أقلام

سيارة كشخة

أمير الصالح

أصر على شراء سيارة لكزس بالتقسيط، وأصبح راتبه موزعًا بين قسط السيارة، وقسط تملك البيت، وتسديد تكاليف قرض الأجهزة الأخرى.
كان في بداية عمره المهني ينادي والده بالقول: أبتي أريدك أن تساعدني لشراء سيارة مرسيدس فئة S، فالسيارة الكشخة تعكس قيمة اجتماعية وانتماء لطبقة راقية. أبي أريد أن أعقد زفافي في صالة الأفراح الفلانية، لأنها تعطينا رونقًا اجتماعيًا مميزًا. وكأن لسان حال ذلك الشاب وهمه الأول والأخير جذب انتباه الناس له، وكسب احترام الناس من خلال ما يملكة من سيارة كشخة وساعة ماركة وحذاء ماركة وآخر اصدار للجوال.

ظاهرة اقتناء سيارة كشخة من أجل جذب الانتباه وكسب احترام الناس ظاهرة منتشرة بين فئة عريضة من الشباب والفتيات في عدة مجتمعات، وهذا أمر يدعو للتفكير والتدارس.
هناك وجهات نظر مختلفة عن طرق جذب الانتباه للذات وكسب احترام الناس للشخص. يعتقد. البعض بأن الثراء العريض والفيلا الضخمة والسيارة الكشخة وامتلاك مزرعة فارهة، هي الأساس لكسب احترام الآخرين وإبراز قيمته في وسطه الاجتماعي. والبعض الآخر يعتقد بأن فرض الشخصية بالقوة من خلال المنصب الوظيفي أو النسب العائلي هو المدخل لجذب الانتباه ولكسب احترام الناس. وهناك فريق يعتقد أن الشهرة الإعلامية عبر وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي -بغض النظر عن المحتوى- هي المدخل للجذب ولكسب الاحترام. وقد تكون الحقيقة أن كسب احترام الناس الدائم يتم بأبسط من ذلك كله مع كامل الاحتفاظ بالكرامة للذات. فقد عرفنا وعبر ما سطر التاريخ أسماء أشخاص كثر جذبوا الانتباه واكتسبوا كامل الاحترام لمواقفهم الشجاعة وأدبهم الجم وزهدهم المميز وسيرتهم النظيفة. فلا يتم كسب الانتباه واحترام الآخرين عن طريق اقتناء سيارة كشخة أو امتلاك فيلا كبيرة أو عقد ولائم ضخمة وعديدة، أو عبر هياط وإسفاف في وسائل تواصل اجتماعي، وإنما بأدوات في متناول الجميع:
بالكلمة الطيبة وحفظ كرامة الآخرين، وتجنب المفاخرة،
وتجدد روح البذل والعطف،
واحترام الذات.

فالاحترام لا يُطلب، ولا يتم شحذه من أحد، وإنما يُكتسب من خلال العمل الجاد والكفاح المستمر والهمة العالية والسعي الدؤوب وحسن البصيرة وقوة التشخيص، وتجنب الإسفاف والترفع عن فاحش الكلام والأصالة.

أحبتي شباب جيل 𝐙 -والكلام ليس للجميع- إن بلاء الاستهلاك المفرط وحب محاكاة مشاهير السوشل ميديا تُدخل بعضكم في أزمات مالية، وتختطف عن عقول البعض النضج، وتولد عقد النقص والنظرة الدونية المستمرة للذات. اعلم علم اليقين بأن التربية الداخلية للنفس للترفع عن مظاهر الاستهلاك تحتاج إلى مجاهدة النفس، ولكن ذلك سيورث لكم احترامًا أكبر للذات وراحة بال طويلة الأمد. وحتمًا إن توافرت مداخيل مادية كبيرة لدى أحدكم، يمكنه شراء سيارة كشخة، وقصر كبير، وسفر فارهًا بعد استيفاء الأشياء الضرورية أولًا بأول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى