أقلام

بيالة شاي

أمير الصالح

بعد تناول كل فرد منا فطوره الرمضاني في منزله،، نجتمع بعد مضي ساعة واحدة من دخول وقت الافطار في منزل احد منا كما يتم الاتفاق المسبق لنحتسي اقداح (بيالات / استكانات ) الشاي السريلانكي المحكم المذاق اعدادا و المميز في النكهة بتقديمه في بيالات زجاجية مخصرة القوام . هكذا كان الحال في مواسم شهر رمضان على مدى سنوات تجاوزت العقدين . كان هذا الاجتماع الاخوي مفعم بالحب و الاخاء و الوفاء و له عبق جميل في نفوس المشاركين ، و فيه و خلاله تفوح قراءة و ترتيل آيات بينات من القرآن الكريم تارة او قراءة بصوت جميل لمقطع من دعاء تارة اخرى او سرد قصص ادبية بهدف رفع مستوى الحكمة و الذوق الاخلاقي الحسن أو مشاركة طرائف و مواقف أنسانية رائعة أو تناقل آخر اخبار الحي و البلاد و العالم .

الا ان اكتساح جائحة كورونا للعالم قيضت تلكم الجلسات الرمضانية الجميلة، فاصبحت تطبيقات السوشل ميديا هي البديل الاقوى لتلكم الديوانيات و المصدر الاخباري الاكثر نهلا منه لدى معظم ابناء العائلة و الحي لاسيما ابناء الجيل الصاعد . و اضحى البعض القليل من الشباب يعبر عن تململه من استطالة وسائط التواصل الاجتماعي و ضمور. المجالس و الديوانيات في ايامنا هذه . و اغلب كبار السن يتندرون حسرة لافتقاد تلكم الاجواء .

و لكون المقال هذا ، أداة بديلة في ايصال مشاركتي في ديوانية الطيبين من امثالكم ، وددت ان اشارككم بقصص لاعمال هادفة وقفت على بعضها و كنت جزء من بعضها الاخر ، لعل البعض من القراء يستفيد منها او يقوم بنقلها للاخرين خلال جلسات رمضان العائلية او مع اصدقاءه.

قصة ١:
تجمعوا جميع الابناء و البنات و الاحفاد في الذكرى السنوية لرحيل امهم المتطابق مع تاريخ يوم الام العالمي ، و جمعوا الهدايا المعتاد اهداءها منهم لامهم. فقام وفد ممثل من البنات الكبار بزيارة لاحد المسنات المحتاجات و تقديم تلكم الهدايا لها و تثويب جزاء ذلك العمل الحسن لروح امهم المرتحلة لله .

قصة ٢:
كان كثير الكرم و قليل الكلام و يعزف عن التقاط الصور عند احتضان الضيوف في بيته و اتخذ من الشاي رمز لمجلسه . و كان يقدم الشاي في بيالات ( استكانات ) صغيرة للضيوف ثم يتبعها بما افاض الله عليه من نعم . بعد ضيق صدره لطول فترة اغلاق مجلسه بسبب جائحة كورونا ، اخذ قرار بتحيين الفرص في المناسبات و غلف بيالاته الجديدة و وزعها على بعض افراد اسرته و اصدقاءه و بعض من ابناء جيرانه .

قصة ٣
احتار الابن البار بماذا يهدي والده المتقاعد ، فكل ما يحبه والده هو في حيازته . ففتش بكل جهد عن ميول و هوايات والده ليهديه شي يتناسب و البر به . فتذكر ان والده يعشق الاستكشاف و السفر ، الا انه و في ذات الوقت لا يستطيع الابن قطع تذاكر سفر لوالده بسبب الجائحة . ففكر مليا حتى اهتدى لفكرة التبرع بمبلغ كامل رحلة افتراضية لمحطة سياحية في مبرة احسان للوالدين خيرية . و كان مبلغ التبرع مجز لانه يعادل قيمة رحلة سياحية لمدة عشرة ايان شاملة قيمة تذاكر الطيران و المبيت في فندق و التنقل و الترفيه و ثلاث وجبات يومية.

هكذا قصص واقعية لاساليب مبتكرة عند سماعها فانها ترسم خطوط جديدة في لوحة روح السعادة و تبهج النفس و تطرد الكآبة و تدخل السرور في القلوب الطيبة و القلوب الساعية نحو الافضل و ترتقي بالتضامن الاجتماعي و الحس الانساني النبيل . و لعل المزيد من امثال تلكم القصص الجميلة تسمعونها اثناء توزيع بيالات ( استكانات ) الشاي و احتساءه مع من تحبون في ليالي رمضان و بالهناء و الشفاء .

على هامش المقال :

– في ظل انتشار دكاكين القهوة. Coffee shop في ارجاء البلاد العربية ، يتمازح البعض من الشباب بان يقول لك انت من حزب الشاي او حزب القهوة ليحدد المكان الذي يدعوك اليه

– من جميل تسجيلات مقاطع الفيديو المتعلقة باعداد الشاي المخدر هو تسجيل منسوب لرجل مسن من ابناء واحة الاحساء الغالية و هو يقول ” اما هذا الذي يقول كذا و كذا عند اعداد الشاي فانه يدعي” . ادعو لذاك الرجل المسن الراحل و لجميع موتانا و موتى المسلمين بالرحمة و الغفران .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى