أقلام

نساء حول الإمام الحسين

سلمى ياسين بوخمسين

بعد مضي 13 يوماً وليلة عشناها مع أبطال كربلاء والمنابر الحسينية تصدح بذكر أسمائهم وتُعَرِّف بهوياتهم، وتشيد ببطولاتهم وما قدموه من تضحيات وفداء لله ودينه وللحيلولة من أفول شمس الرسالة المحمدية، وإبقاء كتاب الله مشرعاً تطبق آياته في البلاد وبين العباد إلى قيام الساعة.
يتبادر إلى الأذهان سؤال: أين النصف الآخر من المجتمع؟
قلة قليلة من النساء ورد ذكرهن وبصورة مختصرة جداً تكاد أن لا تبين بالرغم من الدور العظيم الذي قمن به وأثره قبل المعركة وأثنائها وبعدها ماعدا السيدة زينب التي محال أن ينتهي مجلس ولا يذكر لها منقبة، فهي رديفة الإمام الحسين ورفيقته شاركته بفكرها ورأيها منذ خروج ركب الحسين من مكة وإلى أن سقط شهيداً، بل تحملت المصاعب من أجل إرجاع ركب الحسين وعياله إلى المدينة، وبذلت جل جهدها من أجل ذلك. كما ورد ذكر بعض نساء بني هاشم باختصار وإيجاز.
فلو تاملنا في صفحات التاريخ لرأينا المرأة، ودورها الكبير والمهم في النهضة الحسينية ماثلاً أمامنا بشكل لا يقل عن الرجل. هذه أمثلة قليلة منهن.

• أول من تطالعنا بها صفحات تاريخ النهضة الحسينية من النساء طوعه زوجة أسيد بن مالك حين نصرت سفير الإمام الحسين مسلم بن عقيل إلى الكوفة، فهي قدمت الولاء وأثرت الثبات على الحق وعدم اتباع الباطل، وإن كان نهج زوجها وابنها مخالفاً لعقيدتها وإيمانها.
لقد بذلت كل ما بوسعها لأجل الدفاع عن الحق فلم تفكر في مصلحتها بالرغم من انتماء زوجها وابنها لجيش ابن زياد.

• وشخصية مشرقة أخرى تمثل الشخصية الإيمانية والتأثير الإيجابي (دلهم بنت عمرو) التي أثرت في زوجها زهير بن القين الذي كان بعيداً عن الخط الحسيني، كان شخص عثماني الهوى حولته إلى شهيد بين يدي الإمام عليه السلام وذلك عندما التقت قافلة الإمام عليه السلام مع قافلة زهير بن القين وكان يتجنب اللقاء، وحين أرسل الإمام عليه السلام رسولاً إلى زهير يدعوه للالتقاء فتردد. إلا أن زوجته قالت: «”سبحان الله، يبعث إليك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ لا تأتيه! سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه) فشجعته على الالتحاق بركب الرسالة والدفاع عن الحق وتقديم نفسه فداءً له.
• وأخرى ضربت المثل في التضحية بالغالي والنفيس، وهي الشهيدة أم وهب(قمر بنت عبد). زوجة عبد الله بن عمير الكلبي اشتركت مع زوجها وولدها ولم تكتف بقتال ولدها مع الإمام، فعندما سألها «يا أماه أرضيت؟ فقالت: ما رضيت حتى تقتل بين يدي الحسين عليه السلام». وفعلاً رجع ولدها إلى القتال واستشهد في ساحة المعركة.
ولما استشهد زوجها ذهبت إلى ساحة المعركة ومسحت عن وجهه الدم والتراب وضُربت بعمود على رأسها فمضت شهيدة مرضية.

• وهناك من تبنت الفكر السليم، وسلكت الطريق الصحيح فلم يمنعها اختلاف الدين من نصرة الحق. فها هي أمّ وهب امرأة نصرانيّة جاءت مع ولدها وهب نحو الإمام الحسين عليه السلام فأعلنت إسلامها، وحثت ابنها على القتال بين يدي سيد شباب أهل الجنة وحازت مبتغاها بأن يكون ابنها رفيقاً له في الجنة بنيل وسام الشهادة.

• وموقف البراءة من أعداء الله والخط المعادي للإمام الحسين (عليه السلام) تبنته النوار بنت جابر حين عبرت عن رفضها لهذه الجريمة الوحشية، حينما رجع كعب بن جابر بعد انتهاء معركة الطف وقد قتل برير بن خضير فتخاصمه بقولها: أعنت على ابن فاطمة وقتلت سيد القراء؟! لقد أتيت عظيما من الأمر والله لا أكلمك من رأسي كلمة أبداً.

• ومن أعلنت رفض الباطل وقول كلمة الحق «هند بنت عبد الله بن عامر» بالرغم من كونها زوجة يزيد، إلا أن قلبها كان مملوءاً بالحب والولاء لرسول الله وأهل بيته. فقد ارتشفت حبهم وتخلقت بخلقهم واعتنقت الفكر المحمدي حينما كانت تخدم في بيوت الرسالة قبل تزويج معاوية إياها لابنه يزيد بعد وفاة الإمام الحسن ع، وعند قدوم السبايا للشام ودخول نساء أهل البيت الشام تعرفت عليها السيدة زينب ، فاستقبلتهن هند ونساء آل أبي سفيان في دار يزيد، وتهافتنَ يُقبّلن أيدي بنات رسول الله، وأقمن المأتم والعزاء ثلاثة أيام مواساة لزينب سلام الله عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى