أقلام

سيلٌ من الومض

جاسم المشرَّف

▪︎ في رثاء سماحة الشيخ إبراهيم الخزعل(رحمه الله)

أقف هنا أنعى الطهارة التي سكنت قلبَه
والنور الذي أضاء روحه
واليقين الذي ملأ فكره

أنعى الصوتَ المضمخ بالإخلاص والذي أرهفت سمعي له اثنين وأربعين عاما
ولم أسأم من نغمةِ الملكوت التي سكنت روحي رغم ضعفه وتهدجه.

““`

١. سَيلٌ مِنَ الوَمضِ مجروحُ الشعورِ وما
زالتْ بهِ نُطَفُ الأيامِ تَتَّقِدُ

يا حَاديَ الدَّمعِ أطلقني بآهَتهِ
واسكُبْ مَواجعَ روحي كيفَما تَرِدُ

واروِ الفؤادَ كما الأضواءِ مُنهَمراً
في سورةِ الفجرِ غيرَ الطُهرِ لا تَجِدُ

إني هُنا أتَمَلَّى كُلَّ عَاطِفَةٍ
وذي جُذوري بِساقِ العَرشِ تَنعَقِدُ

هُنَا رأيتُ جَليلَ القَدرِ جَلَّلهُ
شُعاعُ مَن حُبُّهُم ذُخرٌ ومُعتَمدُ

هُناكَ حيثُ أرى الآياتٍ حانيةً
بالضوء بالحب بالإخلاص تَنفَردُ

وبالسكينةِ في إلماحِ نَظرَتِهِ
وبالطهارةِ لا حِقدٌ ولا حسدُ

تِلكَ المنابرُ يرقاها رُقيَ تُقىً
تَنعى الحُسينَ لِمَن غَابوا ومَن شَهَدوا

قَلبٌ نقيٌّ ترى إشعاعَ خَشعَتهِ
في مقلتيهِ وفي جُنحيه ترتعدُ
•°•°•°•
١٠- صَبرٌ جميلٌ عَليكَ اللهُ أسبَغَهُ
بِهِ التَّعلُلُ مِن سُقمٍ ومَا تَجِدُ

ومُشفِقاً مُستكيناً خائِفاً وَجِلاً
مِن هولِ يومٍ معَ الجبارِ نَنفَرِدُ

وقد عَجِلتَ إلى الرحمنِ مُتشِحاً
بالمكرماتِ، فَغيرُ اللهِ لا سَنَدُ

أما الحُسينُ فَمَن غَيرُ الحسينِ بهِ
يَحلو العروجُ ويُجلَى الهَمُّ والكَمدُ

ما زالَ صوتُكَ يُشجي كُلَّ هاجِسَتي
شَجواً فَشَجواً وما حُزني لهُ بَدَدُ

فهل رأيتَ فؤاداً غيرَ مُنفَطِرِ
إذا خَبا عَنهُ ما يَرويهِ والرَفدُ

وهل رأيتَ دموعاً تشتكي عطشاً
وقد غَشاها ضياءٌ واحدٌ أحدُ

مِنها اقشَعَرتْ سُتُورُ العَرشِ واندَهَشَت
كُلُّ اللغاتِ وطَاشَ اللُّبُّ والرَّشدُ
°•°•°•

١٨. يا مَن تَوهَجتَ في رَهطِ الهُدى جَبلاً
حارَ (المُشقرُ) في عَلياهُ والبلدُ

أحرَزتَ ما لم يَنلهُ العاملونَ على
(أعرافِ) علمٍ، هُداكَ العِلمُ والرَشَدُ

وصِرتَ تُمسِكُ حَبلَ الموقنين كَمَن
ساروا إلى اللهِ في شوقٍ لما وعِدوا

في دَرسهِ عَبقٌ ما كانَ يَعرِفُهُ
إلا الذينَ لِوجهِ اللهِ قَد قَصدوا

تَحُفُّهُ زُمرةُ الأملاكِ راضيةً
مِنهُ الصنيعَ، كظمأى للسِقا وردوا

العلمُ نورٌ إذا الإخلاصُ مازَجَهُ
وغَيرةُ اللهِ تأبى شِركَ مَن عَبدوا

ما كانَ للهِ يبقى في مَسالِكِهِ
لو حَاولَ الخَلقُ أنْ يَمحُوهُ واجتهدوا

“ما كانَ للهِ ينمو” تَحتَ ناظرهِ
في العالمين، ويُنسَى الوَهمُ والزَّبدُ
°•°•°•
٢٦. هوناً على الأرضِ تَمشي واللسانُ سرى
بالذكرِ وِردَاً فلا حَدٌ ولا عَدَدُ

لا تَدَّعي لَحظةً قُربَاً ومَأثرةً
سوى افتقارٍ عليه الروحُ والجسدُ

مَا زِلتَ مُرتحلاً بالذِّكرِ خاشعةً
مِنكَ الجَوانِحُ، والأشواقُ تَطَّرِدُ

في ذاتِ رَبِّكَ ممسوساً ومُبتَهِلاً
وَجَذبةُ اللهِ لا يَشقَى بها أحدُ

صَرفتَ عُمرَكَ في قَلبٍ تُعَمِّرُهُ
عَرشاً بِهِ اللهُ لا مَالٌ ولا وَلَدُ

ولا طُموحٌ إلى جَاهٍ يَسيرُ لهُ
صَرعى العقولِ ومَن عاثَتْ بهم عُقَدُ

وسَقطةُ النفسِ أن تَبغي بِنيَّتِها
غيرَ الإله، وبالأسباب تَعتمدُ

مَن ذا سَينهَضُ بالنفسِ التي انتُهِكَتْ
بالموبقاتِ كمن قد غَلَّهَا الصَّفَدُ

في لُجَّةِ التَّيهِ لا نُورٌ ولا أملٌ
يهدي السبيلَ ولا خِلٌّ ولا سَنَدُ
°•°•°•
٣٤. يا عاليَ الشأنِ في خَفضِ الجَناح ومَن
رَام التواضعَ في عِزٍّ بكم يَجدُ

شَفَّتْ بِكَ الروحُ حتى أنَّها كَشَفَتْ
في الناسِ مَن صَلُحُوا نهجاً ومَن فَسَدوا

لا تأخُذَنَّكَ في الرحمنِ لائمةٌ.
لا تبرحُ الحقَّ لو ضَاقت بِكَ الجُدَدُ

تأبى شِفاهُكَ ذِكراً غيرَ ذِكرِ هدىً
لكنَّ وجهَكَ كَشَّاف لِمن وَردوا

تِلكَ الجلالةُ، والأبدالُ شأنُهُمُ
سِرٌّ عميقٌ، فَلَم يظفرْ بهم وَتَدُ

وكُلُّ قلبي التِمَاعٌ نَابضٌ أملاً
ويكتمُ السرَّ عن أهواءِ مَن جَحَدوا

فامتدَّ فينا نَسيمٌ مثلُ (سُنبلةٍ)
تكاثرتْ في رَوابٍ ما لها عددُ

ودَمعَةٌ سَالَ مِنها الوَجدُ مُرتقِياً
قَوسَ الصعودِ، فلا تقوى عليهِ يَدُ

٤٣. بِمثلِ هَذا تُعيدُ الأرضُ بَهجتَها
ويَنزلُ الغيثُ والألطافُ والمَدَدُ

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى