أقلام

نبي الرحمة

منى البوخمسين

تعيش الأمة الإسلامية في هذه الأيام المباركة مناسبة سعيدة تلم شملهم و توحدهم ألا وهي ذكرى ولادة منقذ البشرية محمد بن عبدالله النبي الأمي التهامي المدني الذي بعثه الرب العظيم رحمة للعالمين , و اصطفاه من كل البشر لحسن خلقه و نعتهُ ( وإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم (4 )
و كلمة خُلق شاملة لكل الأخلاق العظيمة بعظمة الخالق و لا يدرك قدرها و شأنها إلا الله تعالى وقد تكاملت و وصلت ذروتها عند رسول الإنسانية و بها تفوق على جميع الكائنات حتى فاق فضله فضل العالمين جميعاً.
وخُلق في اللغة هو حال للنفس راسخة تصدرعنها الأفعال من خير أو شرّ من غير حاجة إلى فكر ورويَّة وهو طبع وسجيّة و مروءة.
و أخلاق محمد (ص) كانت راسخة في نفسه و مستقرة لم يحتاج لإظهارها إلى تكلف أو تصنع إنما هي ملكات و سجايا تميز بها عن سائر الناس و من عاش معهم و بدت واضحة و عُرف بها قبل بعثته حتى لقبه قومه بالصادق الأمين, و إنَّ مصدر هذا الخُلق هو ينبوع الرحمة الإلهية التي أودعها الله تعالى في قلب النبي الرؤوف الرحيم ” صلى الله عليه وآله”
قال تعالى : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ التوبة (128)
فعنصر الرحمة المحمدية هو أساس لكل خلق كريم يصدر منه , فتواضع و تسامح و عفا و أغدق حنانه و عطفه و شفقته على قومه و عاش همومهم و عرف مشاكلهم و تناول الطعام مع فقرائهم , و استطاع بلين جانبه و رقة قلبه و دماثة خلقه أن يحتوي الذين كانوا ألد الأعداء و الخصوم ومنهم الحاقدون والحساد فدعاهم إلى الإسلام و استجابوا له و لم يتفرقوا عنه , قال تعالى : ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ… أل عمران ( 159 )
فرحمة رسول الله (ص) هي مظهر من الرحمة الإلهية التي تلقي بضلالها على كل من حوله هذه الرحمة كانت سبب لتسامح الرسول (ص) و عفوه عن أعدائه في فتح مكة المكرمة في السنة الثامنة للهجرة عندما قال للذين لم يدخلوا في الإسلام و حاربوه : اذهبوا فأنتم الطلقاء
و عفوه عن كثير ممن آذوه و دعاؤه لهم بقوله : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون , فإنه ينم عن مدى رحمته الكبيرة التي لا نظير لها
قال تعالى : ( فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَٰتٍ ۚ… ) فاطر (8 )
والحسرات جمع حسرة ، وهى أشد ما يعترى الإِنسان من ندم على أمر قد مضى وانتهى فكادت نفسه الشريفة تزهق بسبب عدم دخلوهم في الدين الإسلامي و بقاءهم في الضلال و أحزنه هذا الأمر كثيراً و سبب له ضيق الصدر حتى جاءه النداء من السماء ليواسيه و يسليه و يخفف عليه ( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ النحل (127)
و استمرت رحمة رسول الله (ص) بقومه حتى آخر لحظة من عمره و عند احتضاره و عند نزع روحه الشريفة و هو يخاطب ملك الموت بقوله: (شدِّد عليَّ وخفِّفْ على أُمتي )

فجزاك الله عنا خير الجزاء لقد كنت خير نبي بعث على ظهر الأرض ، و لنا الفخر و العزة لانتمائنا لهذا الدين دين الكرامة و الإنسانية الذي جاء به خير البشر و من واجبنا أن نقف في وجه من أساء له و نواجه تلك الإساءة بالرفض و الرد عليهم و بيان عظمته و مقامه و رتبته بين الأنبياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى