أقلام

ثاني أُكسيد الغباء

بقلم : م أمير الصالح

نتفهم أن يقع المُراهق في تعثرات وأخطاء غير مقصودة honest mistake خلال رحلة إكتشاف مهاراته وقدراته والعالم الخارجي من حوله وبناء الثقة بالنفس لديه. إلا أنه يبدو لي أن البعض من أبناء آدم مُبتلى بما يُسمى بمرض ثاني اكسيد الغباء. فأصبح البعض بسبب إنغماسه الطويل في أجواء ملوثة أخلاقيا ومتابعاته اللاهثة لكل سفاسف الأمور في السوشل ميديا لكل ما هو شديد الحرارة جهلا و إنحطاطا أخلاقيا، وأضحى ذاك المتابع المنعدم البوصلة والفاقد للأهداف ضحية الإحتباس الحضاري وإنحيازي الهوى لكل ما هو مستورد عفن ومغيب العقل عن التمييز بين الغث والسمين. ففي ذات الوقت الذي إنتشرت فيه وسائل التحقق والتمحيص والتنقيب عن المعلومات السليمة والنقاش العلمي الرصين المبني على الدليل والمنطق والاخلاق، نرى تزايد عدد الحمقى الذين يرفعون شعارات تافهة لدفع الامور المقنعة مثل:
–  انا بكيفي
–  أنا دماغي كذا، هل أنت شريكي
–  أنا هنا بفلوسي. ما لك خص فيني
–  هذا جسدي و انا حر فيه
–  أنت مو أبوي و لا أخوي. ايش خص أهلك فيني

هذه الموضة الجديدة من الحجج المدعاة جاءت بعد جولات سابقة تترا الواحدة بعد الاخرى. وأتذكر من تلكم الموجات السابقة:
–  إتهام الإسلام بانه ضد المرأة
–  موال أن الاسلام دين العبودية
–  موال إتهام الإسلام بأنه إنتشر بالسيف
–  إتهام الإسلام بأنه دين ذكوري
–  إتهام الإسلام بأنه دين متصالح مع فكرة العبيد والجواري
– إتهام الإسلام بتقييد حرية الانسان

و بعد أن فشلت كل تلكم الإدعاءات وأنفضح من وراءها من تجار القمار وتجار الدعارة وتجار الشذوذ وتجار الرقيق الأبيض وتجار المخدرات وتجار النهب والسلب. تلبس البعض منهم ثوب الحرية الشخصية. فإت أنكر العقلاء عليهم إفراطهم ومشاهرتهم بالأعمال القبيحة قالوا لمن أنكر عليهم أنكم تقمعون حرية التعبير و تصطفون مع الديكتاتوريات. وإن أغفل عنهم أهل العقل الرصين أفعالهم تمادوا في توظيف عناوين الحريات حد إرتكاب الفاحشة في الشوارع و الاعتداء على الاطفال جسديا وتعاطي المخدرات في الشوارع! و كل هذا حدث و يحدث حتى قيل أن الزومبي أضحى متواجد في عدة مدن كبرى في دول متقدمة أهمل أهلها التواص بالحق.
نقول بكل حب لاولئك المغرر بهم:
–  أن الظواهر ثمرة السرائر
–  قل لي من تتابع أقل لك من أنت
–  المرء نتاج خلواته

يغيبون عقولهم ويرخصون أنفسهم ويلقون بأنفسهم إلى التهلكة. فيرتكبون حماقات غبية تسيئ للوطن ولأبناء الوطن ولأبناء هويتهم ولدينهم ولعرقهم. ويقذفون الآخرين في أعراضهم ويشتمون الآخرين بأفضح الصفات في المواقع الإلكترونية وفي العلن ظناً منهم بأنهم ينتصرون لآراءهم التي يؤمنون بها! ويذلون أنفسهم أمام الإنسان المتغطرس والمتكبر طمعا منهم في حفنة مال و بلوغ شهوة!

سبحان الله العلي العظيم، بعض الناس مصداق التعويذة الواردة في الاية الكريمة: (قل اعوذ برب الناس). هناك عدد من الناس ينعدم فيهم الخير وعلى الإنسان الواعي حقا أن يُمحص من فيه خير ومن ليس به إلا البلاء والفسوق والبلادة سواء في العالم الواقعي أو الافتراضي.

وفي ذات الوقت، مؤسف أن بعض منتحلي الوعي ومدعيي الثقافة ومع وجود كل الحقائق المرئية والمسموعة والبراهين الساطعة عن سوء إستخدام و سوء توظيف مفاهيم الحرية الفردية في بعض بقع الدنيا، إلا أنهم مازالوا يتبجحون بأن القادم من كوكب بعض نجوم السينما العالميين سيكون افضل!! ويترك ذاك المدعي للوعي أهل الخصال الجميلة وأصحاب الوفاء الانساني والضمير الحي ويخذلهم ويتهكم عليهم على أن ذلك حرية رأي!

يبدو أن مستوى صرف وصفة “طنش تعش و تنتعش” هي الأكثر رواجا هذه الايام في بعض بقع العالم الشرقي والغربي لما ينصدم البعض به من واقع سلوكيات معوجة ومنطق كلام أخرق. فأضحى لسان الحال في بعض الازمنة أن صاحب الصدق منبوذ والمرواغ المخادع المهرج محبوب. وأصبح من يدغدغ الاحلام للبسطاء مرغوب بحديثه و ان كذب، و من يضع إصبعه على الدملة مع اقتراح المخارج منها مذموم وإن صدق.

في مقابل كل ذلك، بحمد لله في كثير من حواضرنا العربية نعيش قفزات وعي نوعية نحو الأفضل مع كامل السعي الدؤوب للحفاظ على البناء الاخلاقي المحمود للمجتمع. كل ذلك تم و يتم بفضل جهود أهل الوفاء والإخلاص من المواطنين الصالحين والمسؤولين الأمناء والقوانين الحكيمة وائمة المساجد الاوفياء. فشكرا لكل من ساهم و يُساهم من تخفيف إنبعاث ثاني اكسيد الغباء في الحواضر الانسانية في كل بقاع المعمورة ويبث الوعي بتنقية الاجواء وحذف الكراهية ورص صفوف الوحدة وتعزيز مفاهيم الإنسانية النبيلة والشهامة وتشجيع توطين الخير في ربوع المعمورة وغرس روح الإيمان بالله وإتباع هدى نبينا محمد (ص) وإقتباس النور من كلام آل بيت النبي محمد وترجمة ذلك بالسلوك و الافعال.

كتبت هذه العجالة على ضوء ما يدور من تجاذبات قوية في شمال القارة الامريكية وإنطلاق دعوة الاوفياء من المؤمنين بالقيم الاسرية و سعيهم الدؤوب في حماية أبناءهم من الشذوذ تحت شعارات Leave our
kids alone. لك أن تتخيل حجم النعمة التي نعيشها في ظل إتباع هدى الاسلام والتعاسة التي وصل البعض اليها حتى أضحى الصالحون منهم يستجدون فقط وفقط حق حماية أبناءهم من التحول الجندري!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى