أقلام

ثقافة السلام

جواد المعراج

عن الإمام علي (عليه سلام): “رب كلمة سلبت نعمة، وجلبت نقمة”. (نهج البلاغة: الحكمة 381، والكتاب 53)

إن السلام هو الذي يزرع في النفوس البشرية الراحة، وهو عامل مساعد لصناعة الإحترام بين الناس، والتفاهم وتقبل الأفكار والآراء بين مختلف الفئات الإنسانية، واستيعاب الاختلافات في مواضيع متعددة لا تعتمد فقط على الأخلاق والقيم والمبادئ بل حتى في الجانب الثقافي والاجتماعي والفكري وغيرها من جوانب أخرى. يتم تحقيق السلام الداخلي عن طريق تنمية المعارف الإنسانية التي تساعد الفرد على تعزيز المهارات الذاتية والتواصل النصي والكلامي مع من حوله بين فترة وأخرى.

من مظاهر المجتمعات المتعلمة والواعية انتشار ثقافة السلام والنقاش الهادئ واحترام ما يطرح من قبل الآخر وتقبل الاختلاف، إضافة للعمل على أن يكون الهدف من النقاش هو تقريب الثقافات الأخرى، وذلك من أجل التفاهم بدلاً من تعزيز خطاب الكراهية وإثارة النقمة (الكراهية التي تصل إلى حد السخط) وهي تؤدي للتعصب والتمسك بالرأي الواحد وتخطئة الآخرين من خلال شعور الشخص بأنه على صواب دائماً، وبالتالي فإن كل مجتمع له خطاب معين.

إن خطاب الكراهية له أشكال مختلفة من ناحية أنواع الأساليب التي تستخدم بغرض نشر الكراهية أو العداوة التي تحرضها شريحة اجتماعية ضد شريحة أخرى بهدف زعزعة الثقة وزرع البغض والخوف في النفوس، ويمكن أن يؤدي خطاب الكراهية إلى أعمال العنف وارتفاع مستوى عقدة التعصب لدى الفرد والمجتمع، بسبب عدم تقبل الاختلاف بين الأطراف المختلفة من ناحية الأفكار والسلوكيات والقناعات والآراء.

طريقة التعامل السلبي تجاه أصحاب التوجهات المختلفة يؤدي إلى إعطاء كل شريحة بشرية الفرصة لنشر ثقافة الكراهية بالنفوس، ومن الواضح كلما انتشرت بشكل أكبر تحول كل نقاش ثقافي وفكري واجتماعي إلى إبراز المشاكل من دون العمل على تحويلها للمسار السليم، وخصوصاً أن كل شخض يمارس ضغوطات على الآخر على حساب العناد وإثارة الخلافات.

إضافة إلى ذلك، أن العناد يعزز خطاب الكراهية فهو يعد سلوكاً موجوداً لدى فئة من الناس بنسب مختلفة فإنه يبدأ من الإصرار على موقف معين وبعد ذلك يتصاعد إلى درجات عالية، وبالتالي يصبح ظاهرة يطلق عليها سمة العناد التي تصل لدرجة حادة من التعصب والتمسك بالرأي الواحد. ولهذا فإن العناد صفة سلبية ولا سيما لو تضخمت بشكل كبير لدى صاحبها.

المشاريع التطوعية عامل مساعد للتعامل مع خطاب الكراهية، فالعمل التطوعي يهدف لنشر ثقافة السلام. من هنا نرى إن إطلاق المشاريع التطوعية تعزز النقاش الهادئ، ولهذا يجب تنمية مستوى الإرادة الخاصة بالمتطوعين التي تساعد على تحمل الضغوطات النفسية والاجتماعية والثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى