أقلام

مرض الشك وسوء النية واتهام الناس بشكل مستمر

جواد المعراج

إن الشك في نوايا الناس والتوجه نحو الاتهام المستمر يؤدي لخلق الخلافات الخصومات الشديدة، بالأخص عندما يكون كل طرف مشحون بحالة العصبية المبني على عدم الشعور بالراحة والسكينة بين فترة وأخرى، ويعمل على إثارة الأحقاد الداخلية في النفس البشرية.

ونذكر مثال على العلاقة بين رب أسرة لمنزل وشاب غريب، فمثلًا يحصل الشك وسوء النية بين رب أسرة وشاب بالمجتمع، وهذا يقوم باتهام ذلك الشاب الغريب بأوصاف سيئة لدرجة تصل للبغض والكراهية، أو اتهام هذا الشاب الغريب بالقتل دون دليل وإثبات.

بعض الآباء والأمهات غالبًا ما يرون أن أولادهم وبناتهم هم الذين لا يخطئون ولا يتعدون على حقوق الآخرين، وهذه الأفكار ينتج عنها تعصب شديد وعنف تجاه الأفراد الغرباء الذين يتكلمون أو يطرحون فكرة أو موضوع بالمجتمع، هذه العينة تعلم أبناءها على الشك وسوء النية لدرجة المرض.

وهذا الفكر المريض يجعل الناس تعيش في اتهامات وظلم وعداوات كثيرة تصل للتفكك وتدمير العلاقات بين الناس، إلى أن تصبح المجتمعات مريضة نفسيًا وأخلاقيًا، وما أكثر الجرائم التي حصلت بسبب التهور والطيش من قبل فئة من الآباء والأمهات، فإذا كان الوالدين مصابان بمرض الشك وسوء النية فإن الأولاد والبنات سيكونون معرضين للأمراض النفسية والسلوكية والتهيجات العصبية بسبب اكتساب الصفات من المربيين.

ولا ننكر أن هناك جرائم تحدث في المجتمع منها القتل وغيرها من وسائل مؤذية أخرى، ولكن إذا أراد الشخص أن يثبت أن الطرف الآخر ارتكب جريمة يجب أن يكون لديه دليل وإثبات عليه، فهناك كاميرات مراقبة تبين ارتكاب الجريمة أو هناك أشخاص يشهدون أنهم رأوا المجرم يعتدي على أولاد وبنات البلدة أو القرية بالسلاح الناري أو الأبيض، ويكون ذلك بدليل وإثبات قوي دون تعدٍّ على الحقوق وظلم الأشخاص الأبرياء.

وهكذا ترى من يتهم الناس بأوصاف وسلوكيات على حسب مزاجه وفكره المريض الذي يسبب في نهاية المطاف الاعتداء على إنسان بريء، من خلال انتهاج سلوك التهور والطيش الذي يجعل هؤلاء الآباء والأمهات وأبناءهم بعد ذلك يشعورن بالسوء بسبب الظلم الذي ارتكبوه في حق هذا الإنسان الغريب.

وما أبشع وما أكثر الخلافات التي حصلت بسبب هؤلاء المربين المتعصبين الذين لا يرون ولا يراقبون تصرفات أبنائهم المتهورين والطائشين.

توجيه لكل شخص لديه أخ أو أب أو أم أو صديق أو زميل يعاني من مرض شك وسوء النية، في هذا المجال عليه أن يبين أن الذي يرتكبه خطأ كبيرًا، وهناك من يقول: فلان محدد يتقصدني بكلمات وعبارات ومواضيع تلمح أن هذا الشخص يريد أن يعتدي على الناس وهو في الأصل ذلك الفرد الذي يتكلم أو يطرح موضوعًا بهدف حل مشكلة عويصة لها آثار خطيرة على بيئة المجتمع والأسرة.

كل شخص يحب أخيه أو أمه أو أبيه أو صديقه، ويدافع عنه، ولكن يجب أن لا يصل الأمر للتقديس الوهمي للطرف المحبوب من قبل الآخر بتصويره بأنه إنسان معصوم ولا يظلم ولا يخطئ في حق الآخرين، فإذا حدث هذا التقديس تكونت حالة التعصب الشديد عند الشخص المريض بسوء النية والشك، وبهذا يؤثر على من حوله وتصبح الأطراف الأخرى مريضة مثله.

إن البلدة الكريمة والجهات المسؤولة تحفظ حقوق المواطنين بأن لا يتعدى عليها أي شخص دون دليل وإثبات، فهناك قوانين وخطوط حمراء يجب أن لا يتجاوزها أي طرف سواء كان مقيمًا أو مسافرًا أو سعودي الجنسية أو يعيش في القرية والبلد الأصلي، ولأن فئة من البلدان والمجتمعات تعمل على تعزيز أجواء الحوار والنقاش الهادئ دون الميل نحو الحقد واتهام الآخر، بالأخص بين الأولاد والشباب والشابات والآباء والأمهات.

نسأل الله تعالى أن يحفظ نفوس المجتمع والشباب والأهالي من الشك وسوء النية والأمراض بمختلف أشكالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى