أقلام

مذكرات محصن متعافي(٢)

رباب حسين النمر

تموج في داخلي حمى غريبة، وتساؤلات تنط من هلوسات الحمى!
ألا يتعلم أولائك الأطفال إلا على أوتار اضطرابي، أتجرع مع كل حرف جديد ينطقونه غصص التوتر! ومع كل أنشودة يرددونها أحمل غطائي ومخدتي فوق رأسي وأتنقل من غرفة إلى غرفة بحثاً عن ملاذ هاديء، فتتساوى كل الغرف في حصص الإزعاج، والأصوات التي تخترق الجدران وتتسلق على نعاسي وتقتات على راحتي!

يعود جسدي المنهك لارتجاف الحمى!
يعد لي طفلي كوباً من الشاي بعد مرات متكررة من الرجاء، وتعليمات تمكنه من إعداده!
يحمل بين كفيه الصغيرتين قطعة (كيك) وكوب شاي، وعتاب!
كيف كنتِ يوم أمس تراجعين معي دروسي وأنا متعب مريض!
واليوم تذوقين الإعياء نفسه!
ضحكت من عتابه رغم تعبي!
وتناولت وجبتي الصغيرة التي أعدها لأتمكن من ابتلاع حبتي مسكن تمكناني من النهوض وأداء الصلاة، فلا تزال مطارق الصداع تستنزف قواي وتطرح رأسي على الوسادة.

رغم الإجهاد والإعياء هناك أعباء منزلية ومتطلبات الأولاد تجبرك قسراً على إنجاز شيء منها وإن قلّ، ومع بذل أقل مجهود يتسلل الإعياء حتى ينخر العظام!
ليس ثمة مزاج يعين على استقبال مجريات الحياة ابتداء من الطعام!
فبدلاً من أن تكون الوجبات مصدر راحة تنقلب إلى نفور تام من أصناف الطعام المطبوخة، اللحم، الدجاج، الأرز، البحريات، المكرونة، وأي طعام يدخل البصل والطماطم المحموس ضمن مكوناته تبعث في داخلي نفوراً عجيباً فأستبدلها بكوب عصير طازج أو حبة من الفاكهة أو حفنة تمر، ليتحول هذا النفور بعد أيام قلائل إلى شعور بالتسمم لمجرد رؤيا الطعام المطبوخ حتى بصورة غير مباشرة عبر تطبيقات السوشل ميديا أو شاشة التلفاز فضلاً عن تناوله أو إعداده.
الجسد يرتجف، يطلب المزيد من الطعام، والشهية تحتضر حتى ماتت!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى