أقلام

العراق والحاضنة العربية

أمير بوخمسين

قال الرئيس العراقي الكاظمي في حوار مع «عكاظ»، جرى عن بعد بسبب جائحة «كورونا – كوفيد 19، أن زيارته للرياض ” لن تكون بروتوكولية، لكنها زيارة عمل لبدء عجلة التعاون، وتحصين وتطوير التعاون الاقتصادي بين بلدينا، وفتح آفاق واسعة للتكامل الاقتصادي في مختلف المجالات”. وأكد أن السعودية والعراق تربطهما وشائج تاريخية وإسلامية ضاربة في الجذور، لافتاً إلى أن البلدين يسعيان إلى الحفاظ على تلك المكتسبات والدفاع عن قضايا الأمة الثابتة ورفض أي تدخل في شؤون الدول العربية.
العراق لا بد أن يعود للحاضنة العربية، كلمة يردّدها السياسيون في وطننا العربي، سواء بقصد أو بدون قصد، وهو شعار لا يزال يصدح إعلامياً على الورق، وفي أروقة المؤتمرات الإعلامية والصحافية على مختلف أشكالها وحجمها، ولم نرَ اهتمام حقيقي لاحتضان العراق من قبل الدول العربية، بل العكس نفور وهروب من عودة العلاقات معه. ولعل الحصار والعقوبة المفروضة على العراق من قبل الأمريكان سابقاً استمرت عبر تكريسها من قبل الدول العربية وذلك بمقاطعة العراق، وتركه فريسة للأمريكان ينهشون فيه، رافق ذلك تدمير الدولة المركزية التي أدت إلى الفوضى مع تدخلات دول الجوار في مفاصله السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حتى أصبح العراق دولة هشّة دون سيادة ولا مركز، ودون ثقل إستراتيجي كما كان سابقا.
العراق بحاجة للترميم والتراص بين أبناء مجتمعه شيعة وسنة، وكرد وآشوريين وغيرهم من الطوائف الأخرى، وبحاجة لمحاربة المحاصصة والفساد الذي أنهك المواطن والدولة العراقية وهو أمر ضروري قبل الدخول في أية علاقات صداقة مع دول الجوار وخصوصاً الجوار العربي وما يمثله من ثقل له، دول الخليج وعلى رأسها الكويت والمملكة العربية السعودية التي تنظر للعراق بالبعد الإستراتيجي وبوابة الدفاع عنها في محاربة الإرهابيين، إضافة إلى البعد الاقتصادي يحتاج إلى ترتيب البيت الداخلي والإبتعاد عن بؤر الفتن التي لا تزال تنهش في الجسد العراقي، وذلك قبل الدخول في أية علاقة مع أي دولة عربية، حيث عدم الاستقرار والمحاصصة المذهبية والسياسية أنهكت ثروات البلاد بشرياً ومادياً.. إن عودة العراق لأمته العربية مطلب ملّح، لا يتم إلا من خلال التكاتف العملي عبر دعمه سياسيا واقتصاديا وهو ليس بحاجة لدعم مادي، فلديه من الثروات تكفي لبناء دولة ذات سيادة وقوة إقتصادية، وذلك لن يتحقق إلا من خلال الإنتهاء من تبعات وتراكمات الماضي، ورفض التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية، ودعوة كافة أطياف الشعب العراقي إلى الشروع في اتخاذ الإجراءات التي تكفل المشاركة الحقيقية لجميع مكونات الشعب العراقي في تحديد مستقبل العراق والمساواة بينها في تولي السلطات والمسؤوليات في تسيير شؤون الدولة وإجراء الإصلاحات السياسية والدستورية اللازمة لتحقيق ذلك. والعمل على إعادة الأمن والاستقرار، وتجنب السياسات القائمة على التأجيج المذهبي والطائفية التي مورست في العراق، ومواجهة الخطر الكبير الذي يمثله تنظيم داعش. والتوجّه قدماً لبناء مستقبل واعد لهذا الوطن المعطاء على كل الأصعدة ثقافيا وفكرياً وصناعياً وعلمياً.. إنه العراق يستصرخ كل ضمير عربي حيّ لإخراجه من هذا الوضع المآساوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى