أقلام

آثار البخل على النفس والأسرة والمجتمع

جواد المعراج

عن الإمام علي (عليه السلام ): “البخل جامع لمساوئ العيوب، وهو زمام يقاد به إلى كل سوء”. البحار : 73/307/ 36.

يعد البخل من الصفات التي تجعل الإنسان يدخل في خانة المرض وسوء الأخلاق والتفكك الأسري والفساد الاجتماعي، لأن البخل يؤثر على نفسية وسلوك العائلة والفرد والمجتمع إلى أن يصل البخيل لفقدان القدرة على تقوية صفة العطاء وبهذا يصبح ذلك الإنسان عصبي وانفعالي بسبب هذه الحالة المرضية، التي تخلق كذلك مشاكل بين الأزواج والأولاد والبنات، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” أقل الناس راحة البخيل “. البحار : 73 / 300 / 2 .

ونستطيع القول: أن هناك نساء ورجال متزوجين يبخلون على الأبناء في جانب العطاء المالي والعاطفي والمشاعر، فترى على سبيل المثال بعض الأمهات أو الآباء الذين لا يعطوا أولادهم الحنان والحب والكلام الطيب، وهذا يعد سببًا في تفكك الأبناء وتأصيل الحقد والكراهية في نفوسهم وقلوبهم تجاه الوالدين.

كما أن البخل له آثار أخلاقية ونفسية سلبية على المتزوجين، فترى ذلك الشاب مثلا يبخل على الزوجة الشابة في المصروف والحب وغيرها من أمور أخرى، وأمر كهذا يؤدي لتزايد المشاكل الزوجية إلى أن يصل لحالة الطلاق وانحراف وضياع الأبناء في الشوارع.

ويمكن أن نقول: أن البخل تجاه التعامل مع أفراد المجتمع له آثار نفسية وسلوكية وأخلاقية تؤدي لإثارة الأحقاد والكراهية تجاه الشخصية البخيلة في الكلام الطيب والأخلاق والتعامل المحترم، فالبخل لا يتخذ فقط مسار المال بل هو كذلك مرتبط بالتعاملات والصفات والكلمات والأخلاق والمشاعر.

والإنسان بطبيعته الفطرية يعطي جزء من الحب إلى عائلته وزوجته وأيضًا يصرف جزء من المال على نفسه وأسرته، ولكن يجب عليه في الوقت نفسه أن لا يدخل حالة الإفراط أو التفريط لأن ذلك قد يؤثر على الميزانية المالية والظروف المعيشية لدى البعض، وتختلف من شخص لآخر.

– ولكن ماذا عن الرجال الذين لديهم مبالغ كبيرة من النقود ويبخلون على أولادهم أزوجاتهم؟

فهؤلاء يتصفون بالبخل والمرض، وأحيانًا تحصل مواقف كأن يكون رجل أعمال كبير أو موظف كبير يملك ميزانية ضخمة، يجعل أسرته يسكنون في منزل رديء ومتسخ، ولا يهتم بزوجته في جانب الاحترام والتعامل والكلمات الحنونة والطيبة.

وعند استمرار هذه الحالة المرضية يؤدي ذلك في نهاية المطاف للطلاق والتفرقة بين الأبناء الكبار والصغار وخصوصًا عندما يكبرون فإنهم يكتسبون صفة من أمهاتهم أو آبائهم الذين كانوا يعاملونهم معاملة عدوانية وسيئة في فترة الصغر.

وبعد أن يتزوجوا هؤلاء الأبناء يصبحون بخيلين مع زوجاتهم وأسرتهم بسبب ما تعرضوا له واكتسبوه في الفترة السابقة التي مروا بها، كما إنهم يصبحون ناقمين وكريهي النظرات والتعامل مع أفراد المجتمع، قال الإمام علي (عليه السلام) : ” النظر إلى البخيل يقسي القلب “. تحف العقول : 214.

لذا على الإنسان أن يخلق حالة من التوازن والاعتدال في المصروف المالي، بل حتى في التعامل والمشاعر والأخلاق حتى لا يصاب بالبخل المرضي الذي يجعله إنسانًا مكروهًا بين أسرته ومجتمعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى