أقلام

ثقافة الشكر في المجتمع

صالح المرهون

الشكر هو شعور الإنسان بالممنونية لله، واعترافه وإقراره بأن الله متفضل عليه ومنعم عليه، إن الشكر أول واجبات الإنسان تجاه ربه تعالى، وهذا الوجوب أوجبه الله في كتابه وفي سنة رسوله (صلى).
الشكر لله لا يكون حقيقيًا، أي أنه ليس مقابلة إحسان بإحسان، وإنما يعود هذا الشكر على الشاكر نفسه، فإذا ما علم الله تعالى بأن هذا العبد قد شعر بالشكر حقيقة وتملكه كلا، أول ما يفعله الله هو مضاعفة النعم الخاصة بذلك الإنسان، فشكر الله بالعبادة سبيل لأن يمنحه الله التوفيق أكثر في هذه العبادة، وشكر الله بالإحسان إلى الناس بالمال سبب لإحسان الله إليه أكثر، وتمكينه من الإنفاق أكثر… وهكذا، فهنا حقيقة تقول:(لئن شكرتم لأزيدنكم)

وعن الإمام علي بن موسى الرضا(ع) أنه قال:( من لم يشكر المنعم من المخلوقين، لم يشكر الله عز وجل)

التوجه للنعمة وشكرها منهجية ينبغي أن تكون في نفس الإنسان المؤمن، يهتدي إليها بعقله، ويلتزم بها بتعاليم دينه، أصل النعم من الله سبحانه وتعالى، فالشكر أولًا وأخيرًا يكون له، ولكن بعض نعم الله تصل للإنسان بواسطة بعض عباده، تجري على أيديهم، فالله تعالى هو الذي أوجدك من العدم، ولكن وجودك كان عبر والديك، لذلك عليك أن تشكر الله، وأن تشكر الوالدين( أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير)

باعتبارهما طريقًا لنعمة الوجود، وهكذا كل من كان سبب الوصول نعمة إليك، فالإنسان العاقل الحكيم المنسجم مع فطرته، هو الذي يقدر أي آحسان يصل إليه من الآخرين، يشكر النعم حينما تأتيه من المخلوقين، هذا الفعل ينمي روح الإحسان عند الناس والمجتمع، لأن الناس والمجتمع يتأثرون بمواقف التقدير والشكر، فحينما يكون المجتمع في ظل ثقافة تقوم على أساس الشكر للمحسنين، فإن حالة العطاء والإحسان تنمو في المجتمع، لذلك تجد في المجتمعات المتقدمة، كيف يخلقون مختلف الحوافز، من أجل تقدير المتفوقين والمتقدمين في مختلف المجالات، حتى تتسع رقعة هؤلاء في المجتمع، وما أحوجنا في مجتمعاتنا إلى أن نعمم هذه الثقافة، أي ثقافة الشكر،بأن نشكر كل من يسدي خدمة للمجتمع، ومن السيئ في أي مجتمع أن يواجه من يعمل لخدمة المجتمع بالتنكر والجحود، فهذا يجعل الناس لا يقبلون على هذا الطريق، ولذلك ورد في الحديث عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: (الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره)

وقد يكون الشكر لله بأن تشكر من أجرى الخير لك على أيديهم، فهم ليسوا أداة نقلت الخير فقط، بل لخصوصية فيهم، وهم على كل حال أهل فضل وإحسان، ولهذا كان شكر الله بشكرهم، وإذا لم يأت إليه الإنسان طرد وأبعد، ومن أولى بالشكر ممن فاض إحسانهم على الخلق، وهم محمد وآل محمد(ع)
اللهم أجعلنا من الشاكرين الحامدين لله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى