أقلام

حاسبوا الخطباء!

حسين العلي

على بعد أقل من أسبوع من أحد أبرز المواسم الدينية في المجتمع الشيعي إن لم يكن أبرزها, ألا وهو موسم عاشوراء الحسين عليه السلام, أكتب عن أمر أعتقد أن الكثير بدأ بالغفلة عنه إن لم يكونوا قد غفلوا.

أثناء موسم عاشوراء نرى جهودًا جبارة ومكثفة محاطة بمشاعر دافئة لإنجاح هذا الموسم, ففي كل يوم نرى من يطبخ ومن ينظف ومن يجهز الصوتيات وإلى غيرهم من كوادر المأتم العاملين بحبٍ رجاءَ الحصول على الأجر والثواب من الباري جل في علاه وأولياء نعمتنا محمد وال محمد عليهم السلام.

لكن كل هذه الجهود تتوقف فترة من الزمن تتراوح بين نصف ساعة الى ساعة أو ما يزيد عليها للاستماع لهذا الخطيب الذي صعد هذه الخشبات ليلقي أبيات نعي ومن بعدها المحاضرة ومن ثم يقرأ المصاب وينتهي بعدها المجلس. تتكرر هذه العملية طوال ثلاثة عشر ليلة.

لكن طوال هذه الليالي هل تفرغ أحد من رواد هذه المآتم للمتابعة والتدقيق ما يقول هذا الخطيب حرفٍا بحرف؟ هل أسند القائمون على المأتم هذه المهمة لأحد؟ هل عقدوا يومًا معينًا لمناقشة ما طرحه إن كان ما قد طُرح يستحقُ المناقشة؟
للأسف وفي الأغلبية الساحقة.. لا

والسؤال الأهم هل يُعتبرُ العمل تامًا ومُثمرٍا إن لم يُحاسب الخطيب على ما يطرحه؟ أو هل يكفي الجلوس تحت المنبر والاستماع والبكاء ومن ثم الخروج ونسيان ماطُرح!

إن غفلَ القائمون على المآتم عن هذه النُقطة، هل قمتَ يا عزيزي المُستمع بسؤال الخطيب عن مسألة قد طرحها ولم تفهمها أو عن مسألة لم تقتنع بها أو عن مسألة تعتقد أنها معلومة غير صحيحة أو لم تُطرح بالشكل الصحيح؟ أو عن بيت شعر اعتقدت فيه إشكال عقائدي؟ هل الحديث عن الخطيب وعن ما يطرحه مع أقاربك أو رفاقك يكفي لتصحيح مسار هذا المنبر؟ سأترك الإجابة لك.

ما أعتقد أنه مهم أن يقال وأن يطالب به وأن يسمع من الجميع هو .. يا شيعة علي والحسين “حاسبوا الخطباء” فهم مؤتمنون على رسالة نادى بها الحسين عليها السلام هو أن نحيي أمره بما يرتضيه هو, ولن يرضى عن عمل يتم فيه التهاون بما يُذكر وبما يُنسب له وللأئمة المعصومين. خصوصا بعد اختلاط الحابل بالنابل وصعود المنبر أصبح سهلًا لمن يريد أن يصعد خصوصًا أن الكثير أصبح يريد خطيبًا بغض النظر عن جودة ما يطرحه. من أهم مميزات هذه الأمة هي أنها تتواصى بالحق وتتواصى بالصبر, وهي خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, ولا شك ولا ريب أن محاسبة الخطيب على ما يطرح من مواطن النصح والتواصي بالحق. وأعتقد وبشدة أن المستمع شريك ومحاسب إن أخطأ الخطيب في شيء وهو يعلم أنه خطأ ولم يصحح له! ولا أظن أنه من الصعب أن يتواصل المستمع مع الخطيب.

أخيرًا أُرسل رسالة أتمنى إن قرأها صاحبَ مأتم أن يصغي لها جيدًا.
أخي القائم على المأتم كفاك فخرًا أن سعيت وعملت واجتهدت لإقامة مأتم إحياء ذكر الحسين استجابة لنداء “أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا” ولكن لا يكفي أن يكون الإحياء جافًا دون متابعة لجودة هذا الإحياء. وتذكر أنك ستقف أمام الحسين وسيسألك عن جهدك هذا!
دُمنا بالحسين!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هناك مآتم في الأحساء تقيم ليلة لطرح الأسئلة حول مواضيع المحاضرات منذ سنوات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى