أقلام

علاج لتحسين الوظائف المعرفية لدى مرضى متلازمة داون

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

قدم له البرفسور رضي حسن المبيوق، علم النفس السلوكي، جامعة شمال أيوا

انضم فريق المعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية  Inserm الفرنسي في مختبر ليل Lille لعلم الأعصاب والمعرفة (إنسيرم / جامعة ليل، مستشفى ليل Lille الجامعي) إلى نظرائه في مستشفى جامعة لوزان Lausanne University لاختبار نجاعة العلاج بحقن هرمون GnRH وذلك لتحسين الوظائف المعرفية لمجموعة صغيرة من مرضى متلازمة داون.

أولاً، كشف الباحثون عن خلل في عصبونات هرمون GnRH في نموذج حيواني مصاب بمتلازمة داون وتأثيراته في ضعف الوظائف المعرفية المرتبطة بهذه الحالة.  ثم أجريت دراسة تجريبية لاختبار العلاج بالحقن النبضي لـ GnRH على سبعة مرضى. كانت النتائج واعدة: أدى العلاج إلى تحسين الوظائف المعرفية والاتصالية الوظيفية في الدماغ.  نشرت هذه الدراسة في مجلة العلوم Science.
متلازمة داون، المعروفة أيضًا باسم التثالث الصبغي 21، تؤثر في واحد من كل 800 مولود وتؤدي إلى مجموعة متنوعة من الأعراض السريرية، بما في ذلك انخفاض المهارات المعرفية.  مع تقدم العمر، يعاني 77٪ من المصابين بهذه الحالة من أعراض مشابهة لأعراض مرض الزهايمر.  الفقدان التدريجي للقدرة على الشم، وهي مشكلة معروفة يتعرض لها المصابون بالأمراض التنكسية العصبية، تبدأ بشكل شائع من فترة ما قبل البلوغ، مع  احتمال عدم البلوغ الجنسي لدى الرجال.

تم التعرف على الخلل الوظيفي في الخلايا العصبية التي تفرز هرمون الـ GnRH في متلازمة داون

اقترحت الاكتشافات الحديثة أن الخلايا العصبية التي تنتج هرمون إفراز الغدد التناسلية (GnRH) – المعروفة بتنظيم التناسل عبر منطقة ما تحت المهاد – يمكن أن تعمل أيضًا على مناطق أخرى في الدماغ لها دور محتمل في وظائف أخرى، مثل الوظائف المعرفية.

بأخذ هذه الفكرة بعين الاعتبار، قام فريق مختبر المعرفة وعلم الاعصاب في جامعة ليل Lille Neuroscience & Cognition بقيادة مدير أبحاث معهد Inserm ڤينسنت بريڤورت Vincent Prévot بدراسة الآلية التي تنظم هرمون الـ GnRH في الفئران المصابة بمتلازمة داون.

أثبت المختبر أن خمس فتائل / شعيرات strands من فتائل / شعيرات الـ رنا المايكروي microRNA والتي تقوم بتنظيم إنتاج هذا الهرمون – والموجودة في كروموسوم 21 – مختلة وظيفيًا.  هذا الكروموسوم الاضافي supernumerary chromosome يؤدي بعد ذلك إلى خلل وظيفي في الخلايا العصبية التي تفرز هرمون الـ GnRH.  أكد فريق البحث هذه النتائج على المستويين الجيني والخلوي.  وتمكن باحثو Inserm من إثبات أن العجز في القدرات المعرفية والشمية التي لوحظت في الفئران كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بإفراز هرمون الـ GnRH المختل وظيفيًا.

استعادة إنتاج هرمون الـ GnRH  لاستعادة الوظائف المعرفية

تمكن باحثو Inserm بعد ذلك من إثبات أن استعادة وظيفة نظام هرمون الـ GnRH الفسيولوجي تستعيد الوظائف المعرفية والشمية في الفئران المصابة بالتثالث الكروموسومي.

نوقشت هذه النتائج في الفئران مع نلي بيتلاود Nelly Pitteloud ، البرفسورة في كلية الأحياء والطب بجامعة لوزان ورئيسة قسم الغدد الصماء والسكري والاستقلاب (الأيض) في مركز مستشفى جامعة فود، لوزان، فود، سويسرا (CHUV).  تركز أبحاثها على نقص هرمون الـ GnRH الخلقي، وهو مرض نادر يتجلى في عدم البلوغ التلقائي.  يُعطى هؤلاء المرضى علاج هرمون  الـ GnRH عن طريق الحقن النابض [باستخدام مضخة محمولة] لإعادة إنتاج الإيقاع الطبيعي النابض لإفراز هذا الهرمون، وذلك للحث على تسريع البلوغ.

لذلك قرر الباحثون اختبار نجاعة العلاج بهرمون الـ GnRH، عن طريق الحقن النابض، لعلاج العجز في الوظائف المعرفية،والشمية في الفئران التي لديها التثالث الكروموسومي، باتباع بروتوكول مماثل لذلك المستخدم في البشر. بعد 15 يومًا، تمكن الفريق من إثبات استعادة الوظائف الشمية والمعرفية في الفئران.

علاج الـ GnRH عن طريق الحقن النبضي يحسّن الوظائف المعرفية والاتصالية العصبية في مجموعة صغيرة من المرضى

المرحلة التالية التي عمل عليها الباحثون والأطباء انطوت على تجربة سريرية تجريبية على المرضى لتقييم تأثيرات هذا العلاج.  سبعة رجال مشخصون بمتلازمة داون، تتراوح أعمارهم بين 20 و 50 عامًا، تلقوا جرعة واحدة من هرمون الـ GnRH تحت الجلد كل ساعتين لمدة 6 أشهر عبر مضخة مثبتة على الذراع.  أجريت اختبارات على الوظائف المعرفية والشمية وكذلك فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي قبل وبعد العلاج.

ولكن لم يكن للعلاج تأثير في القدرة على الشم.  ارتبط هذا التحسن في الوظائف المعرفية بالتغيرات في الاتصالية الوظيفية كما لوحظ في تصوير الدماغ الذي أجراه قسم CHUV  لعلوم الأعصاب السريرية.

تشير هذه البيانات إلى أن العلاج يعمل على الدماغ من خلال تقوية التواصل بين مناطق معينة من القشرة الدماغية.

يوضح بريفڤوت: “يبدو أن الحفاظ على نظام هرمون الـ GnRH يلعب دورًا رئيسيًا في نضوج / بلوغ الدماغ والوظائف المعرفية”. وتضيف بيتلود: “في متلازمة داون، يبدو أن العلاج بهرمون GnRH باستخدام الحقن النبضي واعدًا، لا سيما أنه علاج متوفر وليس له آثار جانبية كبيرة”.

تبرر هذه النتائج الواعدة الآن إطلاق دراسة أكبر – مع إدراج نساء فيها – لتأكيد نجاعة هذا العلاج لدى الذين يعانون من متلازمة داون ، ولكن أيضًا لحالات التنكس العصبي الأخرى مثل مرض الزهايمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى