أقلام

وسائل التواصل الاجتماعي وثقافة الحوار

أمير بوخمسين

في عصرنا هذا أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا رئيسا في مفاصل حياتنا، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وتؤثر سلبا وإيجابا حسب المتلقي وتقييمه لما يصله من الكم الهائل من البيانات والمعلومات المتنوعة المصدر. لذلك أصبح من الصعب معرفة مصداقية هذه المعلومات والتقارير التي تصلنا من مختلف الجهات والأطراف، سواء على صعيد الأفراد أو المؤسسات، فكل يدلي بدلوه ويحاول أن يكون صاحب الحقيقة المٌطلقة، باعتقاده بأن الآخر على خطأ ولا يمتلك من الحقيقة شيئا.
الأمر الذي أدى في بعض الأحيان إلى تفتيت اللحمة الاجتماعية، واهتزاز الثقة بين أبناء المجتمع بسبب ما ينشر عبر هذه الوسائل. كما أن البعض من أبناء المجتمع وصل به الحال بأن هذه الوسائل أصبحت بديلا عن العلاقات الاجتماعية الحقيقية، واكتفى
بالتواصل مع الآخر من خلالها، وأنه لا حاجة اليوم للقاء المباشر مع الآخر سواء كان قريبا له أو صديقا، والقيام بأرسال رسالة واتس آب أو عبر توتير أو فيس بوك وغيرها من الوسائل.. قد تكون هذه الوسائل ساهمت في تقريب البعيد وكسر حاجز الصمت
والفراق بسبب تباعد المسافات بين الأحباب والأصدقاء في السابق، وهذا لا يختلف عليه أحد إلا أنها تتحول إلى الوسيلة الوحيدة لدى البعض في التواصل الاجتماعي والاكتفاء بها.. أمر غير سليم وليس صحيا، فمهما أصبح التقارب افتراضيا وعبر هذه الوسائل لا يسد مكان اللقاء الاجتماعي المباشر، ولا يجب أن تؤثر هذه الوسائل على تواصلنا وحواراتنا المباشرة باستبدالها عبر هذه الأدوات.

ولعل واحدة من الأمور الحيوية التي بدأنا نفقدها الحوار الحقيقي المباشر وتأثر هذه الوسائل على أسلوب الحوار وأنماطه، حيث أصبح الطرف الآخر لا يعتّد بالطرف المقابل بحكم أن الحوار افتراضي وغير مباشر، وبالتالي يتلاشى الاحترام والتقدير بين الأطراف، في حين أن الأمر يتضمن مسؤولية رسمية واجتماعية. يروي لي أحد الأصدقاء بأنه كان في حوار مع مجموعة عبر الواتس آب حول موضوع معين، ونتيجة لعدم ضبط الحوار وإدارته انتهى بهم الحال إلى الفرقة والسباب، وهذا ما نخشى منه أن تتحول هذه الأدوات إلى ساحات معارك من أجل تصفية الحسابات بين أفراد المجتمع، وعدم الاستفادة من هذه الوسائل من أجل التطوير والتنمية الاجتماعية.

ولكي نستفيد من هذه الوسائل في مجال حواراتنا يمكن الأخذ بهذه الخطوات:

1- تحديد موضوع للنقاش بحيث يكون الحوار مركزا وواضحا وغير عائم، ومن ثم إدارة النقاشات والمداخلات الواردة عليه.

2- تحديد عدد المشاركين في الحوار، وذلك لضبط الحوار بما يؤدي للوصول إلى نتائج فعاّلة ومثمرة، وتنظيم المداخلات من قبل المشاركين اثناء الحوار.

3- الاتفاق على معاير ومبادئ مشتركة بين الأطراف المشاركة في الحوار لتفادي المعلومات غير المرتبطة بموضوع الحوار، والحفاظ على جودة الحوار واتسامه بالموثوقية.
4- تقديم موجز لنتائج الحوار وأهم النقاط التي دار الحديث حولها بحيث تشكل نقاط عملية يمكن الاستفادة منها في الجلسات العلمية والحوارات المقبلة.

فمن أجل الاستفادة من هذه الوسائل وتفعيلها بالطريقة الإيجابية علينا ضبط هذه الحوارات، واتباع ما ذكرناه من خطوات للخروج بفائدة للجميع، إذ أنها تشكل فرصة لاستثمار الوقت بما هو مفيد للمجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى