أعتقد أن فوسي وبيركس، كمستشارين في للبيت الأبيض، كانا يعملان بشكل جيد بما يكفي في ظل هذه الظروف، لكن أتيحت لرئيسنا الفرصة بعد الفرصة حتى يثبت أنه يمكنه التواصل بطريقة مسؤولة، ومتسقة وذات مصداقية ومتشاعرة، وكان هذا هو الاختبار الكبير له، ولكنه أخفق فيه.

س: وعلى الجانب المشرق، من قام بعمل جيد؟
ج: لو نظرت إلى أفضل اتصال بعد حالة طوارئ، فإنه عادة ما يأتي من مسؤولين محليين، وأشخاص ذوي خبرة في القضية، يعرفون المجتمع والموضوع.

في لوس أنجلوس، أعطت مديرة الصحة في المقاطعة، باربرا فيرير ‪Ferrer‬، نصائح وأفكارًا ممتازة، وهادئة جدًا بشكل منتظم، وقد بالغ حكام الولايات ورؤساء البلديات ومديرو الصحة العامة، وعلماء الأوبئة والعاملين الطبيين وكانوا الأركان الأساسية، هذا أمر منطقي تمامًا من منظور الاتصال المتعلق بالمخاطر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى