أقلام

صانع/ ـة القهوة الأمريكية الوطنية

م. أمير الصالح

ملفت للانتباه انتشار عدد محلات القهوة الأمريكية والإيطالية المتسارع والسريع في وطننا الحبيب؛ حتى أني وجدت على امتداد شارع واحد اكثر من ٢٥ محل قهوة بمسميات ماركات محلية وعالمية. وفي مربع ٤ كيلومتر مربع، ما يتجاوز الخمسة وأربعين محل قهوة بماركات عالمية كالأمريكية والأوربية والمحلية. وبالبحث في النت، وجدت بعض المقالات الصحفية التي تسلط الضوء على كميات التي تروج في السوق المحلي من البن وحجم السوق المحلي. (اضغط هنا)، حسب جريدة عكاظ العدد الصادر يوم الأربعاء / 3 / صفر / 1441 هـ الأربعاء 2 أكتوبر 2019 و بناء على معلومات من وزارة التجارة والاستثمار، وصل إجمالي عدد سجلات المقاهي في السعودية 21944 سجلا تجاريا حتى نهاية ٢٠١٨ م.

معظم محلات القهوة الأمريكية يرتكز نجاح أعمالها على عنصر أساسي، وهو صانع القهوة، أو ما يُسمى لاتينيا ب barista. لفهم المعنى الأصلي للكلمة أحيل القارئ للمعاجم اللغوية. يتودد معظم محبي ومدمني القهوة لصناعها ويعقدون صداقات طويلة الأمد معهم ويطوون المسافات البعيدة لهم بهدف الظفر بالمذاق الذي يتوافق وأمزجتهم. لن أخوض في القهوة وأصنافها وأوقات شربها وطقوس تناولها وخصائص أماكن تقديمها وكمية المليارات من الأكواب المقدمة سنويا وحجم السوق العالمية للقهوة التي تباع، إلا أنني وددت أن أتشارك وإياكم أطراف الحديث في موضوع صانع القهوة Barista كوظيفة تستحق الاهتمام بها، ودعوة الشباب ذو الدخل المتدني لولوجها. نقلا عن كتاب Business Essentials by Ebert & griffin صفحة ٦ أنه في عام ١٩٨٧، استحوذ السيد هوارد شولتز Schultz على محل قهوة ستاريكس، وتوسع بشكل عالمي، وكان من ضمن ما ميز مخارج أعماله هو وجود baristas مؤهلين ومدربين يجيدون تحضير وتقديم أصناف مختلفة من القهوة بشكل دوري تنال إعجاب الزبائن وتجعلهم يرجعون للشراء بشكل يومي.

في مقالة بعنوان “الرأسماليون الجدد يسرقون الفلافل” للكاتب أثير السادة، يستوحي القارئ فكرة بأنه كانت هناك أسعار متدنية للفلافل وسندويش الفلافل قبل انطلاق الفلافل بشكل عالمي وبأسعار صاروخية على يد الرأسماليين الجدد بتوظيف مهارة شيف البوفيه أو المطعم لجني أرباح أكبر. والحال كذلك بالنسبة للقهوة، يستقرأ البعض بأن أسعار كوب القهوة متدني حتى ولج للسوق صناع رأسماليون أذكياء جدد استطاعوا توظيف مهارات صناع القهوة بنكهات ومذاقات متعددة، فأضحت الأسعار لأكواب القهوة الأمريكية صاروخية حتى مع انكماش أو بروز أزمات أو تباطئ اقتصاديات معظم الدول في العالم المستهلك للقهوة. ولربما يكون صانع القهوة المميز والمتقن لعمله هو أحد أسباب وعوامل ارتفاع الطلب على القهوة كما وقع مع السندويتش الشعبي المصنوع من الفلافل من زيادة في الطلب نتيجة لتفنن المخابز والبوفيات والمطاعم في ضبط عرض السندويتش من ناحية الجودة والتنوع وأسلوب العرض.

على ذمة الفاينانشال تايمز ومصادر أخرى، فإن مايعادل الربع أي ٢٥٪؜ من قيمة كوب القهوة المقدر ب ٣،٢٥ دولار للكوب الواحد يذهب كأجور للعمال والموظفين وعلى رأسهم والأهم فيهم صانع القهوة Barista. إذا نستنتج بأن صانع القهوة يستلم مرتب مجز، وهذه وظيفة يستحق لأبناء الوطن الجادين الانخراط في سوق العمل للخدمات الغذائية والضيافة أن يفكروا فيها جيدا وينخرطون فيها بأسرع وقت مع وجود إحلال للقوة العاملة الأجنبية لاسيما وأن هناك مايزيد عن 21944 وظيفة barista إذا أخذنا تصريح جريدة عكاظ السابق بعدم تغيير الأرقام منذ صدورها.

ستار بوكس، دنكن، الكوب الثاني second cup، تيم هورتنز، كوستا وغيرها، أسماء ماركات عالمية تتنافس على سوق القهوة على مستوى الكرة الارضية. وأيضا تتنافس على استقطاب توظيف مواطني البلاد الذين تعمل بهم تحقيقا لاستيفاء شروط التوطين الوظيفي إن كان مفروضا عليها ذلك. وعليه أنصح الشباب من أبناء الوطن من ذوي الميول في العمل بخدمات الضيافة أن يضعوا ذلك نصب أعينهم.

أتذكر تساؤلات أثارها أحد الزملاء عن التأثيرات السلبية في حالة مغادرة الأيدي العاملة الأجنبية المتمكنة من صنع القهوة، أو عدم وجود صانع قهوة يجيد ما يصنعه وتأثير ذلك على مالك محل القهوة من ناحية، وأمزجة الأشخاص المستهلكين لها من ناحية أخرى على صعيد الاستمرار في افتتاح العمل التجاري للمالك أو سرعة التوتر والغضب، خصوصًا بالنسبة للمعتادين على القهوة والمنبهات الأخرى بالنسبة للمستهلكين!

وأتذكر أنه تم إطلاق بعض المفاكهات والتعليقات الظريفة والأفكار الخلاقة عن كيفية تجنب الأضرار الناتجة عن هكذا سيناريو وغضب رواد الشوارع والأسواق من مدمني القهوة لعدم وجود قهوتهم المفضلة، وتصور حالات التشنج والعنف في التعامل من قبل الموظفين المدمنين للقهوة مع المراجعين.

قد يكون من التفكير النافع أن ينخرط الشباب من كلا الجنسين في هذا المجال لمردوده المالي الجيد والمنافس، ولوجود الأغلب من محلات القهوة داخل المدن والمجمعات التجارية أي حيث الكثافة السكانية؛ وهذه نقطة مضيئة لاسيما لمن يجد/تجد صعوبة في العمل بعيدا عن منزله/ها أو مدينته/ها لأي سبب أو التزام. ولعل أفق العمل بالمقاهى العائلية للإناث والمخابز كصانعات محترفات للقهوة أو الفطائر والكيك، مجالات وآفاق تستهوي البعض من النساء للانخراط في العمل أو مزاولة التجارة فيهما، وكذلك مردوده المالي المجزئ وتواؤم ذلك مع ميولهن. بالمناسبة أغفلت ذكر الزيادة السنوية والمكافاءات الدورية (البونص) وإمكانية العمل مع المالك بالنسبة إذا ما كانت/كان صانع القهوة الأمريكية الوطني هو سر من أسرار نجاح واستمرار المحل وتوسعه. شخصيا أحتسي القهوة بشكل متقطع زمنيا وكذلك الشاي ولكن وددت أن أطرح الموضوع من زاوية جديدة وأتمنى أن تلقى أصداء في سوق العمل المحلي وحيثما يمكن التنفيذ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى