أقلام

من جبال الألب إلى القلب

أمير الصالح

محبي السفر والمناظر الطبيعية الخلابة في معظم أنحاء العالم يهيمون عشقًا وحبشًا وحنينًا للمناطق المحيطة بجبال الألب الواقعة على الحدود الفرنسية – الإيطالية، لما لها من اخضرار وجمال ورونق وجو بديع في فصل الصيف، ومناظر خلابة. ومن وفقه الله في سفره السياحي أو انتداباته المهنية، في حاضره أو ماضيه بزيارة المدن الصغيرة المتناثرة والمجاورة لسلسلة جبال الألب خلال شهر مايو – سبتمبر، فإنه أدرك تلك الحقيقة بعيون الواقع الملموس والمحسوس آيات من الجمال الطبيعي خلقها الله في تلك المنطقة متمثلة في الأودية، والسهول والهضاب، والمروج الخضراء، و الجبال، والثلوج والشلالات والأنهر المتدفقة، والأشجار الكثيفة.
حفيف الشجر، خرير الماء، زقزقة الطيور، هبوب النسيم، تلبد السحب بعض من لوحات إبداع الخالق المصور في هذا الكون تراها وتسمعها عند وجودك في ذلك المكان، إلا أن ما قد يصدم البعض ولا سيما السائح الجديد او المجدد عهدًا لما بعد جائحة كورونا هو المتطلبات المتكالبة من الجهات الصحية في دول السياحة الأوربية، والإجراءات اللازمة لاستيفاء الحصول على الفيزا لدول شينجن الأوربية والتنقل بينها، وإن بدت روح الانفراج تلوح وإلاجراءات تخف إلا أن الإلمام بتلكم المتطلبات، والتقيد المسبق بها يجنب السائح الكثير من المتاعب وإن كبده بعض المال.
وقد تطرقت في مقال سابق إلى موضوع ترتيب السفر السياحي ما بعد الجائحة والإجراءات المعمول بها حاليًّا.

في هذه العجالة وددت أن أشارك الأبناء الشباب خاطرة قبل الانطلاق للاجازة الصيفية، واستوحيت عنوانها من إحدى السفرات وسميتها: ” من جبال الألب إلى القلب”. عزيزي الشاب الباحث عن الانطلاق نحو الحياة بتفاؤل، لوجه الله اطلب منك ان تلغي الخاصيات التالية من حياتك:

١-توجيه اللوم للآخرين
٢-التبرير للتخبط الذي قد تورطت به.
٣- الشكوى والتذمر من الأمور والأشياء والآخرين.

عند نجاحك في تفعيل إلغاء الخواص تلك، حتما حياتك ستكون اكثر استقلالية واعتمادًا على الذات وعصامية ومليئة بالإنجازات. و تذكر أن ما تفعله من العمل الصااح والمثابرة عليه ستحصد ثماره ولو بعد حين، والفعل السيء ستدان به ولو طالت السنون.

استشعرت تلك الخاطرة عندما استحضرت كامل مسيرة حياتي وأنا أتجول في إحدى الرحلات بين سفوح جبال الألب (الجانب الفرنسي) وفي أكتاف مدينة صغيرة تسمى Chamonix Mont Blanc. الحياة هناك وادعة، وعدد السكان قليل والسياح العوائل المرموقون يتوافدون من كل حدب وصوب في فصول الصيف والشتاء، ثم سرعان ما يرتحلون إلى جهات شتى. يتيح لهنم ذلك الهدوء في حضن الطبيعة الخلابة وجمالها بالانفراد مع الذات. وهذا بدوره يتيح للشخص وقت كبير لتأمل ومراجعة الإنجازات الذاتية، وتجنب القصور والتقصير، وإعداد برامج تطوير النفس، وإعادة شحن العزيمة وراحة البال، والانطلاق مجددًا نحو المستقبل والحاضر. وتستنطق في نفسك عند بلوغ أية قمة من قمم جبال الألب شعار ” همة حتى القمة لبلوغ الجنة “. ولا يعني ذلك أن التأمل مقصور في مكان محدد على سفوح جبال الألب، ولكن وجود هدوء ومكاشفة مع الذات، ومراجعة النفس حيثما أمكن عقدها فإن خوض تلكم التجربة حتمًا أمر جيد جدًا.

كم سيسعدني ويثلج صدري ان يستفيد أبناء الجيل الشاب الصاعد من تجارب الجيل السابق، ومن نافع ما يقرؤون من الكتب ويتصفحون في النت، حتى تكون عقلياتهم أكثر تألقًا وإنجازًا وإقدامًا في طُرق الخير. ومن المعروف أن كل إنسان يركز على شيء فإنه يتسع في استيعاب كل الأمور المحيطة بتفاصيل ذاك الشيء. فمن يركز على تجارة الأسهم حتمًا ستتسع مداركه في ذلك الحقل، ومن يركز على التحصيل العلمي حتمًا ستتسع مداركه في ذلك، ومن يركز على متابعة التوافه فإنه سيغرق في التوافه شاء أم أبى، فاختر أيها الشاب اليافع لنفسك أين تستثمر عمرك وصحتك وعقلك وتفكيرك. ولا تكن أضحوكة في يد الآخرين ولا سيما بعص مشاهير السوشل ميديا، فاقرأ كثيرًا فيما تود أن تحيط به علمًا، وتأكد قبل الإقدام على إنجاز أية خطوة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى