أقلام

مشروعية اشتراط عدم منافسة صاحب العمل

أحمد محمد الحاجي

جاءت الشريعة الاسلامية بالحث على العمل وإعمار الارض حيث جاءت الآية 61 من سورة هود ” هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ” نرى أن الآية سالفة البيان تؤكد على وجوب عمارة الأرض حيث ورد عند المفسرين المعنى من واستعمركم فيها يعني وجوب عمارة الأرض ،كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ” ان قامت الساعة وفي يد احدكم فسيلة، فإن استطاع ان لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها ” وتأسيسا على ما سبق ذكره أعلاه يتضح لنا حث الدين الإسلامي على العمل وإعمار الأرض، وجاء المنظم مؤكدا على أهمية العمل مما يستلزم معه إفراد نظام خاص ينظم العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل وهذا ما تم حيث صدر نظام العمل بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 23/08/1426هـ ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن جاءت الكثير من التعديلات على نظام العمل ومن ابرز ما جاء به النظام هو شرط عدم المنافسة فصاحب العمل يريد أن يحمي مصالحة المشروعة والعمل يخشى أن يكون هناك حجر عصر في طريقه المهني ومستقبله الوظيفي حيث ورد في الفقرة 1/83 من نظام العمل ” إذا كان العمل المنوط بالعامل يسمح له بمعرفة عملاء صاحب العمل – جاز لصاحب العمل – حماية لمصالحة المشروعة أن يشترط على العامل الا يقوم بعد انتهاء العقد بمنافسته، ويجب لصحة هذا الشرط أن يكون محرراً ومحددا من حيث الزمان والمكان ونوع العمل ويجب ألا تزيد مدته على سنتين من تاريخ انتهاء العلاقة بين الطرفين ” قد يرى القارئ الكريم بأن هذه الفقرة فيها من التقييد لحريته ومخالفة للمادة الثالثة من ذات النظام ومن هذا المنطلق كان لا بد لنا من الوقوف على الفقرة لشرحها وفهم الغاية القانونية منها، أولاً لا بد من الإشارة إلى أنه في حال اشتراط صاحب العمل هذا الشرط في عقد العمل فإنه ملزم بتقييد هذا المنع من حيث الزمان بمدة معقولة فلا تزيد المدة على السنتين وإلا عد هذا الشرط باطلاً، ومن حيث المكان فلا يمكن أن يمنع صاحب العمل العامل من العمل في جميع أراضي المملكة كما لا بد أن يكون مقيد من حيث نوع العمل كما ورد في الفقرة سالفة الذكر فإن كان العامل يعمل في مجال المحاسبة مثلاً وانتقل للعمل في مجال فني لدى شركة منافسة فلا يمكن القول بأن العامل هنا قد خالف الشرط، إضافة إلى ان كانت نوعية العمل الذي قام بها العامل لدى صاحب العمل لا تسمح له بالاطلاع على عملاء صاحب العمل فالشرط هنا لا يمكن تفعيله في حال انتقال العامل لدى صاحب عمل آخر حتى وان كان يعمل في ذات نوع العمل ومن هنا لا بد لنا من الإشارة إلى القاعدة العامة وهي بأنه في حال حصول خلاف بين العامل وصاحب العمل فإن التفسير يكون بما هو أصلح للعامل لاسيما وأنه الطرف الضعيف في هذه العلاقة، كما نشير إلى أنه لتفعيل هذا الشرط لا بد أن توجد مصلحة فعلية ومشروعة لصاحب العمل تستوجب الحماية فإن كان العمل المنوط بالعامل لا يسمح له بالاطلاع على عملاء صاحب العمل فلا يتم تفعيل الشرط حيث لا وجود لمصلحة مشروعة لصاحب العمل حيث يعد العامل في هذه الحالة بمثابة الأجنبي في منافسة رب العمل أي يجوز له المنافسة، وتأسيساً على ما سبق يتبين للقارئ الكريم بأنه ليتم تفعيل الشرط لا بد من وجود مصلحة مشروعة لصاحب العمل فضلاً على أن يكون الشرط مقيد من حيث الزمان والمكان ونوع العمل وان العبرة في تفعيل هذا الشرط من عدمه هو في إجابة السؤال التالي هل نوعية عمل العامل تسمح له بالاطلاع على عملاء صاحب العمل أم لا؟ ففي حالة الإجابة بنعم كانت هناك مصلحة مشروعة لرب العمل بتفعيل الشرط وفي حال كانت الإجابة بلا فلا وجود للمصلحة المشروعة لرب العمل في تفعيل الشرط مع الأخذ بعين الاعتبار أنه في حال وجود خلاف بين الطرفين فإن التفسير يتوجه لما هو أصلح للعامل، ومن ناحية عملية فلا بد من الإشارة إلى أن المحاكم العمالية لم تتعامل مع ظاهر النص وانما أعمل روح النظام حيث اتجهت في احكامها إلى أن النظام أعطى صاحب العمل الحق في اشتراط عدم المنافسة لا اشتراط عدم العمل لدى منافس، ولو اردا المنظم منح هذا الحق لصاحب العمل ذكره في النظام كما هو الحال في الأنظمة لدى الدول الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى