أقلام

ملخص الليلة السادسة من محاضرات الشيخ (عبدالجليل البن سعد)

محمد الجابر

عنوان المحاضرة: المرجعية الدينية ومقولة “البطل” لدى فلاسفة التاريخ

من خطب أمير المؤمنين علي -عليه السلام- وفيها يبيّن سبب طلبه الحكم ويصف الإمام الحقّ
(…، وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَالِي عَلَى الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ وَالْمَغَانِمِ وَالْأَحْكَامِ وَإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ، فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ، وَلاَ الْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ، وَلاَ الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ، وَلاَ الْحَائِفُ (4) لِلدُّوَلِ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ، وَلاَ الْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ وَيَقِفَ بِهَا دُونَ المَقَاطِعِ ، وَلاَ الْمَعطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الْأُمَّةَ) لقراءة الخطبة كاملة على الرابط أدناه

https://cutt.us/4eMEV

(البطولة)

هي علة تاريخية تمتلك القدرة على سياقة الحياة في طريق واتجاه الخير. اي ان البطولة ووجود البطل يعد سنة من سنن التاريخ النافذة. فسنة البطل هي توحيد وانصهار إرادة المجتمع في إرادته. فهي كالسنن الأخرى تعمل عندما يخلو محيطها من الموانع. وعلى سبيل المثال النار وعلة الإحراق لو كان الحطب مبلل بالماء خفف من علة الإحراق واذا كان الحطب مشبع بالماء كان مانع لعلة الإحراق.

(وقفة مع الخطبة واللوحة العلوية)

تعرضت لأقوى البطولات الإنسانية والتي لا تكتمل الا في الأنبياء والأئمة (النبوة – الوصاية). فالصفات التي طرز الإمام علي -عليه السلام- بها الإنسان الافتراضي تتمثل في إنسان كامل لايرى الا في الأنبياء والأوصياء (بطل إلهي).

(البطل والبطولة)

هي سنة من سنن التغيير، اي تارة تأثر بالتغيير وتارة أخرى تأثر بالتجذير. فالبطل اذا وجد بالصفات والكاريزما التي تطرق لها الإمام علي -عليه السلام- في خطبته، يستطيع تغيير وجه التاريخ الذي عاشه ويعيشه. واذا كان هذا البطل أمام حالة إنسانية مرتبكة، فإنه مما يمتلك من ملكات قادر على تجذيرها.

(خلاصة)

وجود البطل سنة يسير بها التاريخ وقادرة على تغيير التاريخ. اي ان بطولة البطل تستطيع ان تغلب واقعاً محكم التعاسة والمذلة. ولعل أمة عاشت تعاسة ظنت ان لا سعادة بعدها ومذلة محكمة، فتصوراتهم تعطلت ولا تستطيع تخيل عز من بعد الذل الذي يعيشونه. ولكن الله يفاجئهم ببطل ورائد وحكيم تكون لإشارته وكلمته ونظرته القدرة على النهوض بشتات المجتمع. وذلك بانصهار إرادتهم في إرادته وهنا تترجم الإرادة في القوة الواحدة.

(فلسفة التاريخ)

نجد في الفلسفة التاريخية تأكيد على ان قوة البطل بما يمتلكه من معتقد أقوى من القوة العسكرية.

(إستحضار منطق تفاوق العلل)

من منطق تفاوق العلل المشار له ليلة البارحة، نجد ان البطولة علة تاريخية تستطيع ان تكسر من حدة القوة العسكرية.

(القوة العسكرية وفلسفة التاريخ)

في فلسفة التاريخ يوجد تعبير على القوة العسكرية لا يوجد في مجالات أخرى وهو:-

ان القوة العسكرية قوة عارية، لأنها بظاهرها مرعبه ومرهبه ولكن ليست أقوى من المعتقد.

(بطولة الحسين)

الحسين -عليه السلام- واجه قوة بمستوى إمبراطورية. فالحسين – عليه السلام- وقف لهم بثمانين من الأنصار على رواية وعلى رواية اخرى سبعين من الأنصار وذلك مقابل جيش مكون من ٢٢ الف على رواية وأخرى تقول من ٣٠ الف.

(القوة العسكرية)

القوة العسكرية التي واجهت الحسين -عليه السلام- آلت الى مآلين:-

١- بدلًا من ان تزرع الخوف والرعب وتقتل الشجاعة في قلوب الناس، أصبحت تواجه سلسلة من الانتفاضات والثورات والتي أفقدتها السيطرة على الأوضاع.

٢- جميع قتلة الحسين -عليه السلام- ومن اشترك في قتله، لم يهنؤون بأي أمان على الرغم من العلاوات والرتب الممنوحه لهم بعد مقتل الحسين -عليه السلام- وقتلوا جميعاً في نهاية المطاف.

فالقوة العسكرية إذا لم تتخذ مساراً صحيحاً فهي “قوة عارية”، وإذا اتخذت مساراً صحيحاً فستكون من سنن التاريخ ومحركاته والتي تستمد قوتها من الله -عز وجل-.

(فلاسفة الغرب)

بطولة البطل وهي سنة تاريخية تستطيع ان تغلب واقعاً محكم التعاسة والذلة. فهذا المعنى حينما تحدثوا عنه الفلاسفة وضربوا أمثلة (الإسكندر – نابليون – ..) ذكروا النبي -صلى الله عليه وآله- واعترفوا له بذلك. ولكنهم لم يكونوا أول من اعترف للنبي -صلى الله عليه وآله- بالبطولة النبوية.

(الخطبة الفاطمية الفدكية)

فاطمة الزهراء -عليها السلام- هي أول من ربط ما حدث في شبه الجزيرة بالبطولة النبوية الرسالية للنبي -صلى الله عليه وآله- في خطبتها المشهورة (الفدكية).
“وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ، مُذْقَةَ الشّارِبِ، وَنُهْزَةَ الطّامِعِ، وَقُبْسَةَ الْعَجْلانِ، وَمَوْطِئَ الأقْدامِ، تَشْرَبُونَ الطّرْقَ، وَتَقْتاتُونَ الْوَرَقَ، أذِلَّةً خاسِئِينَ، {تَخافُونَ أنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِكُمْ}.
فَأنْقَذَكُمُ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى بِمُحَمَّدٍ صَلى الله عليه وآله” لقراءة الخطبة على الرابط أدناه

https://cutt.us/9ruNK

(نظرية البطل التاريخية)

نستطيع تسمية هذه النظرية بنظرية “الرجل العظيم”. وهذا المسمى يعتبر مصطلح جديد نشأ مع نشأت فلسفة التاريخ.

“الغرب ليس بعلمه ولكن بمصطلحاته، فهو يمتلك لكل حالة مصطلح كما أننا نمتلك لكل شخص اسم” الشيخ عبدالجليل

فهذه النظرية تقول انه (ان وجد البطل لابد ان يؤثر، ولا يمكن وجود البطل من غير تأثير).

(التفاسير وسر التأثير)

{التفسير الجماهيري}

ويعتبر سلبي لأنه في علم النفس الإجتماعي وسيكولوجية الجماهير، يقرون بأن الجمهور في أغلب الأحيان يتحرك باندفاع. ونجدها في بعض الأمم التي حكمتها حكام ديكتاتورية وساعدوهم على ذلك، وإذا حكمهم حاكم ديمقراطي انتفضوا عليه ولم يكمل دورته الرئاسية. وهناك من يقول بأن حكم هتلر من قبيل وشاكلة هذه الأمم. فهذا التفسير يصنع أبطال ولكن أبطال سلبيين في المحصلة.

{التفسير الفلسفي}

يسمى (الوسيلة الذهبية) -كما يصطلح عليها الدكتور جاسم سلطان في كتابة فلسفة التاريخ والتي يطبقها على النبي (صلى الله عليه وآله)- وتعني وسيلة الخروج -والتي تتمثل في الأبطال- من الأزمة الاجتماعية مع انحطاط البؤس في وقت يظن فيها الإنسان انه لن يعيش حالة أفضل مما هو عليه.

مثل/ الأبطال الإنسانيين (ماندلا – غاندي..)، الكثير من الأبطال الالهيين، والكثير من أبطال التاريخ -الذي ليس لهم غرض ديني ولا إنساني-.

(هامش على الوسيلة الذهبية)

الفشل والنجاح يكون في الاستجابة المجتمعية فالنجاح او الفشل يقرن بالاستجابة وليس الوسيلة (البطل). لان الوسيلة لا تستطيع ايصال المركب على الشاطئ دون الاستجابة.

{التفسير العقدي}

التفسير العقدي (القدري) هو ان الله -عز وجل- له جنود لا ترى ولا تعرف -هي من معنى وليست مادة- لإرتباطها بالقدر الإلهي وتكون عند اختلال الأنظمة. ومن صفات هذه الجنود أنهم يقاومون الواقع بضربة واحده وكافية لتغييره بل تغيير وجه التاريخ. وعلى سبيل المثال، عضة القرد المدلل للإسكندر والتي غيرت حكم بأكمله، ومات بعده ربع مليون نتيجه للفوضى.

(البطل وعصرنا الحاضر)

لماذا لم يوفق إلى الان بطل تكون له القدرة على النهوض بشتات المجتمع بانصهار إرادتهم في إرادته؟!!

نحن في عصر يوجد فيه الأبطال، ولكن عصرنا يغتال الأبطال في المهد بعدة اشكال منها:-

{الخداع الفكري}

استخدم الغرب سلاح الخداع الفكري -وذلك بعد دراسة فلسفة التاريخ- وقالوا “النهائي” أي نحن نهاية صياغة التاريخ. وهذا الفكر استخدم في عصور سبقت وقد نوه القرآن لعصر استخدمها لأول مرة في التاريخ في قوله تعالى: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ (24)} سورة النازعات
اي ان الصياغة الفرعونية هي النهاية ولا حاجة لنا بنبي ولا برسول ولا بإمام بل حتى الإله.

{حضارة مُخَدَرة}

هي الحضارة التي تهتم بتخدير الشعوب على مستويات. مستوى الألعاب الالكترونية الممتعة والقاتلة عند الأطفال لتكون لهم طريقة معينة في التفكير وميول غريبة ومتضاربة، وهذه أقوى التخديرات لأن الأطفال يعتبرون أفضل المتلقين. مستوى السلوك بكل جوانبه ونجد مثلاً الشعب الأمريكي المُخَدَر بفكرة ان الحياة (كأس – جنس) ولا علم لهم بما تحوك الدولة لا داخل ولا خارج (كأنهم خشب مسنده). وعلى مستوى تلوين الحضارة (مرة القول ان الحضارة اقتصاد ومرة اخرى الحضارة تكنولوجيا ..) بجعل مراكز القوة متنعمة بلون الحضارة نفسها (الاقتصادية متنعمة بالاقتصاد والتكنولوجية بالتكنولوجيا).

(أبطال في أوروبا)

في يومنا الحاضر موجود ابطال في أوروبا غير راضين عن الواقع وفي وضع انتفاضه على المستوى الفلسفي المسرحي، ولكن لا احد يلتفت لهم.

مثال/ إدغار موران فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي معاصر. يعتبر فيلسوف ضخم وله كتاب جميل “حديث لم تسمع به من قبل” يتهكم على الواقع الأوربي ويعد بسقوط الحضارة الأوروبية.

(البطل على سكة السنن)

البطل يحتاج ان يدير حسابات التاريخ بشكل صحيح. فإذا أخذ البطل بالسنن التاريخية كان موفقاً، ومن هذه السنن الهجرة.
الرسول -صلى الله عليه وآله- ومن حوله بعد اختناق الوضع في قريش، كانت الهجرة الخيار الأول الذي عمل به -صلى الله عليه وآله-. فالهجرة تجلت في الصدر الأول للإسلام.

(أبطال الأمانة العلمية والدينية)

أوحى الله تعالى إلى داود -عليه السلام- (يا داود إني وضعت خمسة في خمسة، والناس يطلبونها في خمسة غيرها فلا يجدونها: وضعت العلم في الجوع والجهد وهم يطلبونه في الشبع والراحة فلا يجدونه…) للإطلاع عليها كاملة (اضغط هنا)

(المراجع الدينيين أبطال)

المرجعية ساحة حالها حال غيرها من الساحات، تأخذ منها صفوه او صفوة الصفوة. فهؤلا من المراجع الذين يمثلون بطولة.

بعض ما تميزت به بطولة المراجع:-

أ- الهجرة
ب- الحوزة العلمية

(بلبلة جماهير)

ان المطالبة من الإخوة الذين لا يسمع لهم الا صرير متكرر على المرجعية المحلية والمطالبة بها، ليس لها تفسير الا “التفسير الجماهيري” للأسف. فكل مطالباتهم اندفاع على شي لم تتضح صورته لهم، ومن غير معرفة بطبيعة التفكير الحوزوي في المرجعية وجهاز المرجعية.

(أدبيات الحوزة)

من أدبيات الحوزة العلمية ان المرجعية للمقيم داخل الوسط العلمي. ولمن يحمل شعار “مسكني قم ومدفني””مسكني النجف ومدفني”. وهذه تعطي قوة لقرب المرجعية من العلماء في هذا الوسط العلمي. واستيفاء الآراء من اهل الخبرة والقدرة على التدارك لأي حدث طارىء داخل الوسط العلمي او خارجها ممن ينتمون لهذا الوسط. ومن جهة الإدارة، لن تجد اي فقيه يقول انه من اختصاصه إدارة المجتمع.

(مقاييس فلاسفة التاريخ)

قامت ثورة في بيزنطة على يد القائد (آريوس) وهو ليبي الأصل وليس بطل محلي.
فرنسا تعمل بمعتقد فلسفي -خصوصاً في السابق- وتتبع فلسفية (جان جاك روسو) صاحب نظرية “العقد الاجتماعي” وهو ليس فرنسي الأصل بل سويسري.
كارل ماركوس الذي إستطاع فكره ان يسيطر على روسيا الاتحادية سابقاً وعلى الصين، لم يكن روسي ولا صيني بل كان أصله ألماني.

ففلاسفة التاريخ يقولون ان ربط المصلحه بالموقع المحلي ليست قاعدة ثابتة وان أمكن عملها. بل ان الأمثلة المذكورة أعلاه تثبت عكس ذلك.

(الحسين وسيلة ذهبية)

الحسين -عليه السلام- بعد مقتل حجر بن عدي والكثير من المقربين وعلى راسهم الامام الحسن -عليه السلام-، مثّل وسيلة ذهبية ولكن الاستجابة هي التي تحدد النجاح من الفشل.
قد عمل الإمام الحسين -عليه السلام- بشروط لهذه الوسيلة:-

١-الهجرة/ فلقد هاجر من المدينة إلى العراق.
٢- إختيار أبطال/ عمل على الإختيار ووضعهم في مواقع إستراتيجية ليوم واحد (يوم عاشوراء).

(بطولة شيخ الأنصار)

من الأبطال الذين اختارهم الحسين -عليه السلام- هو حبيب ابن مظاهر الأسدي. حبيب -سلام الله عليه- استلم كتاب من الحسين -عليه السلام- ولم يكن بحاجة للكتاب، لانه كان حريص على تربص الوضع بسمعه ونظره. فالكتاب من الكريم (الحسين عليه السلام) يكون تكريماً لحبيب -رضوان الله عليه-.

(كتاب الحسين)

بسم الله الرحمن الرحيم
“من الحسين بن علي عليه السلام إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر أما بعد:
ياحبيب فأنت تعلم قرابتنا من رسول الله وأنت اعرف بنا من غيرك وأنت ذو شيمة وغيرة، فلا تبخل علينا بنفسك يجازيك جدي رسول الله يوم القيامة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى